قصيدة - ألستم خير من ركب المطايا

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة “ألستم خير من ركب المطايا”

أفضل بيت شعر في المدح والفخر والتشبيه

أمَّا عن قصة قصيدة “ألستم خير من ركب المطايا” يروى أن أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان في يوم قد صنع وليمة كبيرة فيها الطعام الطيب، ودعا الناس عليها لكي يأكلوا منها ما طاب لهم، فقال بعض الناس ما رأيت أطيب من هذا الطعام، ولا أظن أحدًا أكل مثل هذا الطعام، فقال أعرابي: أنا لم أرَ بكثر هذا الطعام ولكن أكلت أطيب منه، فسمع عبد الملك بهذا الحديث ثم أشار إليه واقترب منه.

فقال له عبد الملك بن مروان: هل أنتَ تقول الحقيقة؟ فرد عليه الأعرابي: نعم! يا أمير المؤمنين، بينا كنت أنا وعائلتي في مكان مهجور لا يوجد به أحد سوانا، وبينما كانت هناك نخلةً لم أرَ مثلها، بمقامها الخفيف وأيضاً لم أرَ مثل ثمارها ولا أحلى منها.

وكانت أنثى حمار وحشي قد اعتادت على تلك النخلة، فتأكل منها حتى كادت أن تنهي ما عليها، فأتيت بقوسي وأسهمي وانطلقت إلى تلك النخلة، وظننت أنَّني سوف أعود في خلال ساعة، ولكنّي مكثت يومًا وليلة، حتى إذا أتى الصباح، فأقبلت ورميتها بسهمي فأصبتها، ثم أتيتها فسلخت عنها جلدها، وقطعت لحمها، وجمعت الحطب، وأشعلت النار، ووضعت لحمها على النار، وبينما كان اللحم على النار غلبني النعاس فنمت، فلم يوقظني إلّا حرُّ الشمس، وعندما استيقظت أتيت على اللحم، وألقيت عليه من رطب تلك النخلة، وبعد أن نضجت، أقبلت أتناول اللحمة والشحمة والتمرة.

فقال له عبدالملك بن مروان: إنّ الطعام الذي أكلته حقًا طيبًا، فمن أنت؟ فقال الرجل: أنا من أخوالك بني عذرة، فقال له عبد الملك: أولئك أفصح العرب، فهل تعرف بالشعر، فقال له الرجل: اسألني عما تريد يا أمير المؤمنين، فقال له عبد الملك: أي بيت أمدح ما قالت العرب؟ فقال الرجل: قول الشاعر:

أَلَسْتُمْ خَيْرَ مَنْ رَكِبَ المَطايا
وَأَنْدَى العالَمِيْنَ بطونَ راحِ؟

وقد كان جرير من الحاضرين، فرفع رأسه وتحرك من مكانه، فقال عبد الملك: وأي بيت أفخر ما قال العرب؟ فقال الرجل:

إذا غضِبْتْ عليْكَ بَنو تَميمٍ
وَجَدْتَ النّاسَ كلَّهُمُ غِضَابَا

فزاد جرير من حركته، ثم قال عبد الملك: وأي بيت أحسن تشبيهًا فيما قالت العرب؟ فقال الرجل:

سَرَى لَهُمُ لَيلٌ كأَنَّ نجُومَهُ
قَناديلُ فيهنّ الذُّبالُ المُفتَّلُ

فقال جرير: أصلح الله شأنك يا أمير المؤمنين، إنّ جائزتي لأخي عذرة، فقال عبد الملك بن مروان: ومثلها مني، وكانت جائزة جرير أربعة آلاف درهم ومعها أيضا مجموعة من أفخر الثياب من كسوة، فخرج الأعرابي من عندهم وفي إحدى يديه ثمانية آلاف درهم وفي اليد الأخرى رزمة من الثياب.

أعجب عبد الملك بن مروان بذكاء الأعرابي وثقافته، فكافأه على قصته، وبات جريرًا في حيرة من أمره.


شارك المقالة: