قصيدة - إن تتهمي فتهامة وطني

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة “إن تتهمي فتهامة وطني”:

وراء كل قصيدة في الشعر العربي حكاية مؤثرة، وهذه القصيدة التي تسمى “باليتيمة”، قد سميت بهذا الاسم؛ لأنّ قائلها غير معروف والبعض قد نسبها للشاعر دوقلة المنبجي، وهذا الشاعر مجهول لا يُعرف له إلّا هذه القصيدة، الكثير من الشعراء العرب قد نسبها لنفسه لما فيها من جمال حتى يقال فترة من الفترات بلغ من نسبها إلى نفسه قرابة الأربعين شاعراً، وهذه القصيدة من القصائد الجاهلية.

وأمَّا عن قصة قصيدة “إن تتهمي فتهامة وطني” فإنّه يروى أنّ فتاة من أميرات نجد تدعى دعد، كانت على قدر كبير من الجمال والذكاء والمعرفة في أشعار العرب والبلاغة، فخطبها الكثير من أمراء العرب، لكن هي ترفض أن تتزوج إلّا من شاعر يكتب بها قصيدة لم تسمع العرب بمثلها من قبل، فتهافت الكثير من الشعراء عليها فلم يعجبها شيء من هذه القصائد ثم شاع ذكرها بين الناس فبدأ الشعراء يتهافتون ويكثرون على باب قصرها، ومن هؤلاء الشعراء شاعر من تهامة أعد قصيدة في غاية الجمال وجاءها من بعيد.

وفي الطريق صادف شاعرًا من شعراء العرب متوجه إلى دعد لنفس السبب، فتصادقوا في الطريق وقرأ التهامي عليه قصيدته وقد أعجب بها هذا الشاعر كثيرًا جدًا، وعلم أنّه إذا أخذها سيضفر بالزواج من دعد، فطلب منه أن يكررها فأعادها عليه مرارًا وتكرارًا حتى حفظها، وعندما حلّ الليل ونام التهامي، قام هذا الشاعر وقتله وذهب بهذه القصيدة إلى هذه الأميرة.

قدم هذا الشاعر إلى قصر دعد وجلس عند الأميرة، وأنشد هذه القصيدة التي سرقها وقتل صاحبها، من لهجته عرفت الأميرة أنّه من مكان معين بالجزيرة العربية فلمّا وصل إلى قوله:

إِن تُتهِمي فَتَهامَةٌ وَطني
أَو تُنجِدي يكنِ الهَوى نَجدُ

وهنا الأميرة دعد أدركت أنّه ليس بتهامي وليس هو من هذه القصيدة، ثم صاحت بأبيها وإخوتها، وقالت: “اقتلوا من قتل زوجي”، فقبضوا عليه، واعترف بقتله لقائل هذه القصيدة ثم قتلوه، وفي رواية أخرى أنّ الأميرة دعد طلبت منه أن يضيف بيت من الشعر ولم يستطع فقتل.

الأميرة رشحت هذه القصيدة للفوز لذلك قالت: “اقتلو من قتل زوجي” لأنّه لو سلم من القتل لتزوجها.

نص قصيدة “إن تتهمي فتهامة وطني”:

هل بالطلول لسائل ردُّ
أم هل لها بتكلم عهدُ

درس الجديدُ جديد معهدها
فكأنما هي رَيْطَةٌ جرد

لهفي على دعد وما خُلِقتْ
إلا لطول تلهفي دعدُ

بَيضاء قد لبس الأَديمُ أديم
الحُسن فهو لجلدها جِلدُ

ضافي الغدائر فاجم جعد
فالوجه مثل الصبح مبيض

والشعر مثل الليل مسود
ضدان لما استجمعا حسنا

والضد يظهر حسنه الضد
وكأنها وسنى إذا نظرت

أو مدنف لما يفق بعد
بفتور عين ما بها رمد

وتريك عرنينا به شمم

أقنى وخدا لونه ورد

وتجيل مسواك الأراك على

رتل كأن رضابه شهد

والجيد منها جيد جازئة

تعطو إذا ما طالها المرد

وكأنما سقيت ترائبها

والنحر ماء الورد إذ تبدو

والمعصمان فما يرى لهما

من نعمة وبضاضة زند

ولها بنان لو أردت له

عقدا بكفك أمكن العقد

ما شانها طول ولا قصر

في خلقها فقوامها قصد

إن لم يكن وصل لديك لنا

يشفي الصبابة فليكن وعد

لله أشواقي إذا نزحتْ

دار بنا ونأى بكم بعد

المصدر: كتاب "الشعر والشعراء" تأليف إبن قتيبةكتاب "الأغاني" تأليف أبو فرج الأصفهانيكتاب "موسوعة شعراء العصر الجاهلي " تأليف عبد عون الروضانكتاب "في الشعر الجاهلي" تأليف طه حسين


شارك المقالة: