ملخص رواية ملحمة الحرافيش لنجيب محفوظ

اقرأ في هذا المقال


رواية ملحمة الحرافيش

رواية ملحمة الحرافيش هي من الروايات الجميلة التي قدمها لنا الأديب والمفكر المصري نجيب محفوظ في عام ألف وتسعمائة وسبعة وسبعين، حيث أن هذه الرواية تعتبر من أكثر الروايات وأجملها والتي ركزت على طرح موضوع الصراع الدائم ما بين الخير والشر والحق والظلم والعدل والمساواة وكثير من متناقضات الحياة، حيث تمكن محفوظ من خلالها ومن خلال العشرة قصص التي تضمنتها أن ينقلنا إلى حقيقة متأصلة في قلوب كل الخيرين من البشر وهي أن الحق لا بدّ أن ينتصر في النهاية وإن تأخر وقته، وأن الظلم وإن دام فترة طويلة فلا بدّ له أن يأتي يوم وأن ينتهي ويندثر، ويذكر أن هذه الرواية تم إعادة طباعتها ونشرها من قبل مؤسسة الهنداوي التي تتخذ من مدينة القاهرة مقرا ومركزا لها في عام 2022.

المواضيع التي تضمنتها الرواية

  • عاشور الناجي
  • شمس الدين
  • الحب والقضبان
  • المطارَد
  • قُرة عيني
  • شهد الملكه
  • جلال صاحب الجلالة
  • الأشباح
  • سارق النغمة
  • التوت والنبوت

ملخص الرواية

تعتبر هذه الرواية من أهم وأفضل روايات الأديب المصري نجيب محفوظ، حيث أنها من أكثر الروايات التي قامت بالعمل على نقل وتجسيد دور كل من الشر والخير والعدل والظلم والباطل والحق وكل متناقضات الحياة، فتناول فيها محفوظ مجموعة من القصص بلغ مجموعها عشرة قصص نقلت لنا تلك الأحداث التي دارت أحداثها في تلك الحارة الصغيرة والتي في المطلق يمكننا أن نعمم ما جاءت به على الحياة بأسرها، ففي كل حكاية من هذه الحكايات العشرة تتحدث عن جيلا معينا في فترة معينة من هؤلاء الحرافيش في تلك الحارة الصغيرة، فيصور من خلالها الحياة بكل تفاصيلها وتقلباتها ومجرياتها واحداثها المتوقعة والغير متوقعة.

فمثلا نجد أن الحكاية الأولى والتي تتحدث عن عاشور الناجي، هذا الشخص الذي يصارع كثيرا من الأحلام التي تؤرق ليله ونهاره، حيث أنه في إحدى الليالي وعيناه تبحثان عن النوم يشاهد حلما مزعجا ومخيفا، هذا الحلم الذي كان عبارة عن كابوس مفاده أن هنالك مرضا ووباءً عظيما سوف يجتاح مدينة القاهرة، فلا يبقى أحد دون أن يصرعه هذا الوباء، ولذلك قرر أن يترك هو وزوجته وأولاده المدينة والذهاب للعيش في الصحراء، وبعد مدة من الزمن والغياب يعود إلى حارته ومدينته، فيجدها وقد دمرها وأفنانها ذلك الوباء، وبعدها يقرر أن يبدأ بالعمل على إعادة ترميم وتأسيس هذه الحارة من جديد لكي تعود كما كانت عليه.

عندما يبدأ عاشور بالعمل على إصلاح حارته بعد ذلك الوباء الذي دمرها يقوم بإعادة تقسيم الثروة والأموال ما بين أفراد حارته، وعندها يتم تنصيبه ليكون زعيما عليها، وهنا يكون شديد الحرص على العدل ما بين الناس، كما يقوم بحماية كل الضعفاء ويكون سندا وعونا لهم في كل مشاكلهم التي يواجهونها، كما أنه أكثر ما يكون ملتزما بالدين والتدين والزهد، كل ذلك من أجل عدم الاغترار والتباهي بالسلطة والمنصب الذي أصبح عليه، وبعدها تتابع وتتوالى قصص الصراع ما بين العدل والظلم والحق والباطل، إلى أن يأتي أحد أحفاد السيد عاشور الناجي، وهو ذلك الحفيد الذي يعمل على إعادة الاقتداء بسيرة جده الأكبر في إرساء قواعد العدل والمساواة ونبذ الظلم والوقوف مع الحق دون أن يهاب أو أن يخاف من أي شيء.

