ما هو الصالح العام؟

اقرأ في هذا المقال


لا تقتصر التضحية على دوافع وطنية صادقة على شن عمليات قتالية ووضع روح الإنسان على كفه كما يقال، بل تأخذ مسارات وطرق وأشكال أخرى يمكن من خلالها أن يستخدمها الإنسان لخدمة بلده، فهي تعد طريقة مهمة وفعالة تمتد جذورها إلى شجرة روح وطنية مثمرة وتوفر أساساً متيناً لبناء وطن قوي.
يعرض على من يتم إرساله للدراسة في الخارج وبعد إنهاء دراسته البقاء في بلد الدراسة والحصول على عمل مريح ومجز ومرموق هناك ويرفض هذا العرض مفضلاً العودة إلى بلده وخدمة بلده (خدمة الصالح العام)، من خلال تخصصه رغم قلة الامتيازات الممنوحة له في وطنه مقارنة بما عرض عليه في بلد الدراسة فهو يرى أنه قدم تضحية كبيرة.
ومع ذلك لا يوجد تعريف محدد للمصلحة العامة لكل حالة فالصالح العام بين الشخص “أ” والشخص “ب” قد لا يكون هو الصالح العام بين الشخص “أ” والشخص “ج”، لذلك غالباً ما يتغير الصالح العام على الرغم من وجود بعض الأشياء مثل: المتطلبات الأساسية للبقاء: الطعام والماء والمأوى وهذا جيد لجميع الناس.

مفهوم الصالح العام:

الصالح العام هو مصطلح يستخدم للدلالة على عدد من المفاهيم المختلفة، بمعناه الأوسع فهو يصف “سلعة” محددة يتقاسمها ويستخدمها جميع أعضاء المجتمع المشترك، وهو أيضاً تعريف الصالح العام في الفلسفة والأخلاق والعلوم السياسية.

علاقة الصالح العام بالمفاهيم الأخرى:

الصالح العام في المجال القانوني:

الأشخاص سواء كانوا طبيعيين أو قانونيين إذا اجتمعوا لتحقيق هدف يمكن وصفه بأنه منفعة عامة مثل: الكومنولث البريطاني، وهي رابطة الشعوب البريطانية المعروفة باسم كومنولث الأمم التي يرمز لها بـ (CN) المعروفة أيضاً باسم الكومنولث البريطاني، وهي اتحاد طوعي من 52 ولاية وكلها من دول الإمبراطورية البريطانية السابقة باستثناء موزمبيق ورواندا.

النفعية:

ينظر أحياناً إلى الصالح العام على أنه هدف نفعي وبالتالي يوفر “أكبر فائدة ممكنة لأكبر عدد ممكن من الأفراد”، ففي أفضل الحالات فإن أكبر عدد ممكن يعني جميع المخلوقات التي تتمتع بروح الدعابة، يقدم هذا التعريف الصالح العام على أنه صفة يمكن تحويلها أو اختزالها إلى مجموع المصالح الخاصة لأفراد المجتمع التي يمكن تبادلها فيما بينهم، لكن هذا الرأي يأتي من منظور ضيق وضعيف كما يقول البعض لما قد يحتويه الصالح العام.

المنظور الاجتماعي:

تعريف آخر للصالح العام هو تعريفه من منظور اجتماعي؛ لأن الهدف الحقيقي للدولة يتطلب الاعتراف بالحقوق الأساسية للأفراد في المجتمع، وهو حق كل فرد في أن تتاح له الفرصة لتشكيل حياته بحرية من خلال المسؤولية في محاولة لتحقيق الفضيلة وفقاً للقانون الأخلاقي.
إن الصالح العام هو مجموع ظروف الحياة الاجتماعية التي تمكن الناس من القيام بذلك بسهولة أكبر ونزاهة، حيث يعد هدف الدولة ذات السيادة هو حرية اختيار الوسائل التي تخلق هذه الظروف، لذلك أسس آخرون بمن فيهم جون راولز على وجه الخصوص التمييز بين الخير الذي يخلق عالماً أفضل بغض النظر عن كيفية تعريفه والعدالة التي تؤدي إلى مجتمع عادل والبنية التحتية الاجتماعية الليبرالية التي تسمح بالسعي وراء الفضيلة ولكنها لا تصف بالضبط ما هو الصالح العام.
كما يؤكد البعض أن تعزيز الصالح العام هو هدف الديمقراطية (في مجال السياسة) والاشتراكية (في مجال الاقتصاد)، ومن بين هؤلاء الفلاسفة المعاصرين مايكل ساندل من جامعة هارفارد.

الاستخدام الأمريكي المعاصر لمصطلح الصالح العام:

فيما يتعلق بالسياسة الأمريكية المعاصرة فإن لغة الصالح العام يشار إليها أحياناً باسم “الثراء العام”، حيث أصبحت مستخدمة بشكل متزايد بين السياسيين على اليسار التقدمي لوصف قيمهم الخاصة. لقد ذكر جوناثان دولينتي أن على المرء أن يميز بين الصالح العام الذي قد يكون مشتركاً بالكامل بين كل فرد من أفراد الأسرة دون أن يصبح فرداً من أفرادها، والصالح العام الذي على الرغم من أنه ملك للجميع كمجموعة إلا أنه لا تشاركه حقاً أعضاء المجموعة كما هي في الواقع ينقسمون إلى عدد من أشكال الصالح الخاص عند تقسيمهم إلى مختلف أعضاء المجتمع.
بعد أن وصفه مايكل توماسكي في The American Prospect وجون هالبين في مركز التقدم الأمريكي، فقد ازداد الوعي السياسي به، ففي مؤتمر استعادة أمريكا لقد حددت ذا نيشن الصالح العام لمعهد روكريدج الليبرالي كرسالة سياسية بارزة للمرشحين ذوي الميول التقدمية.
في الآونة الأخيرة لقد استخدم السياسيون الصالح العام خطاباً في سياق ديني واضح كما هو الحال في Kansans for Faithful Citizenship، بالإضافة إلى ذلك تشجع جماعات الحقوق غير الحزبية مثل: المصلحة العامة أيضاً جهود الإصلاح لدعم الصالح العام.

المصدر: التعليم العالي لخدمة الصالح العام، Adrianna J. Kezarالحماية الدستورية لفكرة النظام العام، علي مجيد العكيليفلسفات الإعلام المعاصرة في ضوء المنظور الإسلامي، محمود يوسف السماسيريحقوق الإنسان السياسية في الإسلام والنظم العالمية، ساجر ناصر حمد الجبوري


شارك المقالة: