ما هي فلسفة التعليم وأبرز الفلاسفة؟

اقرأ في هذا المقال


فلسفة التعليم والتفكير الفلسفي في طبيعة التعليم وأهدافه ومشكلاته، وفلسفة التعليم هي مزدوجة الوجه حيث تتطلع إلى الداخل إلى الإنضباط الأبوي للفلسفة وإلى الخارج إلى الممارسة التعليمية، وفي هذا الصدد فهو مثل المجالات الأخرى للفلسفة “التطبيقية” أي مثل فلسفة القانون وفلسفة العلم وفلسفة الطب بما في ذلك أخلاقيات علم الأحياء.

أسس فلسفة التعليم:

يتطلب هذا التركيز المزدوج العمل على جانبي الفلسفة التقليدية، وقد قسّم بين النظرية والتطبيق مع الأخذ في الاعتبار كل من القضايا الفلسفية الأساسية على سبيل المثال طبيعة المعرفة والقضايا الأكثر تحديدًا الناشئة عن الممارسة التعليمية فعلى سبيل المثال الرغبة في إجراء اختبار معياري.

في هذه القضايا العملية بدورها لها آثار على مجموعة متنوعة من المشاكل الفلسفية طويلة الأمد في نظرية المعرفة والميتافيزيقا والأخلاق والفلسفة السياسية، وفي معالجة هذه القضايا والمشكلات العديدة، حيث يسعى فيلسوف التربية والتعليم إلى الوضوح المفاهيمي والدقة الجدلية والتقييم المستنير.

الشخصيات التاريخية الرئيسية في فلسفة التعليم:

يعد تاريخ فلسفة التعليم مصدرًا مهمًا للإهتمامات والقضايا كما هو الحال بالنسبة لتاريخ التعليم نفسه، ولوضع جدول الأعمال الفكري لفلاسفة التعليم المعاصرين في نفس القدر من الأهمية هو مجموعة الأساليب المعاصرة للموضوع، على الرغم من أنّه ليس من الممكن هنا إجراء مراجعة منهجية لهذا التاريخ أو تلك الأساليب المعاصرة، ويتم تقديم رسومات مختصرة للعديد من الشخصيات الرئيسية بعد ذلك.

سقراط وفلسفة التعليم:

بدأ التقليد الفلسفي الغربي في اليونان القديمة وبدأت فلسفة التعليم به، حيث طورت الشخصيات التاريخية الرئيسية وجهات نظر فلسفية عن التعليم، التي كانت جزءًا لا يتجزأ من نظرياتهم الميتافيزيقية والمعرفية والأخلاقية والسياسية الأوسع، حيث بدأ تقديم سقراط لـ “الطريقة السقراطية” في الإستجواب وذلك تقليدًا كان ولا يزال فيه التفكير والبحث عن الأسباب التي قد تبرر المعتقدات والأحكام والأفعال.

أدى هذا التساؤل بدوره في النهاية إلى ظهور وجهة نظر مفادها أنّ التعليم يجب أن يشجع جميع الطلاب والأشخاص إلى أقصى حد ممكن على السعي وراء حياة العقل، وهذه النظرة إلى المكانة المركزية للعقل في التعليم تمت مشاركتها من قبل معظم الشخصيات الرئيسية في تاريخ فلسفة التعليم على الرغم من الاختلافات الجوهرية في وجهات نظرهم الفلسفية الأخرى.

أفلاطون وفلسفة التعليم:

أيّد أفلاطون الذي كان طالب سقراط هذا الرأي ورأى أنّ المهمة الأساسية للتعليم هي مساعدة الطلاب على تقدير المنطق وأن يكونوا منطقيين وهو الأمر بالنسبة له الذي ينطوي على تقدير الحكمة فوق المتعة والشرف وغير ذلك من المساعي الأقل قيمة، ففي حواره جمهورية وضع رؤية للتعليم حيث تتلقى مجموعات مختلفة من الطلاب أنواعًا مختلفة من التعليم، اعتمادًا على قدراتهم واهتماماتهم ومحطاتهم في الحياة، ولقد رأى الكثيرون أنّ رؤيته الطوباوية هي مقدمة لما أصبح يسمى “الفرز التربوي”.

بعد آلاف السنين جادل الفيلسوف البراغماتي الأمريكي جون ديوي (1859-1952) بأنّ التعليم يجب أن يكون مفصلاً للطفل الفردي على الرغم من رفضه لتصنيف أفلاطون الهرمي للطلاب إلى فئات.

أرسطو وفلسفة التعليم:

كما اتخذ أرسطو والذي كان تلميذ أفلاطون الهدف الأسمى للتعليم ليكون تعزيز الحكم الصائب أو الحكمة، ولكنه كان أكثر تفاؤلاً من أفلاطون بشأن قدرة الطالب النموذجي على تحقيق ذلك، كما أكد على تعزيز الفضيلة الأخلاقية وتنمية الشخصية، وإن تركيزه على الفضيلة وإصراره على أنّ الفضائل تتطور في سياق الممارسة الموجهة من المجتمع، وأنّ حقوق ومصالح المواطنين الأفراد لا تفوق دائمًا حقوق ومصالح المجتمع، وتنعكس في الإهتمام المعاصر بـ “نظرية الفضيلة” في الأخلاق و “الشيوعية” في الفلسفة السياسية.

جان جاك روسو وفلسفة التعليم:


من المعروف أنّ جان جاك روسو (1712-1778) أصرّ على أنّ التعليم الرسمي مثل المجتمع نفسه مفسد لا محالة، حيث جادل بأنّ التعليم يجب أن يتيح التطور “الطبيعي” و “المجاني” للأطفال، وهي وجهة نظر أدت في النهاية إلى الحركة الحديثة المعروفة باسم “التعليم المفتوح”.

جون ديوي وفلسفة التعليم:

تنعكس هذه الأفكار في بعض النواحي في “التقدمية” في القرن العشرين، وهي حركة غالبًا ولكن ليس دائمًا بدقة مرتبطة بديوي Dewey، وعلى عكس أفلاطون وصف روسو أيضًا تعليمًا متميزًا بشكل أساسي للبنين والبنات، وبذلك أثار قضايا تتعلق بالنوع الإجتماعي ومكانته في التعليم والتي تعتبر ذات أهمية مركزية اليوم، حيث أكد ديوي على المركزية التعليمية للتجربة واعتبر أنّ التجربة تعليمية حقًا فقط عندما تؤدي إلى “النمو”.

لكن الفكرة القائلة بأنّ هدف التعليم هو النمو حيث ثبت أنّها إشكالية ومثيرة للجدل، وحتى معنى الشعار غير واضح، وأكد ديوي أيضًا على أهمية اهتمامات الطالب الخاصة في تحديد الأنشطة التعليمية المناسبة والغايات في العرض، وفي هذا الصدد يُنظر إليه عادةً على أنّه مؤيد للتعليم “المتمركز حول الطفل”، على الرغم من أنّه شدد أيضًا على أهمية فهم الطلاب للموضوع التقليدي.

في حين أنّ موضوعات ديويان هذه تذكرنا بقوة بروسو التي وضعها ديوي في سياق أكثر تعقيدًا، وإن كان مثيرًا للجدل من الناحية الفلسفية، وشدد على الأهمية المركزية للتعليم بالنسبة لصحة المؤسسات الديمقراطية والاجتماعية والسياسية وطور آرائه التربوية والسياسية من أساس الميتافيزيقيا المنهجية ونظرية المعرفة.

فلاسفة آخرون في فلسفة التعليم:

بالطبع يتضمن تاريخ فلسفة التعليم شخصيات أكثر بكثير من سقراط وأفلاطون وأرسطو وروسو وديوي، وكفلاسفة رئيسيون آخرون بما في ذلك توماس أكويناس وأوغسطين وتوماس هوبز ورينيه ديكارت وجون لوك وديفيد هيوم وإيمانويل كانط وجون ستيوارت ميل وكارل ماركس وبرتراند راسل.

وقدم بيترز في بريطانيا وإسرائيل وكذلك شيفلر في الولايات المتحدة مساهمات كبيرة في الفكر التربوي، وتجدر الإشارة مرة أخرى إلى أنّ جميع هذه الشخصيات تقريبًا على الرغم من اختلافاتهم الفلسفية العديدة ومع اختلاف المؤهلات والاختلافات في التركيز تتخذ الهدف الأساسي للتعليم هو تعزيز العقلانية، ولم يحظ أي هدف مقترح آخر للتعليم بالتأييد الإيجابي للعديد من الفلاسفة المهمين تاريخيًا، على الرغم من أنّه قد تعرض هذا الهدف لمزيد من التدقيق في العقود الأخيرة.

المصدر: لماذا العلم، روجر جي، نيوتن، الطبعة الأولى 2015.فلسفة العلم، فيليب فرانك، الطبعة الأولى 1983، المؤسسة العربية للدراسات والنشر.تحميل كتاب العلم :دلالاته وتصنيفاته من منظور فلسفي، تأليف أ.د. محمود محمد، 2015، الإسكندرية.العلم الجذل، تأليف فريدريك نيتشه، ترجمة د. سعاد حرب، دار المنتخب العربي للدراساتوالنشر والتوزيع.العلم والفلسفة الأوروبية الحديثة من كوبرنيق إلى هيوم، د.أيوب أبو دية، الطبعة الأولى 2009، دار الفارابي.


شارك المقالة: