إمكانيات تطبيق البحوث الأنثروبولوجية

اقرأ في هذا المقال


تحتاج البحوث الأنثروبولوجية الميدانية إلى وقت طويل لأجرائها من حيث جمع البيانات وتحليلها وتقييمها وغيرها الكثير، لكن هل هناك إمكانيات لتطبيق البحوث الأنثروبولوجية في وقت أقصر؟ للأجابة عن هذا السؤال سنوضح في هذا المقال إمكانيات تطبيق البحوث الأنثروبولوجية والتحديد الدقيق لتقنيات البحث الميداني الأنثروبولوجي وأيضاً توصيات إمكانيات تطبيق البحوث الأنثروبولوجية.

إمكانيات تطبيق البحوث الأنثروبولوجية:

إذا سلمنا بأهمية الأبحاث الميدانية المتعمقة، وبجدوى التراكم العلمي في تطوير قضايا، نظريات ومناهج البحث فلا يجب علينا أن نقف مكتوفي الأيدي. بل يجب أن نبدأ محاولات التطوير على كافة المستويات. وفي هذا المدخل محاولة جادة للتطوير المنهجي، تتناسب بالفعل مع إيقاع الحياة السريع، باستخدام الطرق الأنثروبولوجية في مدى زمني قصير.

وإذا تأملنا الواقع لوجدنا أبحاثاً تم إنجازها في مدى زمنى قصير، حيث تمتعت في نفس الوقت بمستوى لائق من التعمق والدقة.

فقد يستغرق البحث الأنثروبولوجي نحو أسبوع واحد من العمل الميداني، ومع ذلك يتم الوصول إلى عدد من البيانات المتعمقة قياساً بتلك المرحلة الزمنية التي تم فيها فقد اختيرت ثلاث مجالات للحياة يمكن أن تكون مدخلاً إلى فهم طبيعة هذا المجتمع، وطبيعة التغير الثقافي الذي يعيشه، حيث تم اختيار النشاط الاقتصادي بجوانبه المختلفة، ثم ميدان العادات الشعبية، وأخيراً ميدان المعتقدات والمعارف الشعبية.

هناك أيضاً دراسات أخرى لها نفس السمات. فكم من باحث ظل سنوات يصول ويجول في ميدان بحثه، بينما لو قمنا بحساب الزمن الفعلي الذي استغرقه البحث لوجدناه لا يتعدى شهوراً قليلة. ومن هنا، فإن قضية اختزال الوقت نجد لها استخدامات في واقعنا، إلا أنها لم تتبلور بشكل مكتمل بحيث يقوي على النهوض كمنهج متميز أمام المناهج الأخرى.

تحديد دقيق لتقنيات البحث الميداني الأنثروبولوجي:

إن التحديد الدقيق لتقنيات البحث الميداني الأنثروبولوجي، ضم الكثير من الملاحظات المنطقية التي تنم عن خلفية علمية، وخبرة ميدانية. لذا كثرت الخوض في محتواها لما وجدت فيها من أهمية يمكن أن يستفيد منها الباحثون الأنثروبولوجيون، والقائمون على مشروعات بحثية.

كما أنها دعوة إلى إمكانية إجراء أبحاث متعمقة في وقت قصير، وذلك سوف يخفف من حدة بعض المشكلات المنهجية وفي مقدمتها ملل الباحث والإخباري، وملل القارئ أيضاً. كما أنه يمكن أن يخفض من تكلفته الأبحاث الطويلة من جهد ومال.

توصيات إمكانيات تطبيق البحوث الأنثروبولوجية:

هناك أمل في إمكانية تحقيق مثل تلك الطموحات، شرط التزام الدقة في تطبيق التقنيات التي سبق تناولها، مع أخذ التوصيات التالية في الاعتبار:

1- تحديد مفاهيم البحث الإجرائية تحديداً دقيقاً في مختلف العلوم والموضوعات.

2- توخي الدقة في اختيار الباحثين وتدريبهم، فقد أشارت سكريمشو إلى أهمية ذلك، ونذكر هنا ضرورة أن يكون الباحثين المشاركون ذوو اتجاهات علمية واحدة أو متقاربة حتى لا تُفقد إحدى مميزات الأنثروبولوجيا التقليدية. بحيث يشكل فريق البحث وحدة واحدة فالكل يعمل في الميدان. فنحن نريد العالم، والباحث، والجامع الميداني في شخص واحد. وهو هدف يصعب تحقيقه إلا بالاختيار الجيد، والتدريب الدقيق.

3- توخي الدقة في اختيار مجتمع البحث وهي إحدى النقاط الهامة، خاصة إذا كان هدف البحث الأنثروبولوجي يتعلق بقضية التعميم.

4- تصميم أدلة وفقاً لموضوع البحث، حيث لا بد أن نستعين في ذلك بالأدلة المتاحة، وبعض الدراسات السابقة في الموضوع المختار وبالدراسة الاستطلاعية أيضاً.

الخطوط العامة للتقرير النهائي للبحث الأنثروبولوجي:

فيما يلي الخطوط العامة للتقرير النهائي للبحث الأنثروبولوجي وهي:

1- المقدمة وتحديد الهدف: وتشمل مناقشة عامة لهدف أو أهداف البحث الأنثروبولوجي، ولمحة عن المستوى الاجتماعي لمستخدمي الخدمات.

2- معلومات عن الخلفية القومية والإقليمية: للمؤسسات والبرامج موضوع البحث مع إشارة للدراسات الهامة.

3- وصف مجتمعات الدراسة: وتشمل أسباب اختيار المجتمع المحلي وسماته العامة من حيث الوضع الجغرافي أو الإيكولوجي، وبيانات عن سكانه وعن طرق الاتصال، وبيانات سوسيواقتصادية المهن والأسواق التقليدية والتعليم، ومؤسسات الرعاية الصحية، والمرافق، وخريطة للمنطقة توضح عليها مناطق البحث كما يتضمن الوصف ملخصاً عن المصادر الصحية الرسمية “البلدية” وغير الرسمية “الحديثة”.

4- المناهج: حيث تضم بيانات حول اختيار العينة “وحدات المعيشة، ومقدمو الرعاية” وأيضاً جدول زمني للبحث، وسمات الباحثين من حيث النوع والسن، والمستوى التربوي وغيرها. كما يتضمن كذلك موضوعات الاختيار والتدريب والإشراف والمشاركة في تحليل البيانات وكتابتها إلى جانب التقنيات وأدوات البحث. وتشمل أوقات زيارة الأسر، والطرق الإحصائية المستخدمة، كما يتضمن هذا الجزء عرضاً للمعوقات والمشكلات التي واجهت البحث.

5- النتائج: حيث تبدأ بعقد مقارنات بين المجتمعات المحلية إذا أمكن وتناول مجتمع أو مجتمعات البحث الأنثروبولوجي من حيث وحدات المعيشة ومن حيث وصفها، ومعتقداتها حول موضوع البحث، ومصادر الرعاية الصحية، والتفاعل بين تلك المصادر والمستفيدين منها، مع مناقشات تفصيلية للنتائج والتوصيات من أجل البرامج والبحوث المستقبلية.

إذا كان البحث الأنثروبولوجي الميداني هو علاقة بين باحث وإخباري وإذا كنا نهتم بالإخباريين، وخلفياتهم، وتصميم بطاقات تحمل خصائصهم، فمن المهم أيضاً أن نوجه اهتمامنا إلى الباحثين وهم الطرف الثاني من العلاقة حيث قد تلعب خلفياتهم، وخصائصهم العامة دوراً مؤثراً على ما يجمعونه من بيانات.

المصدر: محمد الجوهري، مقدمة في دراسة الأنثروبولوجيا، 2007محمد الجوهري، الأنثروبولوجيا الاجتماعية، 2004ابراهيم رزقانة، الأنثروبولوجيا، 1964كاظم سعد الدين، الأنثروبولوجيا المفهوم والتاريخ، 2010


شارك المقالة: