أهمية التكنولوجيا وتقسيم العمل تبعا للعمر والنوع في الأنثروبولوجيا الاقتصادية

اقرأ في هذا المقال


سنتناول في هذا المقال أمثلة تمثل أهمية التكنولوجيا في الأنثروبولوجيا الاقتصادية، وسنوضح أيضاً تقسيم العمل تبعاً للعمر والنوع في الأنثروبولوجيا الاقتصادية.

أهمية التكنولوجيا في الأنثروبولوجيا الاقتصادية:

تتصف التكنولوجيا والمهارات، التي يتعين على أفراد شعب السيريونو اكتسابها بالبساطة النسبية بحيث يستطيع كل فرد نظرياً تعلمها بسهولة. إلا أن كل أفراد شعب السيريونو لا يعملون في كل ضروب النشاطات. وبدلاً من ذلك فإن الأعمال تنقسم وتتوزع تبعاً للعمر والنوع، كما هى الحال بالنسبة لكل المجتمعات الإنسانية المعروفة.

فمن وجهة نظر الأنثروبولوجيا الاقتصادية لا يستطيع الأطفال الصغار والمسنون ممارسة الإنتاج. وبينما نجد الأطفال يمثلون قيمة معينة، ويحصلون على العطف، نجد كبار السن لا يلقون سوى الإهمال، أو التجاهل. ويقوم الرجال بممارسة الصيد (القنص)، وصيد الأسماك، وبناء المساكن، وصنع الأسلحة والأدوات، وبعض الأواني. أما النساء فيقمن بالطهو، ورعاية الأطفال، ونقل الماء وخشب الوقود، وصنع الأراجيح الشبكية، والحصير والأواني المنسوجة أو المجدولة، والأشياء الفخارية، فضلاً عن الحلي.

ويرى علماء الأنثروبولوجيا الاقتصادية إنه قد يقوم الجنسان بأداء الأعمال المرتبطة بإنتاج الأطعمة النباتية. وذبح الفرائس، وحمل الأشياء. وتتطلب هذه الأعمال أيضاً اعتماداً متبادلاً عاماً بين الجنسين. وفى حالات قليلة يكون هذا الاعتماد المتبادل واضحاً صريحاً حيث تقوم النساء بصنع الخيوط اللازمة للأقواس التي يستخدمها الرجال في صيدهم، على حين يقوم الرجال بتشكيل بعض المعدات كالمغازل العمودية التي تستخدمها النساء.

وتقسيم العمل بين الرجال والنساء عند شعب السيريونو ليس تقسيماً جامداً، ففي حالة الضرورة يستطيع أحد الجنسين وهو أمر مسموح به القيام بمعظم الأعمال التي يقوم بها عادة الجنس الآخر. وفى جمعات أخرى نجد التقسيمات التقليدية راسخة إلى حد الجمود، وفي بعض الحالات قد يجهل أحد الجنسين المهارات التي يستخدمها الجنس الآخر.

وفي مثال ثاني لدور وأهمية التكنولوجيا في الأنثروبولوجيا الاقتصادية نرى شعب هنود الميكس بالمكسيك وهو شعب آخر يعيش حالة قريبة من مستوى الجماعة نجد الرجال يفقدون ببساطة المعرفة والمهارة اللازمتين لمعالجة الذرة الذي يشكل أساس طعامهم. ويوضح المثال الآخر أهمية فهم التكنولوجيا. فللوهلة الأولى يبدو أن صنع كعكة من دقيق الذرة أمر سهل، لكن النظرة التحليلية توضح أن هذه العملية تتطلب نزع أو فصل عرنوس شجرة الذرة عن كيزان الذرة.

ثم إلى حبوب الذرة بواسطة كمية مناسبة من الدقيق، ولفترة كافية، حتى يمكن إزالة الغطاء الخارجي الحاد وتنعيم الحبوب وتختلف هذه العملية حسب نوع الذرة المستخدمة، ثم يتم طحن الذرة على مطحنة مسطحة، أو حجر مسطح للطحن ذى يد (وهو حجر مصنوع خصيصاً لهذا الغرض ويمسك باليد) حتى يصل الدقيق إلى حالتة السليمة من النعومة.

ولتحويل الدقيق إلى عجين يجب إضافة كمية مناسبة من الماء حتى تحدث حالة من الاتساق، أو التوازن، بحيث تسمح بتشكيل الكعكة، حيث يتم تحويلها إلى كرة من العجين ذات حجم ملائم، ثم يضغط عليها بين راحتى اليدين حتى يمكن تشكيل كعكة مستديرة مسطحة ذات سمك ملائم.

ويتعين إنضاج هذه الكعكة على صينية، أو صاجة، وأن تكون درجة الحرارة ملائمة. كما يجب أن يتم ذلك بحيث لا تلتصق عجينه الكعكة بالصينية، ثم تقلب الكعكة على الصينية في أثناء النضج مرات عديدة حتى يتم طهوها بطريقة سليمة. وتقضي المرأة التي لديها أسرة مؤلفة من خمسة أفراد ست ساعات يومياً عند حجر الطحن والصينية، إذا ما كان الكعك المصنوع من دقيق الذرة يمثل العنصر الأساسي في الطعام.

وقد يلم الرجل بهذه العملية بطريقة عامة، ولكنه لا يستطيع الحكم الدقيق على الطعام، كما أنه لا يمتلك المهارات اليدوية لإنتاج طعام جيد، حتى ولو خصص لذلك جانباً من الوقت الذي يقضيه في أداء أعماله الإنتاجية الأساسية.

تقسيم العمل تبعاً للعمر والنوع في الأنثروبولوجيا الاقتصادية:

وعادة ما يكون تقسيم العمل تبعاً للعمر على درجة كبيرة من الوضوح في الأنثروبولوجيا الاقتصادية. فالصغار يفتقرون إلى القوة، أو المعرفة، التى تمكنهم من إنجاز كثير من الأعمال الإنتاجية. وقد تتم مشاركة الصغار في عملية الإنتاج، ولكن من الواضح في معظم الحالات أن كبارهم يعتبرون هذه المشاركة عملية تعليمية أساساً، وأن الإسهام الأولي الذي يقدمه الصغار يكون ضئيلاً.

وتزداد صعوبة تفسير بعض أشكال تقسيم العمل تبعاً للجنس في الأنثروبولوجيا الاقتصادية. إن الرجال يقومون بمعظم الأعمال التى تحتاج إلى قوة بدنية كبيرة، أو تغيب طويل عن المعسكر أو السكن، كالصيد (القنص) وصيد الأسماك من عرض البحر، وقطع الأخشاب، والنفخ.

فى حين تقوم النساء عادة بأعمال لا تتعارض تعارضاً كبيراً مع رعاية الأطفال، ولا تحتاج إلى قوة بدنية هائلة، كإعداد الطعام، والطهو، وجميع النباتات أو المحار، وحمل الأخشاب والماء، فضلاً عن النسج. وعلى الرغم من أن النساء يقمن عادة بالطهو، إلا أن الرجال في بعض الحالات يقومون بمعظم أعمال الطهو، أو يقومون بالطهي لأنفسهم. وفي شعب الهوبى بأريزونا يقوم الرجال بالغزل والنسج.

المصدر: محمد الجوهري، مقدمة في دراسة الأنثروبولوجيا، 2007محمد الجوهري، الأنثروبولوجيا الاجتماعية، 2004ابراهيم رزقانة، الأنثروبولوجيا، 1964كاظم سعد الدين، الأنثروبولوجيا المفهوم والتاريخ، 2010


شارك المقالة: