ما هو علم الاجتماع الطبي؟

اقرأ في هذا المقال


ما هو علم الاجتماع الطبي؟

هناك ارتباط وثيق ومباشر بين الظروف والمعايير والأفعال الاجتماعية وبين الأمور المتعلقة بصحة ومرض الأفراد، ومن ثم المجتمعات سواء من حيث نوعية الأمراض والوقاية منها، والظروف التي ساعدت على الإصابة بالمرض وأيضاً بالظروف الصحية السليمة التي حالت دون الإصابة بالمرض؛ لأن السيرة الذاتية والمؤثرات الاجتماعية الطبيعة وثقافة الفرد والمجتمع، إنما هي أساس التأثير إيجابياً أو سلباً في إصابة الفرد بمرض أو صحته وبالتالي يكون هناك ارتباط لا مفر منه في الارتباط التكاملي بين علم الاجتماع الطبي وعلم الاجتماع العام.

إن علم الاجتماع علم يهتم بدراسة الظواهر الاجتماعية والسلوك العام للمجتمع الناتج من تأثر الشخص وتأثيره في المجتمع وأيضاً في نمط الحياة السائد التابع، والتأثر بثقافة المجتمع التي تحدد ملامح وصفات وميزات أي مجتمع عن الآخر ولأن علم الاجتماع الطبي أحد فروع علم الاجتماع فإنه يدرس العلاقة ما بين الشخص والمجتمع وقضيتي الصحة والمرض.

لأن بعض الحالات المرضية العضوية يمكن أن يكون سببها غير المباشر الاضطرابات النفسية، وبالتالي الاجتماعية والعكس يمكن أن تكون بعض الأمراض النفسية خاصة، والاجتماعية عامة ناتجة عن بعض الأمراض العضوية؛ لأن الحالة العضوية مرتبطة بالناحية النفسية والعكس صحيح بحيث يكون التأثر من حالة إلى حالة ناتج عن الانفعالات والاضطرابات النفسية، ومثال على ذلك، أحد الأفراد في المجتمع أصيب بمرض لا يمكن الشفاء منه فإن حالته النفسية تضطرب وبالتالي إما أن يصاب باكتئاب أو مرض نفسي يزيد من إصابته العضوية والإصابة بالأمراض النفسية يمكن أن تكون سبباً في إصابة الشخص بمرض عضوي ناتج عن إصابته بمرض نفسي أو فسيولوجي.

وبناءً على ذلك نلاحظ أن علم الاجتماع الطبي يجمع ويمايز ويقرّب العلاقة الحميمة والقوية بين الاجتماع والطب، فهنا الطبيعة والبيئة الطبيعية يمكن أن تكون سبباً للمرض؛ لأن الطبيعة تحوي مواد وتفاعلات كيماوية وظواهر فيزيائية تؤدي إلى المرض وأيضاً تكون ناقلة للأمراض بواسطة موادها كالماء والهواء وهي تسمى عائل للمرض.

من هنا يقوم علم الاجتماع الطبي بدراسة الظواهر الاجتماعية والبيئية التي يعيشها الإنسان ويتأثر ويتفاعل معها سواء اجتماعياً أو بيئياً، ولا تقتصر واجبات الطبيب أو النسق الطبي على علاج الأمراض فقط بل يتعدى ذلك على دراسة البيئة الاجتماعية والطبيعية للمريض ومعرفة التأثيرات والعوامل الاجتماعية والبيئية التي تضر في الإنسان من ناحيتي الصحة والمرض.

الهيئات والتنظيمات المساندة للنسق الطبي في علم الاجتماع الطبي:

إلى جانب النسق الطبي تقف مجموعة من الهيئات والتنظيمات والجمعيات المساندة للنسق الطبي، مثال على ذلك الجمعيات الإنسانية الطبية والمنظمات الصحية العالمية مثل منظمة الصحة العالمية، والهيئات الطبية التطوعية وأقسام الصحة العامة وشركات الأدوية ومؤسسات التأمينات الصحية والتي تتظاهر الجهود جميعها للحفاظ على الصحة ومعالجة الأمراض كل حسب تخصصه ومجاله الذي لا يمكن إنكار فاعليته اجتماعياً وطبياً للحيلولة دون انتشار الأمراض ومساندة النسق الطبي في العلاج.

ولا ننسى هنا المؤسسات الطبية التعليمية والكليات الطبية ومعاهد الطب والمهن الطبية المساندة والتي تقوم بتدريس وتأهيل وتدريب العاملين في النسق الطبي والتخصصات الطبية التي تدرسها هذه الكليات والجامعات وهي التمريض، القبالة، الأشعة وتكنولوجيتها، العلاج الطبيعي، الصحة العامة، المختبرات الطبية، الصيدلة، السجل الطبي، التخدير والإنعاش، المراقبة الصحية وفحص نظر.

وقد ركزت المعاهد وكليات المهن الطبية بالإضافة على المهنة أو التخصص الأم في كل مجال على تدريس مواد مساندة وإضافية لها علاقة بالمهنة الأم، مثل علم الاجتماع الطبي، اللغة الإنجليزية، اللغة العربية، الثقافة العامة، والرياضة، وعلم النفس وتاريخ الطب والتمريض والكيمياء العضوية والتحليلية.

ولا يخفى على أحد أن من الضروري جداً أن يدرك ويعي العامل في النسق الطبي البيئة أو الطبيعة الاجتماعية والدينية العقائدية التي يعيش فيها أو يعمل فيها، وعليه التمييز بين المعتقدات الدينية المختلفة في المجتمع الواحد إلى جانب اختلاف ثقافة المجتمع الواحد بأنواعه الحضري والريفي والبدوي، كذلك الإلمام بكافة الدراسات والإحصائيات المتعلقة بالمجتمع الذي يعيش فيه مثل ثقافة المجتمع وأنواع الأمراض وأسبابها وكذلك معدل الوفيات والولادات.

أيضاً الإلمام الكافي بتاريخ وميزات وأهداف مجتمعه وشعبه الذي ينتمي إليه وتطور بلاده سياسياً واجتماعياً واقتصادياً وطبياً وتربوياً وثقافياً وخصائص كل تطور وتأثير هذا التطور على المجتمع.

إلى جانب دراسة كل بيئة اجتماعية على حدا ونعني هنا بالبيئة الاجتماعية، التقسيمات الاجتماعية والبيئية الحضر والريف والبادية، ومعرفة الخصائص المميزة لكل بيئة وتقاليدها وعاداتها وطموحاتها وأهدافها، على أن هذه البيئات لها طابع خاص وأسلوب تعامل خاص يتماشى مع مقدار ما تحويه هذه البيئة من عادات وقيم وثقافة صحية ويتأقلم مع هموم وطموح وعادات هذه البيئة بعد فهمها ودراستها دراسة مستفيضة.

كما يعنى علم الاجتماع الطبي بالأمراض الاجتماعية التي تسبب مشكلات ذات طبيعة اجتماعية وتعتبر من الأمراض الاجتماعية الخطيرة التي تأثر على الفرد والمجتمع معاً مثل إدمان المخدرات، وشرب الخمور، والشذوذ الجنسي.

المصدر: ١. سامية محمد جابر، علم الاجتماع العام، ٢٠٠٤.٢. فوزية رمضان، دراسات في علم الاجتماع الطبي، ١٩٨٥.٣. إقبال ابراهيم، العمل الاجتماعي في مجال الرعاية الطبية، ١٩٩١.٤. حسين عبد الحميد، دور المتغيرات الاجتماعية في الطب والامراض، ١٩٨٣.


شارك المقالة: