قصيدة أنا أبن الذي لا ينزل الدهر قدره

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة أنا أبن الذي لا ينزل الدهر قدره:

أمّا عن مناسبة قصيدة “أنا أبن الذي لا ينزل الدهر قدره” فيروى بأنّه كان في بغداد غلامان شديدا الذكاء والدهاء، وكانا يجيدان الشعر ويبرعان في الأدب، وكان أحدهما ابن حجام ” وهو من يذبح المواشي”، وكان الآخر ابن مراق ” وهو من يصنع الطعام“، وفي يوم خرج هذان الغلامان إلى المدينة، وبينما هما هنالك ثملا، ومن بعد أن ثملا خرجا يمشيان في شوارع المدينة، وبينما هما يمشيان صادفا جماعة من العسس، وعندما رأى العسس حال هذين الغلامين، أوقفوهما، واقتادوهما إلى رئيس العسس.

وعندما مثل هذان الغلامان بين يدي رئيس العسس، قال لهما: ما الذي أخرجكما في هذا الليل، وأنتما ثملان؟، فقالا له: قضاء الله وقدره، فقال لهما رئيس العسس: ومن أنتما؟، فقال له ابن المراق:

أنا أبن الذي لا تنزل الدهر قدره
وإنَّ نزلت يوما فسوف تعود

ترى الناس أفواجا إلى ضوء ناره
فمنهم قيام حولها وقعود

ومن ثم قال له ابن الحجام:

أنا ابن من ذلت الرقاب له
ما بين مخزومها وهاشمها

تأتيه طوعا إليه خاضعة
يأخذ من مالها ومن دمها

فقال رئيس العسس في نفسه: والله إنّ الأول لهو ابن أحد أكارم هذه المدينة، وإنّ الثاني لهو ابن واحد من الملوك، ومن ثم قال لمعاونه: أطلق سراح هذان الغلامان، فإنّه قد بلغنا عن رسول الله صل الله عليه وسلم بأنّه قد قال: اقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم، فقاموا بإطلاق سراحهما.

وعندما انصرف الغلامان، قام أحد الرجال بإخبار رئيس العسس عن هوية هذان الغلامان، وعن أبويهما، وعندها غضب رئيس العسس غضبًا شديدًا؛ لأنّه أحس بأنّ هذين الغلامين قد خدعاه، وعندما أتى الصباح قام باستدعائهما، وعندما حضرا، قال لهما: ويحكما، لقد قمتما بخداعي، فقالا له: لا والله لم نخدعك، وما خدعناك إلّا بما هو صفة والدينا، وعندما تأمل رئيس العسس كلامهما، ووجد أنّهما لم يقوما بالكذب عليه، قال لهما: انطلقا، من لم يكن منكما شريفاً فلقد كان ظريفًا، وقام بإطلاق سراحهما.

وهكذا كان دهاء وذكاء هذين الغلامين، بالإضافة إلى معرفتهما بالشعر وهو السبيل لكي يخرجا من المأزق الذي وقعا به.

المصدر: كتاب "الشعر والشعراء" تأليف ابن قتيبة كتاب "الأغاني" تأليف ابو فرج الاصفهاني كتاب "الشعر الجاهلي" تأليف شوقي ضيف كتاب "معجم أجمل ما كتب شعراء العربية" تأليف حامد كمال عبدالله حسين العربي


شارك المقالة: