عادات وتقاليد شهر رمضان في أذربيجان

اقرأ في هذا المقال


عادات وتقاليد شهر رمضان في أذربيجان:

يتباهى الشعب في دولة أذربيجان في أيام شهر رمضان الكريم، إذ إنّ نسبة الشعب المسلم في هذه الدولة تتجاوز 95% من إجمالي عدد السكان الذي يبلغ مليون نسمة، حيث تسود الأجواء التي يعيش فيها أهالي الدولة بالتسامح والابتعاد عن الأعمال السيئة قدر المستطاع، والتحلّي بالصبر وزيادة العبادات، والإكثار من الدعاء.

يتمثل كلّ ذلك حرصاً منهم على مراعاة حرمة الشهر الكريم ومكانته. وتبدأ المتاجر والمحلات بعرض علب كرتون صغيرة مملوءة بالبلح والرطب كمظهر تقليدي أثناء الشهر المبارك، ويحرص الشعب الأذربيجاني على الاحتفال بشهر رمضان فيكون الاستعداد لاستقباله قبل أسبوع من حلوله، حيث ينظم الأذربيجانيون سباقات الخيل التي يعتبرونها عادةً أصيلة ذات طابع فولكلوري، وتهنئ الأسر بعضها البعض.

إنّ لِشهر رمضان الكريم عند شعوب دولة أذربيجان طقوس خاصة فيه، فهم يحرصون خلاله في تحقيق مزيد من الالتزام بقيم التسامح، وسموّ الروح والأخلاق ونسيان أسباب الخلاف والشقاق والتناحر، وغير ذلك مما يجري بين الناس في حياتهم اليومية. ويحرصُ المسلمون الأذربيجانيون على التمسك بفضائل هذا الشهر ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً. وأحد أبرز التقاليد المتأصلة هي توقّف الكثيرين عن إقامة حفلات الزواج في هذا الشهر الفضيل، والإكثار من زيارات الأقارب، والدعوة إلى الإفطار الجماعي، ومساعدة المحتاجين مائدة رمضانية.

أشهر الوجبات الشعبية في أذربيجان:

من أهم الوجبات التقليدية التي يشتهر بها المطبخ الأذربيجاني في شهر رمضان الكريم، يحتل طبق “الشوربة” ذو مكانة رئيسية في المائدة الرمضانية، فلا تُبتدأ الوجبة إلا به. ومن أشهر الأطعمة والمأكولات الرمضانية طبق “ضلحة“، وهو عبارة عن خليط من ورق العنب، ولحم الضأن والبصل، تُضاف إليها الخضروات المقطّعة والحمّص والتوابل.

ويضاف إليه طبق “بلاف” أي الأرز، وهو طبق رئيسي يتمتع بشعبية كبيرة في دولة أذربيجان، ويتمّ تقديمه بطرق مختلفة، وهناك طبق “قاوورما” الذي يُمكن إعداده من لحم الدجاج والبقر وشحم اللية والبيض والسمك والبصل والدقيق والفواكه المجففة والزعفران والخضراوات والكركم وغيره من البهارات.

وأيضاً هناك أطباق عديدة تعتمد على السّمك بأنواعه المختلفة مثل “سمك كوكو” المدخّن، والمطبخ الأذربيجاني بأصنافه المتنوّعة يتميّز بأنّه مزيج من المطبخين الإيراني والتركي معاً، كما يُكسبه التنوّع الجغرافي نكهةً فريدة تختلف من منطقة إلى أخرى، وهو يعتمد بشكل كبير على التقاليد القديمة، والطبخات الشرقية.

وتتميز أطباقه الرمضانية باعتمادها الكبير على الكثير من الخُضار الطازج التي يُساعد في توفيرها المناخ المعتدل للبلد، إذ تكون المائدة الأذربيجانية الرمضانية عامرة بما لذَّ وطاب ويجتمع حولها كلّ أفراد الأسرة، فيزداد التواصل بين الأهل والأقارب، كما تتعزّز لديهم مشاعر التراحم والعطف على الفقراء خاصةً خلال هذا الشهر الكريم.

روتين وجبة الإفطار عند مسلمي أذربيجان:

تتجمَّع العائلات قبل ساعات من حلول موعد الإفطار ويقوم أحد الأشخاص الموجودين من كبار السن ممّن يقرؤون العربية، بتلاوة القرآن الكريم أمام مجموعة من الشباب ويشرح لهم تفسير الآيات من خلال ترجمتها إلى اللغة الأذرية، وكذلك يجلسون في حلقات لدراسة علوم الدين المختلفة، في مشهد رائع يسُوده التواصل والتراحم.

وعند حلول وقت غروب شمس النهار، وارتفاع آذان المغرب، يكون قد تعلقت القلوب برجاء القبول، حيث يكون للتمر واللبن العمل الأسبق في كسر ساعات الصوم عملاً بالسنة النبوية الشريفة، ولِطبق الشوربة مكانة أساسية في المائدة الرمضانية هناك، فلا يبتدأ الطعام إلا به.

ومن العادات المتوارثة عند مسلمين أذربيجان، هي أنّ جلساتهم على المائدة الرمضانية تحتوي على طبق إضافي عن عدد أفراد الأسرة؛ ذلك استعداداً لاستقبال أيّ ضيف يزورهم على مائدة الإفطار.

تزداد نسبة اتشار عادة خاصّة تختص بشهر رمضان الكريم ولا يشاركهم فيها أحد، ألا وهي عادة “النذور” أيْ الوفاء بالنذور، فإذا كان أحدهم قد قطع على نفسه نذراً عندما كان واقعاً في أزمة ما، فإنه يوفي بنذره خلال هذا الشهر الكريم سواء بزيادة العبادة أو بكثرة الدعاء، كما يُقدم للفقراء مما وهبه الله من الخير وأسبغ عليه من النعم، ومن ناحية أخرى، تحرص الأسر الأذربيجانية على تهادي أطباق الطعام حتى تكاد تتشابه موائد الجيران جميعاً، وعلى تقديم الأطباق للفقراء والمحتاجين من باب الإحسان وحبّ الخير.
تزداد أفعال الخير في هذا الشهر الفضيل، ويُسارع المتصدقون إلى التصدق بالمال وإقامة موائد الرحمن، وتُقدّم اللجان الخيرية مساعدات دورية للاجئين والمحتاجين في المناطق النائية في أذربيجان.

كذلك يُقيم شيخ الإسلام المفتي العام للجمهورية، مائدة إفطارٍ يدعو إليها رئيس الجمهورية وأعضاء الحكومة ورؤوساء الطوائف الدينية الموجودة في أذربيجان، وجميع سفراء الدول العربية والإسلامية، ذلك بالإتفاق على تنظيم حفلات إفطار سنوية يُدعى لحضورها مواطنون أذريون ومسؤولون حكوميون بهدف توطيد العلاقة بين الطرفين، والعملِ على تعزيز اهتمام المواطنين الأذريين بهذه المناسبة الفضيلة.

المصدر: آثار البلاد وأخبار العباد، أبو يحيى القزوينيتاريخ واسط، أسلم بن سهل الرازي، 2015موجز تاريخ العالم، هربورت جورج ويلز،2006دول العالم حقائق وأرقام، محمد الجابري


شارك المقالة: