نشأة الضرائب وتطورها في العصر الحديث

اقرأ في هذا المقال


نشأة الضرائب وتطورها في العصر الحديث:

شهدت الضرائب الجمركية عدة تطورات تشريعية في العصر الحديث، اعتمادًا على الأنظمة السياسية التي كانت موجودة في ذلك الوقت. ونشأت التشريعات الحديثة من زمن الحكم العثماني، تلتها مرحلة الحكم الوطني الملكي وغيرها، من وجهة النظر هذه ينقسم الموضوع إلى ثلاثة فروع: يتناول القسم الأول مرحلة الحكم العثماني، بينما تناول المبحث الثاني مرحلة الحكم الوطني الملكي يبحث القسم الثالث في مرحلة الحكومة الجمهورية والقانون الحالي.

مرحلة الحكم العثماني:

دخل العثمانيون العراق عام 1534 م بعد القضاء على القدس واستمر حكمهم حتى عام 1914؛ أي ما يقرب من أربعمائة عام، عندما استولى العثمانيون على العراق، لم يقدم العثمانيون قواعد مالية مختلفة عن تلك المطبقة في الفترات التي سبقت احتلالهم للعراق، ولذلك استمروا في تطبيق الضريبة على العشور خلال فترة الحكم العثماني، وجدنا عوائق أمام التجارة الخارجية، حيث فرضت الحكومة العثمانية ضرائب استيراد عالية.

لكن بمرور الوقت، وبسبب الضعف النسبي للإمبراطورية العثمانية، أدى ذلك إلى سقوطها تدريجياً في أيدي القوى العظمى في عام 1838 تم إبرام اتفاقيات تجارية مع بريطانيا والعديد من الدول الأوروبية تعهَّدت فيها الحكومة العثمانية بفرض ضريبة استيراد بنسبة 5% فقط، أما ضريبة التصدير فكانت تفرض بنسبة 12% من قيمة البضاعة، وفي عام 1861 نجحت الحكومة العثمانية في تغيير عقودها التجارية للسماح لها برفع ضريبة الاستيراد وتخفيض ضريبة الصادرات؛ لأنها زادت الأولى من 5% إلى 8% وخفضت الثانية إلى 8% ابتداء من تخفيض سنوي من 1% وفي عام 1869 كانت النسبة 1% فقط.

وفي عام 1907 سمح لتركيا بإضافة 3٪ إلى ضريبة الاستيراد لتصل إلى 11%، ثم تمكنت من زيادتها إلى 15% بعد إلغاء التصاريح فرضت ضرائب جمركية على مرور البضائع بين الدول العثمانية بسعر مرتفع بنسبة 15%، وكان لهذه الضرائب المفروضة في إطار الدولة العثمانية أثر كبير في تشجيع الاستيراد وردع الإنتاج المحلي الممتاز في السياسة الضريبية لهذه الفترة:

  •  فشل دخول الدولة في اتفاقيات تجارية مع العديد من الدول في وضع التشريعات الجمركية المناسبة لها والمتعلقة بشروط ومصالح الدولة، حيث أدى ذلك إلى تدخل الدول الكبرى في هذا السعر الضريبي.
  • استبداد الهدف المالي.
  • اعتمدت على علاقات موحدة في فترة واحدة ثم تغيرت في فترات أخرى أي تقوم على أسس غير مستقرة ومحددة وواضحة.
  • هذا الجباية الضريبية كانت غير منتظمة كما كان في محافظات بغداد والموصل والبصرة كما كانت في باقي الامبراطورية العثمانية، من خلال تعهد استمر الوضع أيضًا حتى عام 1864 عندما تم إنشاء دائرة الجمارك الحكومية، والتي أوكلت إليها مهمة جمع وحساب عائدات الضرائب الجمركية نيابة عن دائرة جمارك اسطنبول، وهو ما يمكن اعتباره خطوة متقدمة فيما يتعلق بنظام الالتزام بتحصيل الضرائب على التجارة الخارجية.

مرحلة الحكم الوطني 1921 – 1958:

غزت القوات البريطانية العراق عام 1914 واستمر الانتداب 18 عاماً، حاولت قوات الاحتلال البريطانية خلال هذه الفترة إزالة ملامح الحكم العثماني وتشريعاته القائمة آنذاك، مع العلم أن التغييرات التشريعية ستستغرق وقتًا طويلاً؛ لذلك طبق البريطانيون القوانين النافذة في مستعمراتهم، وهكذا فإنّ قانون الجمارك البحرية الهندية تم استخدام (8) من 1878.

وكان هذا القانون من أهم قوانين الأمريكيين الأصليين التي أقرتها سلطات الاحتلال لتطبيقها في الأراضي العراقية المحتلة، كان واجب النفاذ بموجب البيان الجمركي رقم 1 لعام 1916 وظل ساري المفعول بعد ذلك حتى عام 1931 عندما تم إلغاؤه بموجب قانون الجمارك رقم 56 لعام 1931، ما الذي لوحظ في قانون الجمارك البحرية؟ في عام 1878 أنه لا يحتوي على تعريف لمعدلات الضرائب الجمركية، ولكنه احتوى على أحكام قانونية عامة؛ لأنه كان أحد القوانين المتعلقة بإدارة الجمارك وترك مسألة معدلات الضرائب للهيئة التشريعية المستقلة، وما يمكن ان يلاحظ على السياسة الضريبية خلال هذه الفترة:

  •  لم يصدر من إرادة تشريعية وطنية بدلاً من ذلك، كان الانتداب البريطاني هو المسيطر على مصير العراق.
  • تم التمييز في نسب الضريبة حسب نوع الضريبة، سواء كانت هذه الضريبة على الصادرات أو الواردات أو التجارة بالترانزيت.
  • إنهاء معدلات الضريبة والانحراف عن معدلات الضريبة الموحدة التي كانت سائدة في السابق.
  • الغرض الرئيسي منه هو الغرض المالي ، وتأتي الأهداف الأخرى لاحقًا.

بعد استقلال العراق، كانت هناك نقطة تحول جذرية في السياسة التشريعية بشكل عام والسياسة الجمركية بشكل خاص، قانون التعريفة الجمركية رقم 11 لسنة 1933، الذي ألغى القانون السابق، تم تنفيذه بعد حصول العراق على الاستقلال وانضمامه إلى عصبة الأمم في عام 1932، والتي شكلتها لجنة تحت إشراف خبيرين عالميين على أساس قانون 1932 وقانون التعريفة الجمركية المصرية، أنشئ قبل عام 1930.

قانون الجمارك رقم (56) لسنة 1931، الذي ألغى قانون الجمارك البحرية الهندية رقم (8) لعام 1878، يشبه تقريبًا باقي قوانين الجمارك العالمية فيما يتعلق بالعناصر؛ لأن قوانين الجمارك مجرد قوانين تنظيمية، تختلف عن بعضها البعض فقط من حيث الشروط المحلية والمبادئ الجزائية، بعد التغييرات العديدة في قانون التعرفة الجمركية رقم (11) لسنة 1933 قانون التعريفة الجمركية رقم (77) لعام 1955، والتي استندت إلى تعريفات بروكسل الجمركية المطبقة دوليًا وتصنيفها وألغيت القانون المعمول به سابقًا.

مرحلة الحكم الجمهوري و إلى الآن:

بعد أن نال العراق استقلاله، أصبح منعطفاً جذرياً في السياسة التشريعية بشكل عام والسياسة الجمركية بشكل خاص،صدر قانون الجمارك رقم 23 لسنة 1984 بإلغاء القانون رقم 56 (56) السابق، لقد مر قانون الجمارك رقم (56) لسنة 1931 على أكثر من نصف قرن، وطوال هذه الفترة تم تغييره وتغييره ليناسب التطورات التي حدثت في ذلك الوقت، لكنه فقد وحدة التشريع والانسجام في النصوص.

وبالتالي كان التشريع الجديد ضروريًا وفقًا للأهداف المراد تحقيقها ولرصد التطور في ظل الحكم الجمهوري بطريقة تحقق اختصارًا ومرونة في الإجراءات الجمركية، مع تضمين في الوقت نفسه المبادئ التي يستند إليها التشريع المقارن، بما في ذلك وثائق مجلس الجمارك في بروكسل العربية؛ لتطبيق قانون مستمد من مشروع قانون الجمارك الموحد وأحكامه التي أقرتها لجنة الجمارك بمجلس الوحدة الاقتصادية وبما يتوافق مع أحكام اتفاقية النقل (الانتقالي) بين الدول العربية التي صادق عليها العراق في القانون رقم 35 لسنة 1978.

ومن أهم خصائص القانون الجديد لسنة 1984 يمكن تحقيق المرونة في الإجراءات الجمركية لتلبي كافة الظروف والإمكانيات ولذلك فقد اكتفى بوضع المبادئ العامة في معظم الحالات وتوجيه التعليمات التفصيلية إلى مصدر ذي مستوى أدنى وتجدر الإشارة إلى أن القانون الجديد عهد بإصدار معظم هذه الأحكام إلى أعيدي المالية ومدير عام مصلحة الجمارك حسب مقتضيات الظروف، وبالتالي يحتفظ القانون بمرونته دون المساس بمضمونها وهو الفصل العاشر الذي ينقسم إلى ستة فصول تبدأ من القسم 155-168، بينما القانون السابق لم يتضمن فصلاً إعفاءً، لكنه لم يكن منظمًا ولا سريًا.

ونحن نتعامل هنا مع قضية مهمة جدًا وهي تعليق قانون الجمارك العراقي المعدل 23 لسنة 1984 وتعليق قانون ضريبة الجمارك الجمركية 77 من 1955 في الفترة ما بين (18/2و 26/8) من عام 1991 لأسباب تتعلق بضرورة استيراد الدولة للمواد المختلفة في الفترة من بداية الحظر الاقتصادي المفروض على العراق بموجب قرار مجلس الأمن رقم 687 في 6/8/1990، حيث تم دخول جميع أنواع البضائع التي تدخل البلاد (باستثناء تلك المحظورة بقوة القانون) دون أن تخضع لضريبة الجمارك أو ضريبة الدفاع الوطني أو أي مدفوعات أخرى.

وبعد ذلك، تم إعادة إنفاذ قانون الجمارك العراقي رقم 23 لعام 1984 وقانون الجمارك رقم 77 لعام 1955، ممّا أدى إلى تقليص النطاق لغرض الاستفادة من التراخيص المذكورة في القرار رقم 38 تاريخ 2/9/1991 ولمواصلة التدفق في استيراد البضائع والمواد وتلبية احتياجات المستهلك وتقتصر هذه المزايا والتسهيلات على السلع والمواد الأساسية والأساسية ولا تستثني البضائع الأخرى منها مع خضوعها لأحكام القوانين المعمول بها وقيود الاستيراد، وكذلك إعادة إنفاذ أحكام قانون الجمارك مفصل في القانونين أعلاه واللذين عطلوا تنفيذهما بصورة مطلقة ذكر القرار بهما رقم 38 تاريخ 2/9/1991 (17).

ويمر العراق بفترة حصار اقتصادي خاصة في الأشهر الأولى منه، حيث صدر تشريع تفسيري في الفقرة الثانية من قرار مجلس قيادة الثورة رقم 269 تاريخ 8/8/1991 للسماح بالاستيراد دون الخضوع للاستيراد التراخيص أو الضرائب الجمركية أو ضرائب الأمن القومي أو أي مبلغ آخر خاصة الواردات، ويُفسّر ذلك الغموض والارتباك في القرار السابق الذي أزيل بتوسيع نطاق التصريح، وللمرة الثانية تم تعليق تعديل قانون الجمارك العراقي رقم 23 لسنة 1984، وكذلك العمل بقانون الجمارك رقم 77 لسنة 1955 في الفترة التي أعقبت تغيير النظام السابق صادرة عن سلطة الائتلاف المؤقتة أين كتب ما يلي:

  •  تعليق التجارة والقيود الجمركية: سيتم تعليق جميع الجمارك والجمارك وضرائب الاستيراد والإتاوات والتكاليف الإضافية المماثلة المرتبطة بدخول العراق أو مغادرته، بالإضافة إلى أي قيود تجارية أخرى قد تنطبق على هذه البضائع، حتى 31 كانون الأول (ديسمبر) 2003 بالنسبة لبقية العام، لن يفرض المحاسب مثل هذه الرسوم على البضائع التي تدخل العراق أو تغادره براً وبحراً وجواً.
  • الاستثناء: الاستثناءات المباشرة المذكورة في القسم الأول من هذا القرار لا تنطبق على البضائع الموصوفة في ملحق هذا القرار.
  • نفاذ القرار: يعمل بهذا القرار من تاريخ توقيعه يشير هذا القرار إلى أنها بادرت باستيراد البضائع دون أي قيود قانونية، كما هو الحال مع الصادرات، حيث أن جميع البضائع العراقية، باستثناء تلك الواردة في ملحق سلطة الائتلاف المؤقتة للقرار رقم (12) بشأن سياسة تحرير التجارة.

المصدر: د.فوزي رشيد ، (الكمارك والمكوس عبر تاريخ العراق القديم ) ، بحث مقدم الى المؤتمر الكمركي الخامس للفترة من 17 - 18 / ك1 / 1997 ، بغداد ، ص ص2-8.محمد عبد الله عمر ، (الموسوعة الشاملة في التشريع الكمركي والمنازعات القضائية ) ، دار النجاح للطباعة ، الاسكندرية ، 1978 ، ص13.باسم صادق الجشعمي ، (التجارة في العراق القديم ، ظهورها والعوامل المؤثرة على تطورها ، 1500 – 1800 ق م ) ، أطروحة دكتوراه ، 1996، ص 26 .طارق نافع الحمداني ، ( الكمارك و المكوس في العراق ، 656 – 1333 هـ ، 1358- 1914 ) ، بحث مقدم الى المؤتمر الكمركي الخامس للفترة من 17-18 كانون الاول ، 1997 ، بغداد ، ص 1.


شارك المقالة: