دلائل تدفق المهل السائل ودورها في العمليات المهلية

اقرأ في هذا المقال


ما هي دلائل تدفق المهل السائل؟

من أول دلائل المهل النارية السائلة هي المهل السائلة بمصاحبة البخار، وهي عبارة عن مهل ناري يحتوي على كميات متغيرة من المكونات الطيارة المنحلة فيها ومن أكثرها وفرة بخار الماء وغاز ثاني أكسيد الكربون.

وتبقى هذه المكونات في المحلول تحت الضغط المطبق عليها، لكن نقصان الضغط أو زيادة تركيزها في السائل كأطوار طيارة (حرة) قد تبلورت عنها ستسبب في تشكلها وتطورها على شكل فقاعات، حيث إن الفقاعات المحتجزة من تصلب السائل يتم حفظها كحويصلات (يعتبر منظر مميز لمعظم المصبات البركانية) ما عدا تلك التي اندفعت وانسكبت على قاع البحر العميق وتحت ضغط معتبر من قبل الماء الذي يعلوها، وقد تحوي بعض هذه الفقاعات على المواد الطيارة أو بعض العناصر القلوية أو حتى بعض المعادن أحياناً.

إن العديد من النماذج المهليّة تحت ضغوط موجهه قادرة على البقاء ضمن مجموعة من الشروط، حيث إن معظم العمليات التجزئية تكون قادرة على التأثير والعمل مع بعضها البعض، مثل الانتشار داخل السائل وعدم امتزاج السائل أو تجزء السائل والبلورة وانتقال المواد الطيارة، إن التجزء بالانصهار الجزئي ليس مرغوباً تضمينه هنا؛ وذلك بسبب الافتراض عادة بأن الانصهار الجزئي يأخذ مكانةً تحت ضغط مرتفع جداً من أجل وجود بخار ماء.

من الممكن تصنيف النماذج إلى أنظمة مغلقة أو مفتوحة اعتماداً على إمكانية السماح لمادة ما بالمرور إلى داخل أو خارج النظام، واعتبرت العديد من الأنظمة حتى الآن عبارة عن نماذج مغلقة، بحيث أنه لم يتم إدخال أي مادة بعد تشكل المهل المعين، وفي العديد من الأمثلة فقد أزيحت بعض المواد من السائل كتراكميات وفيما يلي مجموعة من احتمالات الأنظمة المفتوحة في الطبيعة:

1. تفاعل الجدر الصخرية: عند تشكل المهل والبدء بهجرته باتجاه السطح تحت تأثير الثقالة فمن الممكن أن تكون تمس الجدران الصخرية التي تكون في الحقيقة مختلفة عن مادة مصدرها والتي لا تكون متوازنة كيميائية معها.

وإذا كان هناك متسع من الزمن فإن التفاعلات بين السائل والصلب الذي يحتويها تأخذ مكانها، ويتغير بذلك تراكيب كليهما، وإنه لمن المقنع التفكير بمثل هذه العملية كتضمين مواد مصدرية متعددة في إنتاج المهل في عملية الانصهار الجزئي، وهكذا غالباً ما يقال أن المهل الأصلي قد تم تلوثه، وفي الحادثة الانصهارية الأصلية إن المصدر سيساهم بمواد معينة للسائل وسيحتفظ في الباقي.

2. صخور الهيبريد: لقد استعمل هذا المصطلح للصخور التي تملك نسبة مئوية مزدوجة؛ إما بسبب أن المهل الأصلي قد تضمن قطعاً من بعض صخور أخرى في عملية هضم، أو بسبب امتزاج مهلين مع بعضهما البعض.

ويكون من السهل في بعض الأحيان تمييز صخور الهيبريد وخاصة عندما تكون تحتوي على كتلاً غير مهضومة ومميزة من المادة الأجنبية مثل الحشوات، ومهما يكن فمع الوقت سيكون هناك ميل لهذه القطع ناتج من التفاعل مع المهل الحاوي عليها بحيث ستذوب وتتوزع بالمهل.

ومع ذلك ففي حالة عدم تجانس المهل تماماً يبقى هناك أشرطة أو بقع ذات تراكيب مختلفة وحشوات، حيث إن العديد منها قد تحول بالتفاعل مع المهل ومن الممكن تمييزها، أما صخور الهيبريد التي تشكلت مزج مهلين معاً فيمكن في بعض الأحيان التحري عنها من وجود نموذجين ومن الأنواع التي يكون من غير المتوقع وجودها بتوازن مع بعضهما البعض، كما أن صخور الهيبريد شائعة نوعاً ما وخاصة في سحنات أطراف الاندساسات البلوتونية.

3. تبدلات بعد التصلب: تعدُّ التبدلات والتعديلات التركيبية للصخور النارية اللاحقة للتصلب ظاهرة شائعة وتنتج من التفاعل مع المياه الجوفية أو مياه البحر أو مع السوائل الحرمائية، وتتضمن التأثيرات الشائعة رشح وإزالة بعض المكونات وأكسدة معدن الحديد وإدخال الماء وغاز ثاني أكسيد الكربون؛ بهدف إعطاء فلزات مهمة مصاحبة للكربونات، وقد استعملت دراسة النظائر المستقرة بشكل واسع بهدف التحقق والتقصي عن مثل هذه التبدلات.

الغازات اليحمومية ودورها في العمليات المهلية:

تلعب الأبخيرة والغازات المهلية دوراً كبيراً في عمليات الانصهار والتبلور المهلي، وكذلك في طبيعة الأطوار الفلزية المتشكلة، وإن إحدى المسائل الهامة هي تعيين وتحليل الغازات البركانية، وتعد هذه المسالة أحد المهام الصعبة في أبحاث العلوم البركانية، حيث أن الغازات والأبخرة المهلية تتلوث يسهولة بواسطة الغازات الجوية، فيصعب بذلك تحديد تركيبها الأصلي والحقيقي.

وبشكل خاص تطرح القياسات المستمرة لدرجة الحرارة والسرعة والتركيب الكيميائي للغازات البركانية مسألة تصرف المواد التي لم تتعرض لهجوم مباشر بواسطة الحموض الشديدة التي توجد في الغازات، ولقد أنجز العالم تازييف ومساعدوه أحد أهم الأبحاث في الغازات البركانية على بركان آتنا في صقلية، بالإضافة إلى تطوير الأجهزة الأكثر فعالية فلقد أنجزوا التحاليل الكيميائية للغازات اليحمومية المكثفة في درجة الحرارة العالية التي تؤخذ على عمق 550 متر في داخل المدخل البركانية لبركان آتنا.

وكذلك إنجاز التجارب والقياسات على بعض براكين أمريكا الوسطى، حيث بينوا أن تغيير التركيب الكيميائي للغازات الكثيفة يتعلق بتمركز الحمم البركانية عند تجمعها بالمقارنة مع تاريخ الاندفاع البركاني وكذلك بكمية الماء في التربة، ولقد لاحظ هؤلاء العلماء بعض الحوادث التي تختص بالتركيب الكيميائي للغازات الكثيفة، كما لاحظوا أن نسبة الكلور والفلور تنخفض عندما يتم استنفاذ المنبع المهلي، وكذلك تنخفض عندما تزداد كمية الماء من أصل المحلول الغروي للفوارات، ولقد وجد كذلك أن العلاقة لغازات المدخنة الرئيسية أو المدخنة المجاورة تنخفض مباشرة في بداية مرحلة الاندفاع.

من الواضح أنه خلال تطور الأرض في الأحقاب الجيولوجية المتتالية كان هناك فقدان مستمر للعديد من عناصر الطيارة الخفيفة والغازات المكونة مثل غاز الهيدروجين والهيليوم وغاز الأراغون والنيتروجين، بالإضافة إلى غاز ثاني أكسيد الكربون وبخار الماء، حتى أن ذلك الفقدان كان أكبر بالنسبة للصخر الذي نضب بهذه المكونات.

كما أن الأبخرة اليحمومية والغازات البركانيية المقذوفة من فوهات البراكين ما هي إلا دلائل مباشرة على وجود هذه المكونات في أعماق القشرة الأرضية وفي المعطف العلوي، والتي تلعب درواً كبيرا ومهماً في الشروط الترموديناميكية لعمليات انصهار المهل البازلتي وعلى الشروط التوازنية في مجموعة أنظمة الأطوار الفلزية المتشكلة، وكذلك في انحلالية هذه المكونات داخل المهل تحت الشروط العالية من الضغط والحرارة.

مما يشكل ذلك دليلاً غير مباشر على وجود هذه الغازات والسوائل في الأعماق حتى 80 كيلو متر؛ هو وجود المحتبسات السائلة في بعض فلزات الصخورالغرانيوليتية والحشوات الغريبة المتأتية من الأعماق السحيقة لقشرة الأرض أو المعطف العلوي.

وتعد هذه المحتبسات ممثلة للعناصر الطياة وخاصة غاز ثاني أكسيد الكربون الذي يوجد في قاعدة القشرة الأرضية والمعطف العلوي، وتتحول هذه المواد الطياة والغازات في الأعماق؛ أي على عمق أكثر من 80 كيلو متر إلى مكونات تدخل في الصخور فوق القلوية الكربوناتية، والتي تعتبر شكل آخر من أشكال التوازن.

المصدر: جيولوجيا النظائر/قليوبي، باهر عبد الحميد /1994الأرض: مقدمة في الجيولوجيا الفيزيائية/إدوارد جي تاربوك, ‏فريدريك كي لوتجينس, ‏دينيس تازا /2014الجيولوجيا البيئية: Environmental Geology (9th Edition)/Edward A. Keller/2014علم الأحافير والجيولوجيا/مروان عبد القادر أحمد /2016


شارك المقالة: