ما هو الفقر؟

اقرأ في هذا المقال


عند التحدث عن الفقر يَلزم ألّا نغفل بهذا الصَّدد ذِكر التفاسير المختلفة عنه، فهناك التفسير الاقتصادي والتفسير الثقافي والتفسير السياسي.

التفسير الاقتصادي لمشكلة الفقر

التفسير الاقتصادي يَكمُن في مطالبة المجتمعات الصناعية للمهارة العالية والخبرة الطويلة والتخصّص العلمي الدقيق في فرض العمل المُتاحة في سوق العمل وهذا يعني أنَّ عددها يكون قليلاً ونادراً بالنسبة لأصحاب المهارة المُتدنية والخبرة القليلة والتَّخصّص العلمي العام الأمر الذي يجعلهم يذهبون إلى أعمال غير مُتخصّصة وغير ماهرة ولا تتطلب خبرة لكنَّها تدفع أجراً قليلاً وغالباً ما تكون مؤقتة.

هذا من جانب ومن جانب آخر فإنَّ العيش في المُدن الصناعية مُكلِف بسبب ارتفاع أجور السَّكن فيها وارتفاع أسعار السِلع للحاجيات الغذائية. إذ أنَّ العامل في المدن الصناعية يدفع أجور سَكن لشقة صغيرة وقديمة أكثر من العامل الذي يعمل في مدينة صغيرة ويعيش في شقة أو منزل جديد وواسع وفيه حديقة. أي أنَّ العامل في المدن الصناعية يَصرف معظم أجرَه على سَكنه على الرغم من رداءته. ومِمّا يزيد من إشكالية المشكلة كثرة طلبات الفقراء على السَكن الرديء ووجود دكاكين في أحياء الفقراء تبيع سِلعاً بأسعار أغلى من أسعار السلع في مركز المدينة.

ولا ننسى حقيقة افتقار الفقراء لواسطة النّقل الخاص الذي لا يُشَّجعهم على التَّبضع من الأسواق المركزية والتي يكون مكانها أو موقعها في أطراف المدينة وتبيع سِلعاً بأثمان أرخص، فضلاً عن عدم وجود فقير غير مَدين لبنك او لشركة وعليه دفع أقساط دينه كلَّ شهر.

التفسير الثقافي للفقر

يُستخدَم هذا التفسير بسبب التَّنوَّع الثقافي في المجتمعات الحَضرية والصناعية وما له من آثار على تشكيل الثقافات الفرعية ضمن الثقافة الاجتماعية العامة.

استخدم التفسير الثقافي للفقر ” أوسكار لويس” الذي دَرس الفقر كثقافة فرعية ظهرت كردّ فعل للحرمان المادي والاقتصادي، ووَجَد أنَّ الأطفال الذين نشأوا في مناطق فقيرة غُرِسَت فيهم قِيَم نابِعة من الحرمان والعَوَز لا يستطيعون أنْ يعيشوا في مناطق أخرى مغايرة لقِيَم الفقر، بينما وَجد أنَّ المرأة في ثقافة الفقر تُمثّل مركز الأسرة النووية التي تقوم بكافة المسؤوليات الأسرية داخل الأسرة، والمسؤوليات الاقتصادية خارج الأسرة من أجل تنمية روح التّماسك الأسري والأخلاقي القويم، في حين تكون مسؤولية الرجل هامشية وأولية.

لكنْ بسبب الضّيق الاقتصادي اتّصفت الأسرة الفقيرة بدخل متدني جداً ومعدل عالي من البطالة وهذا بدوره يَخلق وضعاً في سيطرة أفراد الأسرة على انفعالاتهم وغضبهم. الأمر الذي زادت فيها المشاحنات والاضطرابات والنزاعات الأسرية، وهذا لا يقوي تضامن الأسرة بل يوهِن علاقاتها. ويَخلِص “أوسكار لويس” إلى أنَّ هذه الصفات يمكن أنْ نجدها عند كافة الفقراء في العالم.

التفسير السياسي للفقر

يُستخدم هذا التفسير في فترات الحملات الانتخابية إذ استخدم المرشّحون وضع الفقراء الاجتماعي والاقتصادي كموضوع للدفاع عنهم عندما يفوزون لكن بعد فوزهم لا يُنفذون وعودهم التي قطعوها للفقراء، وأيضاً هناك العديد من الموظفين يعيشون على وجود الفقراء في المجتمع، وهم المحامون والقضاة ورجال الشرطة والباحثون الاجتماعيون وحرّاس السجن والتجار الذين لديهم سِلع رديئة أو فاسدة أو لا تُمثّل موضَة الموسم، وأصحاب محلات الأثاث المستعمل وأصحاب الكراجات الذين لديهم سيارات مستعملة وغير متينة أو غير مضمونة آلياً فضلاً عن كَون الأغنياء يُحافظون على مواقع الأفراد الذين هم أدنى منهم في السّلّم الاجتماعي لكي لا ينزلوا إلى مراتب أومواقع أدنى مِمّا هم عليه.

المصدر: التفكك الاجتماعي، معن خليل عمر، دار الشروق للنشر والتوزيع، عمان الأردن، 2005.علم المشكلات الاجتماعية، معن خليل عمر، دار الشروق للنشر والتوزيع، عمان الأردن، 1998.علم الاجتماع والمشكلات الاجتماعية، عدلي السمري ومحمد الجوهري وآخرون، دار المعرفة الجامعية، 1998.


شارك المقالة: