قصيدة - حييت أهل الدار كلهم

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة ” حييت أهل الدار كلهم “:

وأمّا عن مناسبة قصيدة ” حييت أهل الدار كلهم ” فيروى أنه في يوم من الأيام في أحد مدن العرب رأى أعرابي فتاة ضربت الأمثال في جمالها، فقد كانت فائقة الجمال، ووقع في هواها منذ اللحظة التي رآها فيها، فاقترب منها وكلمها ومال لها ومالت له وأحبَّا بعضهما بعضًا، فذهب لعند أبيها يطلبها للزواج، فوافق أباها وزوجهما في حفل شهدته كل المدينة وكان حفلًا عظيمًا، وبعد أن انتهت الأفراح، أخذها إلى بيته في مدينة غير مدينتها، وعاشا لبعض من الوقت في حب ووئام وكان عيشهم رخيًا وكانت في قمة سعادتها، وبينما هم في ذلك تعاهدا على أنّه إذا مات أحدهما فلا يتزوج الآخر أحدًا غيره، وفي يوم ومن دون سابق إنذار أو مرض هجم الموت على الرجل، وأخذه من بين يدي زوجته، فحزنت عليه حزنًا شديدًا، وصعبت عليها حياتها وسئمت من السعي في عيشها.

وقد بقيت الزوجة جميلة على قدر من الحسن والملاحة لم يفسدها الدهر وألم الفراق، فرأى أباها بأن يزوجها لمّا رأى عندها من حزن وألم، لعله بذلك يصلح حالها ويداوي قلبها المجروح، وأيضًا لأنّها مازالت فتية فلا بد لها من رجل يكون بجانبها ويحميها من غدرات الزمن فأباها ليس دائمًا لها، ومصيره بأن يموت ويتركها وحيدة، واستشارها في ذلك لعلها توافق ولكنّها رفضت ولم توافق على الزواج، فذهب الأب إلى عمّاتها لعلهنّ يقنعنها بذلك، وبعد إلحاح من عمَّاتها وأبيها على أن تتزوج طاوعتهم وقبلت بذلك.

وأتاها رجل ذا جاه وتقدم لطلبها من أبيها، فوافق عليه ووافقت هي عليه، وأتى يوم الزواج فقامت النساء بتزيينها وهيئنها لزوجها، وبعد أن أكملت زينتها غفت لبرهة من الوقت، ورأت في المنام زوجها الذي مات وهو يطرق عليها الباب، وكان غاضبًا منها أشد الغضب وقال لها: ما أسرع ما نسيتي وعدي يا زوجتي، ثم أنشد هذه الأبيات عليها، وقال:

حييت أهل الدار كلهم
إلّا الرّباب فلا أحييها

غدت عروساً لبعلها زبنت
وفي القبور مثوى لساكنيها

فأفاقت الزوجة من الفزع، وقالت والله لن أتزوج غيره أبدًا، وعدلت عن الزواج، فلم يكن من أبيها إلّا أن وافقها على ما تريد.

المصدر: كتاب "الشعر والشعراء" تأليف إبن قتيبةكتاب "الليل في الشعر الجاهلي" تأليف: نوال مصطفىكتاب " في الشعر الجاهلي " تأليف: طه حسينكتاب " تعدد الرواية في الشعر الجاهلي " تأليف: أيمن بكر


شارك المقالة: