قصيدة - باد هواك صبرت أم لم تصبرا

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة “باد هواك صبرت أم لم تصبرا”:

أمّا عن مناسبة قصيدة “باد هواك صبرت أم لم تصبرا” فيروى بأن أبو الطيب المتنبي توجه من بغداد إلفى بلاد فارس يريد لقاء أبو الفضل ابن العميد، وقد أخذ طريق الأهواز إلى هنالك، وعندما اقترب من المدينة التي يعيش بها أبو الفضل وهي مدينة أرجان، ونظر إليها وجدها مدينة صغيرة، بيوتها ومساكنها ضيقة، فقام بضرب يده على صدره، وقال: أنا من تركت ملوك الأرض يطلبون رضاي، انتهي إلى مدينة كهذه، ووقف على باب المدينة، وقام بإرسال أحد غلمانه على راحلته إلى أبي الفضل، وعندما وصله الغلام، دخل عليه، وقال له: إنّ مولاي أبو الطيب على أسوار المدينة، فقام أبو الفضل من فوره من مضجعه، وطلب حاجبه، وأمره بالخروج لاستقبال المتنبي، فركب الغلام وأركب كل من لقيه بطريقه، وتوجهوا لاستقبال المتنبي، وعندما وصلوه قضوه حقه وأدخلوه المدينة، وعندما وصل أبو الطيب بيت ابن العميد، دخل إلى مجلسه، فقام له أبو الفضل ووضع له كرسي، فجلس أبو الطيب، فقال له أبو الفضل: لقد كنت مشتاقًا لك يا أبا الطيب.

وقام أبو الفضل بإفراد بيت للمتنبي، فنزل فيها أبو الطيب، وكان يأتي مجلس أبو الفضل كل يوم، فيأكلون سويًا، وقد كان أبو الفضل وزير عضد الدولة، وكان حاقدًا على أبي الطيب المتنبي لأنّه لم يكن قد مدحه فيما سبق، وكان أشد ما كان يريد أن يذكره المتنبي، حتى أنّه في يوم قبل أن يزوره المتنبي دخل عليه أحد أصحابه، فوجده حزينًا، وظنّ أنّه حزين على أخته التي ماتت، فسأله قائلًا: ما بك؟، فقال له أبو الفضل: إنّ أمر أبو الطيب يغيظني، واجتهادي في أن يقوم بذكري، ولذلك لم يقم بإرسال دعوة لأبي الطيب، ولكنه عندما أتاه فرح فرحًا شديدًا، وطرب بمدحه، فقد كان ذلك أمنية من أمنياته، وبقي أبو الطيب المتنبي في بيت أبي الفضل ما يقارب الشهرين، وكان أبو الفضل يقرأ عليه ديوان اللغة الذي قام بجمعه، فتعجب أبو الطيب من حفظه، وغزارة علمه، ومدحه قائلًا:

بادٍ هَواكَ صَبَرتَ أَم لَم تَصبِرا
وَبُكاكَ إِن لَم يَجرِ دَمعُكَ أَو جَرى

كَم غَرَّ صَبرُكَ وَاِبتِسامُكَ صاحِباً
لَمّا رَآكَ وَفي الحَشى مالا يُرى

أَمَرَ الفُؤادُ لِسانَهُ وَجُفونَهُ
فَكَتَمنَهُ وَكَفى بِجِسمِكَ مُخبِرا

تَعِسَ المَهاري غَيرَ مَهرِيٍّ غَدا
بِمُصَوَّرٍ لَبِسَ الحَريرَ مُصَوَّرا

نافَستُ فيهِ صورَةً في سِترِهِ
لَو كُنتُها لَخَفيتُ حَتّى يَظهَرا

لا تَترَبِ الأَيدي المُقيمَةُ فَوقَهُ
كِسرى مُقامَ الحاجِبَينِ وَقَيصَرا

وقال فيه أيضًا:

جاءَ نَيروزُنا وَأَنتَ مُرادُه
وَوَرَت بِالَّذي أَرادَ زِنادُه

هَذِهِ النَظرَةُ الَّتي نالَها مِنـكَ
إِلى مِثلِها مِنَ الحَولِ زادُه

يَنثَني عَنكَ آخِرَ اليَومِ مِنهُ
ناظِرٌ أَنتَ طَرفُهُ وَرُقادُه

نَحنُ في أَرضِ فارِسٍ في سُرورٍ
ذا الصَباحُ الَّذي نَرى ميلادُه

عَظَّمَتهُ مَمالِكُ الفُرسِ حَتّى
كُلُّ أَيّامِ عامِهِ حُسّادُه

المصدر: كتاب "في عالم المتنبي" تأليف عبد العزيز الدمسوقيكتاب "مع المتنبي" للمؤلف طه حسينكتاب "الشعر في رحاب سيف الدولة الحمداني" للمؤلف د.سعود الجباركتاب "ديوان المتنبي" للمؤلف عبد الرحمن البرقوقي


شارك المقالة: