قصة قصيدة وليل كأن الصبح في أخرياته

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة وليل كأن الصبح في أخرياته

أمّا عن مناسبة قصيدة “وليل كأن الصبح في أخرياته” فيروى بأنه في يوم من الأيام خرج راع بأغنامه، لكي ترعى، وبعد أن أكملت الأغنام رعيها، وأتى المساء، عاد الراعي بالأغنام إلى الحضيرة التي يضعها بها، وأدخلها إليها، وبعد أن دخلت جميع الأغنام إلى الحضيرة، قام الراعي بإغلاق باب الحضيرة بإحكام، وتوجه إلى بيته، ونام، وبعد أن انتصف الليل أتت الذئاب إلى الحضيرة، وكانت هذه الذئاب جائعة جوعًا شديدًا، ولكنهم وجدوا باب الحضيرة مغلق، فحاولوا بشتى الطرق أن يصلوا إلى الأغنام، ولكنهم لم يستطيعوا، وبعد أن يئسوا من المحاولة، فكروا بطريقة لكي يقوموا بتحرير الأغنام من الحضيرة.

وفي تلك اللحظة تمكنوا من الوصول إلى فكرة، ألا وهي أن يقوموا بإقامة مظاهرة أمام بيت الراعي، ويقوموا بالهتاف مطالبين بالحرية للأغنام، فقاموا بذلك، ونظموا مظاهرة، وأخذوا يطوفون أمام بيت الراعي، وبدأوا يصرخون مطالبين بالحرية لهذه الأغنام، وعندما سمعت الأغنام الهتافات التي ترددها الذئاب، وبأنهم يطالبون بحريتهم، تأثروا بهم، وأرادوا أن ينضموا إليهم، فبدأوا يضربون أبواب الحضيرة وجدرانها، حتى تمكنوا من فتحها والخروج.

وبعد أن خرجت الأغنام من الحضيرة هربت إلى الصحراء، فقامت الذئاب باللحاق بها، والراعي يصرخ عليهم، وينادي عليهم، ويلقي عصاه عليهم لكي يبتعدوا عنهم، ولكن كل هذا كان بلا فائدة، وعندما أدركت الذئاب الأغنام في الصحراء، وكانوا بلا راع ولا حارس، قاموا بأكلهم جميعًا، وعندما أتى الراعي في صباح اليوم التالي إلى المكان الذي هربت إليه الأغنام، لم يجد منها شيئًا سوى أشلاء ممزقة، وعظامًا ملطخة بالدماء، وفي هذا المعنى أنشد البحتري:

وَلَيلٍ كَأَنَّ الصُبحَ في أُخرَياتِهِ
حُشاشَةُ نَصلٍ ضَمَّ إِفرِندَهُ غِمدُ

تَسَربَلتُهُ وَالذِئبُ وَسنانُ هاجِعٌ
بِعَينِ اِبنِ لَيلٍ ما لَهُ بِالكَرى عَهدُ

أُثيرَ القَطا الكُدرِيَّ عَن جَثَماتِهِ
وَتَألَفُني فيهِ الثَعالِبُ وَالرُبدُ

وَأَطلَسَ مِلءِ العَينِ يَحمِلُ زَورَهُ
وَأَضلاعَهُ مِن جانِبَيهِ شَوى نَهدُ

لَهُ ذَنَبٌ مِثلُ الرَشاءِ يَجُرُّهُ
وَمَتنٌ كَمَتنِ القَوسِ أَعوَجَ مُنئَدُّ

طَواهُ الطَوى حَتّى اِستَمَرَّ مَريرُهُ
فَما فيهِ إِلّا العَظمُ وَالروحُ وَالجِلدُ

يُقَضقِضُ عُصلا في أَسِرَّتِها الرَدى
كَقَضقَضَةِ المَقرورِ أَرعَدَهُ البَردُ

سَما لي وَبي مِن شِدَّةِ الجوعِ ما بِهِ
بِبَيداءَ لَم تُحسَس بِها عيشَةٌ رَغدُ

كِلانا بِها ذِئبٌ يُحَدِّثُ نَفسَهُ
بِصاحِبِهِ وَالجَدُّ يُتعِسُهُ الجَدُّ

عَوى ثُمَّ أَقعى وَاِرتَجَزتُ فَهِجتُهُ
فَأَقبَلَ مِثلَ البَرقِ يَتبَعُهُ الرَعدُ

نبذة عن البحتري

هو  أبو عبادة الوليد بن عبيد بن يحيى التنوخي الطائي، أحد شعراء العصر العباسي، ولد في شمال حلب في سوريا، وتوفي فيها، وهو من أشعر أهل عصره.

المصدر: كتاب "مباهج الفكر و مناهج العبر" تأليف الوطواطكتاب "الشعر والشعراء" تأليف ابن قتيبة كتاب "العقد الفريد" تأليف ابن عبد ربه الأندلسي كتاب "البداية والنهاية" تأليف ابن كثير


شارك المقالة: