يوصي الخبراء بشرب الماء المفلور للمساعدة في منع تسوس الأسنان، ولكن لا تزال هناك أسئلة حول دور الفلورايد في صحة العظام. وتضيف العديد من المجتمعات الفلورايد إلى مياه الشرب لمنع تسوس الأسنان عند الأطفال. وأثار بعض العلماء مخاوف بشأن علاقة الفلورة بهشاشة العظام، وهو مرض يضعف العظام تدريجياً ويزيد من فرصة الإصابة بالكسور.
العلاقة بين الفلوريد وهشاشة العظام:
لقد ثبت أن الفلورايد يزيد من عدد الخلايا التي تبني العظام. ومن الخمسينيات وحتى الثمانينيات، غالبًا ما كان يُقترح استخدام فلوريد الصوديوم كعلاج لهشاشة العظام. ومع ذلك في الثمانينيات، اكتشف باحثو خلال التجارب المضبوطة التي شملت نساء بعد سن اليأس، أن الفلورايد زاد من كثافة المعادن في العظام ولكنه زاد أيضًا من حدوث الكسور، خاصة في الأطراف السفلية. وكانت الأبحاث منذ ذلك الحين متضاربة. لذا فإن العلاج بالفلورايد لهشاشة العظام يعتبر من الأمور التي يجب الانتباه لها.
وتشكل كسور هشاشة العظام مشكلة صحية عامة كبرى. وتحدث هذه الكسور عادةً في الورك والعمود الفقري والساعد. وتم اقتراح فلورة المياه على نطاق واسع لفوائدها الصحية للأسنان، ولكن أثيرت مخاوف بشأن توازن مخاطر الهيكل العظمي وفوائد هذا الإجراء. وللفلورايد تأثيرات قوية على وظيفة خلايا العظام وهيكل العظام وقوة العظام.
ويتم التوسط في هذه التأثيرات من خلال دمج أيونات الفلوريد في بلورات العظام لتكوين الفلورواباتيت، ومن خلال زيادة نشاط بانيات العظم. ومن المعتقد أنه يجب تحقيق مستوى فلوريد المصل الأدنى من 100 نانوغرام / مل قبل تحفيز بانيات العظم. وعادة ما تكون مستويات المصل المرتبطة بمياه الشرب المفلورة إلى 1 جزء في المليون أقل عدة مرات من هذه القيمة، ولكنها قد تصل إلى هذه العتبة بتركيزات 4 جزء في المليون في مياه الشرب.
ماذا وجودت الدراسات حول أهمية الفلوريد لهشاشة العظام؟
يتمتع الفلوريد بإمكانيات أكبر كعلاج لهشاشة العظام بمجرد فقدان العظام. ولقد ثبت تجريبياً وسريرياً أنه يحفز تكوين العظام بشكل مباشر ويزيد من كتلة العظام لدى المرضى الذين يعانون بالفعل من هشاشة العظام. وتشير الدراسات التي أجريت على الحيوانات إلى عدم وجود تأثير لتناول الفلوريد منخفض المستوى (0-3 جزء في المليون) على قوة العظام، ولكن انخفاض محتمل عند المستويات الأعلى.
ويستخدم فلوريد الصوديوم لعلاج هشاشة العظام منذ ما يقرب من 30 عامًا. واقترحت التجارب الحديثة لهذا العامل، الموصوف بجرعات عالية، أنه على الرغم من الزيادة الملحوظة في كثافة المعادن في العظام، لا يوجد انخفاض مصاحب في حدوث كسر العمود الفقري. علاوة على ذلك، يمكن تحقيق زيادة كثافة العظام في العمود الفقري القطني على حساب معادن العظام في الهيكل العظمي القشري المحيطي.
ونتيجة لذلك، جرعة عالية من فلوريد الصوديوم (80 ملغ يوميا) لا تستخدم حاليا لعلاج هشاشة العظام. وفي الجرعات المنخفضة، اقترحت التجارب الحديثة تأثيرًا مفيدًا على كل من كثافة العظام والكسر. وتستند غالبية الأدلة الوبائية المتعلقة بتأثير مياه الشرب المفلورة على حدوث كسر الورك إلى مقارنات بيئية.
وعلى الرغم من أن إحدى الدراسات الفنلندية أشارت إلى أن معدلات كسور الورك في مدينة بها مياه مفلورة كانت أقل من تلك الموجودة في بلدة مطابقة بدون الفلورايد، إلا أن دراسة لاحقة فشلت في إظهار الاختلافات. وكشفت الدراسات البيئية من الولايات المتحدة وبريطانيا، وجود ارتباط إيجابي ضعيف بين تركيز فلوريد الماء ووقوع كسور الورك. وأسفرت دراستان فحصت معدلات كسور الورك قبل وبعد الفلورة عن نتائج متضاربة، ومعقدة بسبب الاتجاهات الزمنية الأساسية في حدوث كسر الورك.
وحاولت دراستان فقط فحص العلاقة بين تركيز فلوريد الماء وخطر الكسر على المستوى الفردي. في واحدة من هؤلاء، كان لدى النساء في مجتمع عالي الفلورايد خطر مضاعف للكسور لدى النساء في مجتمع منخفض الفلورايد. وفي الحالة الأخرى، لم تكن هناك علاقة بين سنوات التعرض للفلورايد ووقوع كسور العمود الفقري أو غير العمود الفقري. فإن الأدلة الوبائية المتعلقة بفلورة المياه لكسر الورك تستند إلى مقارنات بيئية وهي غير حاسمة.
ومع ذلك، تشير العديد من الدراسات إلى إمكانية حدوث تأثير سلبي ضعيف على العظام؛ ممّا يستدعي مزيدًا من الاستكشاف. من خلال البيانات المتعلقة بالعلاقة بين تناول الفلوريد وخطر كسر الورك، والبيانات المتعلقة بالفلورة بكثافة المعادن في العظام. وحتى تصبح هذه الدراسات متاحة، فإن الأدلة التي تشير إلى أن الفلورة قد تكون عامل خطر لهشاشة العظام ضعيفة وغير كافية لتأخير تقدم برنامج فلورة المياه.
