الجيولوجيا في توضيح مفهوم الجيوسنكلينال

اقرأ في هذا المقال


ما هو مفهوم الجيوسنكلينال؟

إن الغالبية العظمى من السلاسل الجبلية تتشكل بدءاً من مجموعات جبلية سابقة يطلق عليها اسم جيوسنكلينات، يعود تاريخها عادة إلى ما قبل 200 مليون سنة، هذا التاريخ الطويل كان ينظر إليه على أنه المرحلة الأولى بالنسبة لتطور السلسلة الجبلية، وبالتدريج أمكن تحديد بعض المفاهيم العامة عن هذه الجيوسنكلينات، حيث إنه تم قبول بعض المفايهم في الوقت الحاضر.
حيث تم معرفة أن تشكل سلسلة جبلية تسبق دوماً بمرحلة ترسيب تتم في أخاديد متطاولة، وكل أخدود رسوبي متطاول له أبعاد السلسلة الجبلية يتم تسميته باسم جيوسنكلينال ويتحول إلى سلسلة جبلية، ومن هنا ظهرت النظرية المسماة جيوسنكلينال.
وهذه النظرية تفرض أن بنية أي سلسلة تكون مرتبطة بتاريخها الرسوبي ما قبل الالتوائي، وغير متوافقه إلا مع ما يؤول إليه تطورها الترسيبي بشكل أوتوماتيكي، وقد قادت هذه النظرية مؤيدها إلى صياغة قوانين تربط هذه الحوادث التكتونية والحوادث الترسيبية.
ونظراً للتقدم الذي أحرزته هذه النظرية لزمن طويل عند الجيولوجيين فقد تم القيام بالعديد من الدراسات التي حللها بشكل رائع الأستاذ أوبوان من فرنسا، والتي خصصت لهذه المشكلة وقادت إلى صياغة عدد من القواعد التي ينظر إليها على أنها تمثل تطور النطاقات المتحركة والنشطة من القشرة الأرضية التي تتسب في تشكل السلاسل الجبلية، ولكنها تعرضت للنقد من ناحيتين، وفيما يلي ذكرهما:

  • إن هذه القواعد تعتمد فقط على معطيات جيولوجية أو باليوجرافية تخص أقساماً سطحية من أراضي رسوبية، لا تأخذ بعين الاعتبار المعطيات الجيوفيزيائية فيما يخص القشرة الأرضية والمعطف العلوي.
  • تفترض هذه الدراسات أن كل نطاق من القشرة الأرضية يصل إلى مرحلة الجيوسنكلينال يجب أن يتحول إلى سلسلة في وقت لاحق.
    غير أن هذه القواعد دائماً عامة لذلك فإنه من الأفضل اعتبار بأنه لا توجد علاقة مباشرة ما بين مدة الجيوسنكلينال ومدة الالتواء لسلسلة، وإنما هناك ارتباط غير مباشر ما بين الحوادث التكتونية والترسيبية وبالتالي فإن هذه النظرية غير مقبولة.
    إننا نعتقد أن الجيوسنكلينال تتحول إلى سلاسل جلية لأسباب ميكانيكية وذلك في أجزاء هشة من الليتوسفير، حيث تكون القشرة الأرضية رقيقة، ويكون المعطف العلوي مضطرباً، وهذا يسمح لها بأن تتشوه فيما إذا تعرضت لعمليات انضغاط، في هذه الحالة فإن التشوهات تتوضع دائماً على امتداد نطاق الضعف، وهذا يقودنا إلى أن نعتبر أن شكل السلسلة يشبه شكل الجيوسنكلينال في حالة تحوله إلى سلسلة.

تعريف الجيوسنكلينال والنماذج المختلفة فيه:

استخدمت عبارة الجيوسنكلينال بمعانٍ مختلفة ولذلك فمن المهم تحديدها، فالجيولوجيين يطلقون اسم جيوسنكلينال على كل حوض ترسيبي متطاول له خصائص تلك المنخفضات التي تحولت خلال التاريخ الجيولوجي إلى سلاسل جبلية.
هذا التحديد الاختياري الغامض يقضي أن تكون هذه المنخفضات ذات أبعاد كبيرة، كتلك التي تتمتع بها السلاسل الجبلية، وهكذا فإن أطوالها قد تتراوح بين عدة مئات إلى عدة آلاف من الكيلو مترات، أما سماكة الرسوبيات فقد تتراوح من 5 إلى 20 كيلومتر، السحنات البتروغرافية لهذه الرسوبيات هي عادة مارنية أو سحنات قارية بعض الأحيان.
يوجد نماذج مختلفة للجيوسنكلينات وذلك على مقياس القشرة الأرضية وتبعاً للحدود بين الكتل اللتوسفيرية المختلفة، وفيما يلي أهم هذه النماذج:

  1. الجيوسنكلينات التي تتوضع على الأطراف الثابتة للقارة، يكون فيها الجيوسنكلينال متوضعاً في الحد بين القارة والمحيط ولكن ضمن الكتلة نفسها، ومن الأمثلة على ذلك الطرف الشمالي للقارة الأمريكية الجنوبية، حيث نمر تدريجياً من سحنات ضحلة عائدة للبلاتفورم القاري إلى توضعات عميقة عائدة لنطاقات ذات أعماق كبيرة وتكون قاعدة المجموعات غالباً كبريتية.
  2. الجيوسنكلينات التي تتوضع على الأطراف المتحركة للقارات والتي تكون واقعة على الحد بين القارة والقشرة المجاورة، بما أن الجيوسنكلينات هنا واقعة على الحد الفاصل بين الكتلتين فإن القشرة المحيطية تنطمر تحت القارة عبر امتداد كبير، ولذلك فإن الجيوسنكلينال يتكون من جزء محيطي متحرك وجزء قاري ثابت والحد بين الاثنين يشكل حفرة عميقة، وهذا النوع من الجيوسنكلينال يكثر حول الباسفيك.
  3. الجيوسنكلينات التي تتوضع داخل القارات، وهذا النوع يتوضع كلياً داخل القارة فوق قشرة قارية ذات سماكة ضعيفة، وهذه الرقة في السماكة تكتسب من جراء تكسرات كبيرة، ومن الأمثلة على هذا النوع السلاسل البيرينية وهذا النوع كثير الانتشار.
  4. الجيوسنكلينات المعقدة، ومن الأمثلة عليها تلك التي تتوضع فوق نطاق محيطي ضيق كالبحر الأحمر أو الجيوسنكلينات التي تتوضع فوق قارة مقطعة إلى كتل صغيرة تفصل بينها نطاقات محيطية، بالإضافة إلى الجيوسنكلينات التي تشترك مع الجزر القوسية المتوضعة في نطاق محيطي.

المصدر: جيولوجيا النظائر/قليوبي، باهر عبد الحميد /1994الأرض: مقدمة في الجيولوجيا الفيزيائية/إدوارد جي تاربوك, ‏فريدريك كي لوتجينس, ‏دينيس تازا /2014الجيولوجيا البيئية: Environmental Geology (9th Edition)/Edward A. Keller/2014علم الأحافير والجيولوجيا/مروان عبد القادر أحمد /2016


شارك المقالة: