قصة اختراع القمر الصناعي

اقرأ في هذا المقال


في مجموعة الاتصالات (السلكية واللاسلكية)، تم استخدام الأقمار الصناعية، حتى تقوم بتأمين اتصال بين مجموعة مواقع مختلفة على الأرض، تقوم الاتصالات عبر الأقمار الصناعية بلعب دورًا مهمًا في نظام الاتصالات العالمي، تقريبًا يوجد هناك حوالي 2000 قمر صناعي يدور حول الأرض على شكل إشارات تمثيلية ورقمية تحمل معها الصوت والفيديو والبيانات من وإلى مكان أو موقع واحد أو أكثر إلى أنحاء العالم، يحتوي الاتصال عبر الأقمار الصناعية من عنصرين رئيسيين: الجزء الأرضي، وهو الذي يتكون من الإرسال الثابت أو المتنقل، والاستقبال، والمعدات المساعدة.

والجزء الفضائي، وهو في الأساس القمر الصناعي نفسه، يتضمن ارتباط القمر الصناعي النموذجي إرسال أو ربط إشارة من محطة أرضية إلى قمر صناعي، ثم يستقبل القمر الصناعي ويضخم الإشارة ويعيد إرسالها مرة أخرى إلى الأرض، حيث يتم استقبالها وإعادة تضخيمها بواسطة المحطات الأرضية، تشمل أجهزة استقبال الأقمار الصناعية على الأرض معدات الأقمار الصناعية المباشرة إلى المنزل (DTH)، ومعدات الاستقبال المحمولة في الطائرات، وهواتف الأقمار الصناعية، والأجهزة المحمولة.

ما هي قصة اختراع القمر الصناعي؟

ظهرت فكرة الاتصال عبر القمر الصناعي لأول مرة في القصة القصيرة بعنوان “القمر القرميدي”، التي كتبها رجل الدين الأمريكي والمؤلف إدوارد إيفريت هيل ونشرت في مجلة أتلانتيك مانثلي في (1869م – 1870م)، تصف القصة بناء وإطلاق قمر صناعي بقطر 200 قدم (60 مترًا) ومصنوع من الطوب إلى مدار حول الأرض، ساعد قمر القرميد البحارة في الملاحة، حيث أرسل الناس إشارات شفرة مورس إلى الأرض (وهي شفرة حرفية من أجل إرسال المعلومات التلغرافية، باستخدام تتابعات قياسية من عناصر طويلة وقصيرة تعبر عن الحروف والأرقام الموجودة في الرسالة)، بالقفز لأعلى ولأسفل على سطح القمر الصناعي.

تم اقتراح المفهوم العملي الأول للاتصالات عبر الأقمار الصناعية من قبل ضابط سلاح الجو الملكي البالغ من العمر 27 عامًا آرثر سي كلارك في ورقة بعنوان “المرّحلات خارج الأرض، وهل يمكن للمحطات الصاروخية أن توفر تغطية راديو عالمية؟”، نُشرت في عدد أكتوبر 1945م من مجلة (Wireless World)، اقترح كلارك الذي أصبح لاحقًا كاتب خيال علمي بارع، أنّ قمرًا صناعيًا على ارتفاع (35786) كيلومترًا (22.236 ميلًا) فوق سطح الأرض سيتحرك بنفس سرعة دوران الأرض.

عند هذا الارتفاع، سيبقى القمر الصناعي في وضع ثابت بالنسبة إلى نقطة على الأرض، هذا المدار الذي يسمّى الآن “المدار الثابت بالنسبة للأرض”، مثالي للاتصالات عبر القمر الصناعي، حيث يمكن توجيه هوائي على الأرض إلى قمر صناعي على مدار 24 ساعة في اليوم دون الحاجة إلى تتبع موقعه، حسب كلارك في ورقته أنّ ثلاثة أقمار صناعية متباعدة على مسافات متساوية في مدار ثابت بالنسبة للأرض ستكون قادرة على توفير تغطية راديوية، وستكون في جميع أنحاء العالم تقريبًا باستثناء وحيد لبعض المناطق القطبية.

أول قمر صناعي:

قام الاتحاد السوفيتي بإطلاق أول قمر صناعي، (سبوتنيك 1) بنجاح في 4 أكتوبر 1957، كان قطر (سبوتنيك 1) 58 سم (23 بوصة) فقط مع أربعة هوائيات ترسل إشارات لاسلكية منخفضة التردد على فترات منتظمة، لقد دار حول الأرض في مدار بيضاوي الشكل، واستغرق الأمر 96.2 دقيقة لإكمال دورة واحدة، أرسل إشارات لمدة 22 يومًا فقط حتى نفدت بطاريته ودار في المدار لمدة ثلاثة أشهر فقط، لكن إطلاقه أطلق شرارة ليدل على بداية سباق الفضاء بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي.

تم إطلاق أول قمر صناعي لترحيل الإشارات الصوتية من قبل مشروع (SCORE) التابع للحكومة الأمريكية (إشارة الاتصال عن طريق معدات الترحيل المدارية) من كيب كانافيرال، فلوريدا، في 19 ديسمبر 1958م، وبثت رسالة مسجلة تنقل “السلام على الأرض “من عرض الولايات المتحدة، قام المهندسون الأمريكيون جون بيرس من مختبرات بيل التابعة لشركة الهاتف والتلغراف الأمريكية (AT & T’s) و(Harold Rosen) من شركة (Hughes Aircraft Company) بتطوير تقنيات رئيسية في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي والتي جعلت أقمار الاتصالات التجارية ممكنة.

في 6 أبريل 1965م، تم إطلاق أول قمر صناعي إيرلي بيرد (يُطلق عليه أيضًا إنتلسات 1)، تم تصميمه وبنائه من قبل فريق (Rosen) في شركة (Hughes Aircraft Company)، كان إيرلي بيرد أول قمر صناعي تجاري يوفر خدمات اتصالات وبث منتظمة بين أمريكا الشمالية وأوروبا، تبع إيرلي بيرد إنتلسات أقمار (2B و2D)، التي تم إطلاقها في 1967م، وتغطي منطقة المحيط الهادئ، قدمت أقمار إنتلسات في مدار ثابت بالنسبة للأرض تغطية عالمية تقريبًا.

كما تصور آرثر سي كلارك قبل 24 عامًا، بعد تسعة عشر يومًا من وضع (Intelsat 3 F-3) فوق المحيط الهندي، تم بث هبوط أول إنسان على سطح القمر في 20 يوليو 1969م، على الهواء مباشرة عبر الشبكة العالمية للأقمار الصناعية (Intelsat) إلى أكثر من 600 مليون مشاهد تلفزيوني، أدّى التطبيق المحتمل للأقمار الصناعية من أجل التنمية وقدرتها على الوصول إلى المناطق النائية إلى قيام بلدان أخرى ببناء وتشغيل أنظمة الأقمار الصناعية الوطنية الخاصة بها.

واصل الاتحاد السوفيتي تطويره لتكنولوجيا الأقمار الصناعية مع سلسلة (Molniya) من الأقمار الصناعية، كانت كندا أول دولة بعد الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة تطلق قمر الاتصالات الخاص بها، (Anik 1)، في 9 نوفمبر 1972، وتبع ذلك إطلاق القمر الصناعي (Palapa 1) الإندونيسي في 8 يوليو 1976م، وتبعته العديد من الدول الأخرى البدلة وأطلقت الأقمار الصناعية الخاصة بهم.

تكنولوجيا الأقمار الصناعية:

أوضح بيرس مبادئ الاتصالات عبر الأقمار الصناعية في مقال بعنوان “مرحلات الراديو المدارية” نُشر في عدد أبريل 1955م من مجلة الدفع النفاث، في ذلك قام بحساب متطلبات الطاقة الدقيقة لنقل الإشارات إلى الأقمار الصناعية في مدارات الأرض المختلفة، تمثلت مساهمة بيرس الرئيسية في تكنولوجيا الأقمار الصناعية في تطوير مضخم أنبوب الموجة المتنقلة، والذي مكّن القمر الصناعي من استقبال إشارات الراديو وتضخيمها ونقلها، طور روزين تقنية تثبيت الدوران والتي وفرت الاستقرار للأقمار الصناعية التي تدور في الفضاء.

عندما تأسست الإدارة الأمريكية للملاحة الجوية والفضاء (ناسا) في عام 1958م، شرعت في برنامج لتطوير تكنولوجيا الأقمار الصناعية، كان أول مشروع لناسا هو القمر الصناعي (Echo 1) الذي تم تطويره بالتنسيق مع مختبرات (Bell) التابعة لـ(AT&T)، قاد بيرس فريقًا في (Bell Labs) قام بتطوير القمر الصناعي (Echo 1) والذي تم إطلاقه في 12 أغسطس 1960، كان (Echo 1) عبارة عن بالون مطلي بالألمنيوم يبلغ طوله 30.5 مترًا (100 قدم) ولا يحتوي على أي أدوات ولكنه كان قادرًا على عكس الإشارات من الارض، نظرًا لأنّ (Echo 1) يعكس الإشارات فقط، فقد تم اعتباره قمرًا صناعيًا سلبيًا.

تم إطلاق القمر الصناعي(Echo 2)، الذي يديره مركز جودارد لرحلات الفضاء التابع لناسا في بيلتسفيل، ماريلاند، في 25 يناير 1964م، بعد إيكو 2، تخلت ناسا عن أنظمة الاتصالات السلبية لصالح الأقمار الصناعية النشطة، يُنسب الفضل إلى الأقمار الصناعية (Echo 1 وEcho 2) في تحسين تتبع الأقمار الصناعية وتكنولوجيا المحطة الأرضية التي كان من المفترض أن يثبت أنّه لا غنى عنها لاحقًا في تطوير أنظمة الأقمار الصناعية النشطة، كما طور فريق بيرس في (Bell Labs Telstar 1)، وهو أول قمر صناعي نشط للاتصالات قادر على الاتصالات ثنائية الاتجاه.

تم إطلاق (Telstar 1) في مدار أرضي منخفض في 10 يوليو 1962م بواسطة صاروخ دلتا، قدمت وكالة ناسا خدمات الإطلاق وبعض دعم التتبع والقياس عن بُعدن كان (Telstar 1) أول قمر صناعي يبث صورًا تلفزيونية حية بين أوروبا وأمريكا الشمالية، أرسل (Telstar 1) أيضًا أول مكالمة هاتفية عبر الأقمار الصناعية، مكالمة قصيرة من رئيس (AT&T) فريدريك كابيل تم إرسالها من المحطة الأرضية في أندوفر بولاية ماين إلى رئيس الولايات المتحدة، ليندون جونسون في واشنطن العاصمة حاول فريق (Rosen في Hughes Aircraft)، وضع أول قمر صناعي في مدار ثابت بالنسبة للأرض، (Syncom1)، عام 1963م.

ومع ذلك، فقد (Syncom 1) بعد وقت قصير من الإطلاق، تم الإطلاق الناجح لـ(Syncom 2)، أول قمر صناعي في مدار متزامن مع الأرض (مدار مدته 24 ساعة ولكنه يميل إلى خط الاستواء)، في 26 يوليو 1963م، و تم إطلاق (Syncom 3)، وهو أول قمر صناعي في المدار الثابت بالنسبة للأرض، في 19 أغسطس 1964م، بث (Syncom 3) دورة الألعاب الأولمبية لعام 1964م من طوكيو، إلى الولايات المتحدة، وهو أول حدث رياضي كبير يتم بثه عبر القمر الصناعي، مهد التطور الناجح لتكنولوجيا الأقمار الصناعية الطريق لصناعة الأقمار الصناعية للاتصالات العالمية.

مستقبل الأقمار الصناعية:

في فترة زمنية قصيرة نسبيًا، تطورت تكنولوجيا الأقمار الصناعية من التجريبية (سبوتنيك في عام 1957) إلى أقمار متطورة وقوية، الأبراج الضخمة من آلاف الأقمار الصناعية المصممة لتوفير الوصول إلى الإنترنت إلى أي مكان على الأرض قيد التطوير، ستتمتع أقمار الاتصالات المستقبلية بمزيد من إمكانيات المعالجة الداخلية، والمزيد من الطاقة، وهوائيات ذات فتحة أكبر ستمكن الأقمار الصناعية من التعامل مع المزيد من عرض النطاق الترددي، ستزيد التحسينات الإضافية في أنظمة الدفع والطاقة للأقمار الصناعية من عمر الخدمة (10 – 15) سنة إلى (20 – 30) سنة الحالية.

بالإضافة إلى ذلك، هناك ابتكارات تقنية أخرى مثل مركبات الإطلاق منخفضة التكلفة القابلة لإعادة الاستخدام قيد التطوير، مع تزايد حركة الفيديو والصوت والبيانات التي تتطلب كميات أكبر من النطاق الترددي، لا يوجد ندرة في التطبيقات الناشئة التي ستدفع الطلب على خدمات الأقمار الصناعية في السنوات القادمة، سيضمن الطلب على مزيد من عرض النطاق الترددي، إلى جانب الابتكار المستمر وتطوير تكنولوجيا الأقمار الصناعية، واستمرارية صناعة الأقمار الصناعية التجارية على المدى الطويل في القرن الحادي والعشرين.



شارك المقالة: