تناولت هذه القصة في مضمونها الحديث حول واحدة من المشرحات التي تُعنى بتشريح الجثث، والتي كانت محط أنظار فئات مختلفة من حول العالم؛ وذلك في محاولة من المسؤولين في تعرف الأشخاص على الجثث المجهولة.
قصة مشرحة باريس المروعة
في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة في العصور الوسطى في دولة فرنسا، حيث أنه في يوم من الأيام في إحدى المدن الفرنسية وعلى وجه التحديد في مدينة باريس كانت هناك مشكلة تواجه العديد من المسؤولين حول ما يجب أن يتم فعله مع مجموعة من الجثث التي لم يكن يتعرف عليها أحد، وقد وصفت بأنها جثث مجهولة، ومع مرور الوقت وبالتحديد في عهد لويس الرابع وبعد عناء من الجهد في التفكير بطريقة تم تأسيس فكرة تتضمن عرض الموتى؛ وذلك حتى يتم أصحاب تلك الجثث أو من ما تربطهم علاقة بهم التعرف عليهم.
وفي الربع الأول من القرن السابع عشر تم تحويل مكان أحد السجون والذي يعرف باسم سجن شاليط إلى إنشاء مشرحة؛ وذلك من أجل أن يتم استخدامه لوضع جثث الموتى الذين تم العثور عليهم في الطرقات والشوارع أو غرقى في البحار والمحيطات، وقد كانت الغالبية العظمى من تلك الجثث هي ما تم العثور عليها على إثر حوادث غرق.
وفي فترة من الفترات كان المسؤولون عن إدارة المشرحة هم نفسهم المسؤولين عن إدارة السجون، لم تكن لديهم أي فكرة عن الطرق التي يتم بها حفظ الموتى، وهذا الأمر كان يتسبب في إيجاد على مدار الوقت الجثث ملقاه على شكل أكوام على الأرض، وفي الكثير من الأحيان كانت تلك الجثث تتعفن، وهذا ما يتسبب في ضرورة استخدام أجهزة أبخرة للعديد من الزوار الذين يقدموا من أجل التعرف على ذويهم.
وفي يوم من الأيام وخلال اشتعال الثورة الفرنسية سقط ذلك السجن بيد مجموعة من المسؤولين وتم العمل على إغلاقه في التسعينات من القرن السابع عشر، وقد حدث ذلك قِبل أن يتم انضمام عدد من جثث سبعة من الحراس الذين سقطوا ضحايا أثناء عملية الاقتحام التي تمت على أحد السجون والذي يعرف باسم سجن الباستيل، وقد كانت حالة تلك الجثث مروعة ومرعبة للغاية.
ومع مرور الوقت وأصبح الوقت القرن الثامن عشر ازدادت مدينة باريس تحضراً، وذلك الأمر قد زاد من نسبة الهجرة إليها من كل حدب وصوب في هذا العالم، وهذه الهجرة قد ساهمت في ازدياد لعدد الجثث والتي كانت مجهولة بين المهاجرين، مما تسبب في ظهور المشكلة القديمة مرة أخرى من جديد وازدياد العبء على المسؤولين والإداريين في كيفية التعرف على أصحاب تلك الجثث، والتي كانت يوماً بعد يوم يتم العثور عليها في جميع شوارع مدينة باريس وفي أحد الأنهار القريبة والذي يعرف باسم نهر السين.
وكافة تلك الأمور تسببت في الإيعاز ببناء مكان يتم وضع الجثث فيه جديد بأمر من الحاكم في ذلك الوقت، ولكن في هذه المرة كان مكان المشرحة الجديدة في أحد المواقع القريبة من نهر السين؛ وذلك لأنه كان الغالبية العظمى من الجثث تكون ممن تعرضوا لحوادث غرق، وتم بناء أحد الأبنية الكلاسيكية في وسط أحد الأحياء الإدارية، وكان من المعالم الواضحة للغاية ويوجد على إحدى الطرق المزدحمة والقريب من واحد من مراكز الشرطة.
ولأن هذا المبنى الجديد لجثث الموتى كان قد بني على حال أفضل مما كان عليه المبنى السابق، فقد جذب الألاف من الزوار من جميع أنحاء العالم، ولكنه على الرغم من كل ذلك لا يزال يعاني من العديد المشاكل والعوائق؛ وذلك لأنه لم يكن هناك أي مدخل خاص من أجل القيام بإدخال الجثث في مكان بعيد عن المداخل التي يرتادها الزوار، وذلك المدخل كان مليء برائحة المواد الكيماوية رهيبة، وكذلك بالجرذان والفئران.
وبعد مرور فترة طويلة وتغيير الحكم في تلك المدينة قرر الحاكم الجدي إجراء بعض التطورات على المدينة، وأول ما قام به هو هدم المشرحة وبناء وحدة جديدة تتميز بمميزات أفضل حالًا من المشرحة السابقة، وقد تم بناء تلك المشرحة خلف كاتدرائية نوتردام، وكانت المشرحة الجديدة أكبر مساحة من القديمة، كما أنه تم تزويدها بمجموعة من المرافق الأكثر تطوراً وحداثةً، وتحتوي تلك المشرحة على غرف للتشريح وغرف خاصة للموظفين وأماكن مخصصة للمغاسل والملابس والأكثر من ذلك مدخل خلفي للجثث.
وفي تلك الفترة تم السماح إلى استخدام نظام التصوير الفوتوغرافي من أجل القيام بعرض الجثث عوضاً من القيام بعرضها بطريقة مباشرة، وبعد فترة وجيزة تم إدخال واحدة من التقنيات الحديثة التي تُعنى بالتبريد داخل المشرحة، وعلى الرغم من كافة تلك التطورات التي حدثت على المشرحة بقيت زيارة المشرحة مرتبطة في ذهن العامة بالتسلية وكسر الملل، كما كانت الصحافة المحلية تغذي هذا الأمر وتزيد من حدته، وذلك من خلال نشرها للعديد من قصص الانتحار وجرائم القتل والمآسي الإنسانية التي كانت مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالمشرحة.
فقد كان من يقدم لزيارة المشرحة في فترة من الفترات يشاهد مناظر عجيبة من الدراما اليومية، وقد كان جثة الجسد المعروض هي أحد الأسباب التي يتم الاحتفال بها، حتى أن الزوار كانوا يضطرون للانتظار عدة ساعات حتى يتمكنوا من الدخول لمشاهدة تلك المناظر المرعبة والمخيفة، وخلال اليوم الواحد كان يأتي عشرات لآلاف من مختلف الفئات رجال ونساء وأطفال لمشاهدة مناظر الجثث، وعلى وجه التحديد تلك الجثث التي كانت مرتبطة بجرائم وأحداث عامة.
فعلى سبيل المثال كان في بعض الأحداث يكون هناك رجل قام بقتل حبيبته باستخدام سكين وقطع جثتها إلى جزأين ونقلها إلى نهر السين من خلال حزمتين، ومن ضمن الحالات كذلك كان هناك فتاة تبلغ السنة والنصف من عمرها عثر عليها متوفية أسفل درج أحد المنازل، وكلتا الحالتين تمت تغطيهما من الناحية الإعلامية بدرجة واسعة، وهذا الأمر جذب آلاف الزوار إلى المشرحة من أجل مشاهدة الجثث والتكهن حول ظروف موتهم.
وفي النهاية على الرغم من بشاعة الفكرة في وجود مثل تلك الأماكن، إلا أنها كانت أكثر من مجرد مكان لعرض الجثث، حيث أنها ساهمت إلى حد كبير في إدخال العديد من التقنيات الحديثة مثل تقنية التصوير الفوتوغرافي إلى الطب الشرعي وإدخال نظام التبريد والتركيز أكثر على عمليات التشريح، وتطوير أساليب الشرطة في مراكز البحث الجنائي.
وأخيرًا تم إصدار بإغلاق تلك المشرحة بالكامل وإلى الأبد؛ وقد برر ذلك في المخاوف من عدم النظافة، وبالإضافة إلى وجوب الاهتمام بالقضايا الأخلاقية والتحفظ عليها، من أجل أن يتم ومنح المشرحة طابع مهني وعملي جاد أكثر من مجرد مكان للتسلية وكسر الروتين في الحياة، وأيضًا بسبب التغيرات الجذرية التي حدثت في المجتمع بعد الثورة الصناعية، وتم استبدالها بمعهد الطب الشرعي، ولكن بالرغم من ذلك لا يمكن نسيان التاريخ المروع لتلك المشرحة.
العبرة من هذه القصة هي أنه للموت حرمة لا يجوز لأي إنسان على وجه الأرض أن يتجاوز تلك الحرمة ويقوم بنقل الجثث وعرضها كمشاهد لكل من رغب في رؤية مثل تلك المناظر.