إذن هذه الرواية من الروايات التي تنقل أحداثاً حدثت في إحدى الحارات المصرية القديمة، فكما تبحث عن إحقاق العدل ونبذ الظلم والتجبر فإنها أيضا تبحث في إحدى قصصها عن الميل نحو الوجودية والصراع ما بينها وبين من ينشد الخلود، ولكن النهاية دائما تكون للواقع الحتمي الذي تصير إليه كل المخلوقات وهو الموت والفناء والاندثار. كما تتحدث هذه الرواية في بعض قصصها عن مسألة تتابع الأجيال جيلا بعد جيل، وهو الأمر الذي يؤدي في بعض الأحيان إلى ضياع الأصول واختلاط الأنساب والعروق، كما تتطرق إحدى القصص للحديث عن الدين، حيث كان ذلك متمثلا في تلك الروح التي لم يتمكن ذلك الإنسان إخراجها من جسده بالرغم من تمرده عليها.

ومن بين قصص هذه الرواية تلك القصة التي تتحدث عن الحياة بكل ما فيها من تناقضات ومتضادات، فتتحدث عن كل القيم الحسنة التي يتبناها وينشدها من كان على الطريق السوي، كما تتحدث عن الخصال والصفات السيئة التي تكمن في نفوس بعض الأشخاص الذين يعانون من كثير من المشاكل، كما يتم التطرق في هذه الرواية إلى ذكر كثير من الأبيات من الشعر الفارسي، حيث أن الهدف من ذلك هو استخدامها كرمز للمجهول الذي تتوق وتهيم به أرواح كثير من البشر، وأما باقي قصص هذه الرواية فتتحدث عن الصراع الدائم ما بين الخير والشر والقوة والضعف والأمل واليأس والفرح والحزن وكثير من المتضادات والمتناقضات.

مؤلف الرواية

لقد رحل الأديب والمفكر المصري نجيب محفوظ عن عالمنا في الثلاثون من أغسطس من عام ألفين وستة، حيث ترك لنا إرثا فكريا وأدبيا ملئت به مكتبات الفكر والأدب العربي، فحياته التي كانت مليئة بالكثير من المتناقضات والأحداث السيئة والمفرحة تمكن أن ينقلها لنا بصورة إبداعية من خلال رواياته التي زادت عن خمسين رواية، وسيناريوهاته السينمائية التي تجاوزت العشرين سيناريو، وقصصه التي قاربت التسعة عشر قصة، فكانت بذلك كل أعماله قريبة ومفيدة للإنسان والمسيرة الفكرية المصرية والعربية.

أشهر الاقتباسات في الرواية

1- “ومن شدة حزنه استمع إلى أناشيد التكية بحب. معانيها المترنِّمة تختفي وراء ألفاظها الأعجمية كما يختفي أبواه وراء وجوه الغرباء. وربما عثر ذات يوم على امرأة أو رجل أو معنى، وربما فك ً ذات يوم رمزا، أو أرسل دمعةَ ًرضا، أو تجسدت إحدى رغائبه في مخلوق حنون. ويتأمل الحديقة بأشجارها الرشيقة الحانية”.

2- “خرج من القبو إلى الساحة. انفرد بأناشيد التكية والجدار العتيق والسماء المرصعة بالنجوم. جلس القرفصاء دافنًا وجهه بين ركبتَيه. منذ نيِّف ً وأربعين عاما تسلَّلت به أقدام خاطئة لتواري خطيئتها في ظلمة الممر. كيف وقعت تلك الخطيئة القديمة؟ أين؟ في أي ظروف؟ ألم يكن لها ضحيةٌ سواه؟ تخيَّل، إن استطعت”.

3- “وكانت محاكمة عاشور من الأحداث المستعصية على النسيان. شهدها جمع غفير من الحارة، وخفقت لها القلوب. لأول مرة تُحب الحارة وتعشق. ووقف عاشور في القفص مزهوا بحرارة القلوب من حوله. ولعل ِ القضاة أعجبوا بعملقته، وبصورة الأسد المرسومة في صفحة وجهه”.

المصدر: نجيب محفوظ، ملحمة الحرافيش، مؤسسة الهنداوي، القاهرة، 2022


شارك المقالة: