انكباس الأخاديد الرسوبية والحركات العمودية المرتبطة بها

اقرأ في هذا المقال


ما المقصود بانكباس الأخاديد الرسوبية؟

من المهم التذكير بأن الحركات العمودية السالبة (في القشرة الأرضية) تحدث في الجيوسنكلينات وفي الحفر الانهدامية، وأنها في الغالب لا تتجاوز 5 كيلو متر، أما في الأخاديد الرسوبية المتطاولة من نوع الجيوسنكلينات أو غيرها فإن هذه الحركات يمكن أن تكون أشد بكثير جداً، ومن الشائع في الواقع وجود مجموعات رسوبية بسماكة تزيد عن 10 كيلو متر وأحياناً تكون واقعة بين 15 إلى 20 كيلو متر.
ينتج عن ذلك أن هذه التوضعات الرسوبية كانت مركزاً لهبوط كبير، وبالتالي فإنها تتوافق مع أجزاء من القشرة الأرضية ذات السلوكية المميزة، وفي كثير من الحالات أمكن البرهنة على أن هذه المجموعات الرسوبية قد تشكلت في مياه ذات أعماق ضعيفة كما في حالة ملايين الأمتار من المجموعات الدولوميتية أو الفحوم الحجرية.
واستنتج من ذلك أن قاعدة الأخدود الرسوبي كان يهبط تدريجياً بشكل مرافق لعمليات الترسيب، وأطلقت لفظة انكباس (انكباس الأخاديد الرسوبية) على ظاهرة من الهبوط المستمر، وقد تبين من خلال التحاليل لتفصيلية أنه إذا كانت هذه الظاهرة مستمرة على امتداد الأحقاب الجيولوجية فإنها قد حصلت أيضاً بشكل متقطع؛ وذلك بمناسبة الهزات الأرضية.
إن معرفة عمر وسماكة المجموعات الرسوبية تسمح بحساب مدة الهبوط المستمر وسرعته، أما المدة فهي كبيرة، وهناك الكثير من الأمثلة عن الهبوط من هذا النوع استمر أكثر من 100 مليون سنة، وهناك منطق وصل فيها هذا الرقم إلى 300 مليون سنة وهذه الفترة الزمنية تتوافق مع فترة الترسيب الذي سبق الالتواء، كما يحدث أحياناً أن أحواضاً رسوبية لا يستمر الهبوط فيها إلا فترات قصيرة من رتبة 10 ملاين سنة أو حتى مليون سنة فقط.
أما سرعة الهبوط فإنها متباينة ويمكنها أن تصل بشكل استثنائي 1 كيلو متر لكل مليون سنة؛ أي 1 ملي متر لكل سنة، ولكن الأرقام المتوسطة تتراوح بين 0.1 إلى 0.3 متر لكل سنة، وهذه الأرقام المتوسطة ليس لها معنى كبير إلا إذا كان الهبوط مستمراً ويتم بسرعات محددة، حيث يبدو أن هذا الهبوط يكون متقطعاً غالباً، إلا أنه يظهر لنا أنه مستمر لعدم وجود انقطاع في المستحاثات.
ولذلك يمكن أن نستنتج أن عمليات التباعد التي تسبب الهبوط تكون مفصولة عن بعضها بعمليات انضغاط، وتجدر الاشارة إلى أن هذا النوع من التباعد يختلف عن ذلك المسبب للانهدامات، فهنا لا ينجم عنه إلا هبوط حيث لا تكون الأخاديد محاطة بتضاريس شديدة، وعلى العكس من ذلك فغالباً ما تكون هذه الأخاديد محاطة ببلاتفورمات مغطاة برسوبيات نيريتية بحيث يمكن النظر إلى العملية وكأنها ترقق للقشرة دون تشكل مستويات انقطاع كبيرة.
إن الأخاديد الرسوبية الهامة تتشكل بفعل عمليات تباعد دون حدوث انقطاع، ويمكن أن نواجه أيضاً في هذا الصدد حدوث تحولات لمادة في القشرة أو في المعطف (ناجمة عن زيادة التدفق الحراري) كافية لاندلاع عمليات الهبوط، ولقد افترض دوماً أن تحول البازلت إلى ايكلوجيت (الذي هو أكثر كثافة من البازلت بنسبة 15%) هو مسبب لحركات عمودية كما أثبتت التجارب المخبرية.

الحركات العمودية المرتبطة بالأخاديد الرسوبية:

  • الحركات العمودية الناتجة من الالتواء: عندما يخضع جزء من القشرة الأرضية إلى عملية تقصير بفعل الانضغاط، فإنه تتشكل تضاريس كنتيجة مباشرة للالتواء، وذلك بالمقابل مع تلك التضاريس المتشكلة بشكل غير مباشر والمرتبطة باعادة الضبط التوازني.
    ونفهم من ذلك أن هناك مناطق تتعرض لحركات عمودية لأنها في حالة التواء، وإذا كان هذا الالتواء مكون من بنيات ضخمة فإنه يمكن حصول حركات نهوض في الأنتيكلينات وهبوط في السينكلينات، كما هو الحال في اليابان وتشيلي وكذلك في جنوب القوقاز التي هي مناطق في حالة التواء.
    ولكن من الصعب التمييز بين الحركات الناجمة عن التقصير وتلك الناجمة عن عملية اعادة الضبط التوازني، وللتأكد من ذلك يجب البرهنة على حصول التقصير، وذلك بقياسات جيولوجية مباشرة، وقد أمكن التأكد من حصول حركات أفقية على جانبي الفوالق فقط، حيث بلغت عدة سانتي مترات لكل سنة وكن مثل هذه الحركات لم تلاحظ في النطاقات الملتوية.
  • الحركات العمودية الناجمة عن أسباب محلية: هناك أمثلة عديدة عن مناطق ذات أبعاد أقل ضخامة تتعرض لحركات نهوض أو هبوط، حيث يكون منشأ هذه الحركات متبايناً جداً، ومن الأمثلة على ذلك:
    • الطيات الثاقبة: وهي عبارة عن بنيات محدبة خاصة، تحدث عندما تصعد صخور ذات كثافة ضعيفة وشديدة اللدونة كالملح خلال الصخر، عندما يكون الغطاء أكثر كثافة، ومن النماذج الجيدة لهذه البنيات ما يحدث عندما نضع عدة سوائل فوق بعضها البعض ذات كثافة مختلفة فالسائل الأكثر خفة يكون في الأسفل.
      إن صعود الطيات الصخرية الثاقبة يؤدي إلى تشوهات في الصخور التي مرت من خلالها وعادة تتشكل شبكة من الفوالق العمودية ويتغير شكل الطيات مع استمرار صعودها.
    • الاندفاعات البركانية: وذلك عندما تصعد الماجما البركانية إلى السطح فإنه من الممكن أن تحدث انخفاضات يطلق عليها لفظة انكباس.

المصدر: جيولوجيا النظائر/قليوبي، باهر عبد الحميد /1994الأرض: مقدمة في الجيولوجيا الفيزيائية/إدوارد جي تاربوك, ‏فريدريك كي لوتجينس, ‏دينيس تازا /2014الجيولوجيا البيئية: Environmental Geology (9th Edition)/Edward A. Keller/2014علم الأحافير والجيولوجيا/مروان عبد القادر أحمد /2016


شارك المقالة: