نظرية سحابة الغبار المفسرة لنشأة المجموعة الشمسية

اقرأ في هذا المقال


ما هي نظرية سحابة الغبار المفسرة لنشأة المجموعة الشمسية؟

تعتبر نظرية سحابة الغبار من أهم وأحدث النظريات الحديثة التي برزت لتعمل على تسير وشرح نشأة المجموعة الشمسية، والتي قام باقتراحها الباحث الأمريكي ويبل Whipple خلال سنة 1918 للميلاد، وهذه النظرة في أساسها وأصلها تعتبر امتداد لنظرية الجزيئات الكونية التي قام العالم “كانت” بوضعها، وامتداداً أيضاً لنظرية السديمية التي اقترحها لابلاس.
ولكن هذه النظرية تتميز عن هاتين النظريتين بأن العالم ويبل حاول أن يوضح ويشرح بعض من نتائج البحث العلمي الحديث التي تقوم بدعمها، حيث أن هذا لم يكن متاحاً لكل من العالم كانت والعالِم لابلاس، والواقع العلمي الذي قام العالم ويبل ببناء نظريته عليه هو أن الفضاء الكوني ليس فارغًا بشكل تام كما كان يظن من قبل.
ولكن الفضاء يحتوي على كميات من غبار ميكروسكوبي مبعثر ومنتشر على مسافات كبيرة وبعيدة جداً، إلى درجة يتبين فيها الفضاء وكأنه فارغ بشكل تام، ولكن من خلال معرفة أن هذا الفضاء ضخم بطريقة لا يتصورها العقل البشري فإن الغبار المبعثر خلاله لا يكون كافياً من أجل بناء ملايين النجوم.
بالإضافة إلى ذلك فإن الغبار المبعثر والموجود في سكة التبانة مثلاً يستطيع بأن يكفي لتشكيل وبناء مئة ألف مليون نجم في حجم الشمس، وجزيئات هذا الغبار تكون ذات الدقة متناهية، كما أن قطر الواحدة منها لا يزيد عن 1/50.000 من البورصة، على الرغم من ذلك فقد تم التوصل من خلال تحليل جزء منها إلى أنها تتشكل من أغلب العناصر التي نعرفها.
ومن هذه العناصر هي الهيدروجين وعنصر الهيليوم والأكسجين بالإضافة إلى النيتروجين والكربون وغيرها، بالإضافة إلى ذلك توضح أنها تتجمع أحيانًا ببطء قوي جداً وتكون تحت ظروف خاصة فتتشكل منها في بعض المواضع سحب كبيرة جدًّا.
كما أن أفضل المناطق لتجميعها بهذا الشكل هي تلك المناطق التي يكون فيها ضوء النجوم ضعيف؛ وذلك نتيجة الضغط الضوئي الذي يكون قادر (على الرغم من ضآلته المتناهية) على أن يحرك الغبار الميكروسكوبي بعيدًا عن مصدر الضوء، وبالاعتماد على هذا الرأي فإن جزيئات الغبار الكوني تفضل أن تتجمع ببطء قوي إلى أن يضعف الضوء.
وفي البداية تتشكل منها سحب صغيرة، حيث أن هذه السحب لا تلبث أن تنمو بشكل سريع بسبب أن ظلها يعمل على تجمع الغبار حولها، فإذا لم يتبين على هذه السحب أي سبب يقوم بتشتيت غبارها مثل أن يمر في وسطها نجم ذو ضوء بالغ الشدة فإنها تتابع في النمو ويتزايد حجمها، كما تتزايد في درجة كثافتها وجاذبيتها في ذات الوقت حتى تصل إلى درجة يحدث معها ضغط الضوء عاجز عن تشتيتها.
كما أن العالم ويبل يقول حسب رؤيته أن السحابة التي تصل إلى هذه الحالة تكون ذات غبار كافي ليتم بناء نجم في حجم الشمس وتكون منتشرة في منطقة تم تقديرها في حوالي 9000 مليون كيلو متر (وهو ما يساوي البعد بين الأرض والشمس 60 ألف مرة).
خلال هذه الحالة يبدأ ترسيب غبار السحابة باتجاه مركزها من خلال قوة جاذبيتها، وتكون عملية الترسيب بطيئة في بداية الأمر، ولكنها تتزايد بشكل تدريجي كلما حدث انكماش في السحابة واندماج في جزيئاتها، حيث أن الاندماج بتسبب في تزايد متتابع في درجة حرارتها حتى تتغير مع مرور السنين إلى نجم ملتهب، وهذه هي الطريقة التي تشكلت من خلالها الشمس.
وقد حافظت الشمس على حرارتها بسبب تفاعلات الذرية القوية التي أخذت تتشكل في باطنها نتيجة لحرارته ذات الشدة البالغة، أما بالنسبة لدوران الشمس حول ذاتها وبطء هذا الدوران فيوضحهما ويبل بأن هذا الدوران لم يبدأ إلا خلال المراحل النهائية لتشكيل الشمس.
وخلال المراحل الأولى لعمليات الترسيب تكونت في السحابة تيارات متعددة ومتعارضة لم تساعد على تشكيل أي حركة دورانية، ولكن هذه التيارات بدأت تتناقص حتى اختفت أغلب التيارات المتعارضة، حيث أنه لم يتبقى منها سوي تيارات أساسية متجهة إلى المركز.
وهذه التيارات هي التي قامت بالمساعدة على بدء الحركة الدورانية البطيئة، ووضح ويبل أن الكواكب السيارة قد تشكلت من نفس سحابة الغبار التي تكونت منها الشمس وذلك خلال المراحل البدائية لعمليات الترسيب، ففي هذه المراحل نتجت من هذه السحابة سحابات صغيرة، وكانت هذه السحابات منتشرة على طول التيار الأساسي في السحابة الكبرى، وقد بدأت كل سحابة منها تنمو باجتذاب غبار جديد إليها.

المصدر: جيولوجيا النظائر/قليوبي، باهر عبد الحميد /1994الأرض: مقدمة في الجيولوجيا الفيزيائية/إدوارد جي تاربوك, ‏فريدريك كي لوتجينس, ‏دينيس تازا /2014الجيولوجيا البيئية: Environmental Geology (9th Edition)/Edward A. Keller/2014علم الأحافير والجيولوجيا/مروان عبد القادر أحمد /2016


شارك المقالة: