إشكالية تعريف علم الاجتماع

اقرأ في هذا المقال


إشكالية تعريف علم الاجتماع:

سادت نزوة مشهورة بين علماء الاجتماع، منذ طويل تدعي بأن السوسيولوجين يتفقون بينهم في نقطة واحدة هي عدم اتفاقهم على تحديد علم الاجتماع، ووردت هذه المزحة ﻷول مرة، في كتاب ريمون آرون الموسوم بثمانية عشرة درساً عن المجتمع الصناعي عام 1962، ثم كررها ووافق عليها، ريمون بودون في مقرره منطق الاجتماعي عام 1979، فغدت كلمة شبيهة بمحل الاشتراك الذي لا جدال فيه عند المعاصرين.

المنطلقات المنهجية الخاطئة في علم الاجتماع:

من المؤكد أن نقطة الانسداد في تعريف هذا العلم، تعكس بشكل سريع عدة فجوات في المنطلقات المنهجية التي بنيت عليها التحديدات الكلاسيكية أهمها منطلقان:

1- على المستوى النظري:

انقسمت التحديدات بين الذين يتبنون فكرة أسبقية الحدث الفردي على الواقع الاجتماعي، فمصدر الظواهر الاجتماعية المشتركة، هي دوماً تجميع للأفعال الفردية سواء بإعادة إنتاجها، أو تحويلها أو غير ذلك، والذين يعتقدون بأسبقية الاجتماعي على الفردي، وأن النظام الاجتماعي هو الذي يحدد سلوكيات الأفراد بكل دقائقها حتى الأكثر خصوصية منها كالتقاء الزوجين، واختيار أسماء الأطفال.

2- على مستوى المنهج:

بين الذين ينطلقون من أهمية جمع المعطيات الكمية واستغلالها، فلا أهمية للبحث دون هذا المبدأ، والذين يعتقدون أن لا شيء يعوض الجمع الدقيق للمعلومات الكيفية، ولا قيمة للكم، إنما الأصل في البحث الفهم فقط.

الطرق الخاطئة في علم الاجتماع:

ولد المنطلقان الخاطئان السابقان عدة طرق خاطئة بالضرورة في تعريف علم الاجتماع هي:

1- تعريف علم الاجتماع عن طريق المؤلفين:

تحديد ماهية هذا العلم بما قدمه فيبر، أو دور كايم أو باريتو أو غيرهم، شبيه بمن يدعي بأن الفيزياء ما هي إلا الخطاب الذي أنتجه نيوتن أو أينشتاين أو غيرهما من جهة، ومن جهة أخرى محاولة التحديد الحرفي للسوسيولوجيا حسب روادها يوصلنا إلى حالة من الشظايا الانفجارية المشتتة هنا وهناك؛ ﻷن السوسيولوجيين الأوائل كانوا في البداية أصحاب تخصصات متعددة من فلاسفة ومهندسين واقتصادين ورجال قانون وسياسيين.

2- تعريف علم الاجتماع عن طريق المناهج:

وذلك من خلال الربط بين التعريف والتقنيات المستخدمة، كالمقابلة والاستمارة وتحليل المحتوى، وهذا يعني وضع أدوات التنقيب في درجة أعلى من الأهداف المتوخاة من قبل المبحوث أو البحث من جهة، ومن جهة أخرى يصعب الجزم بأن هذه التقنيات والأدوات تخص علماء الاجتماع دون غيرهم ولهم الاستحواذ الكامل عليها، فهي مستخدمة في كثير من الحالات بدرجة كبيرة من الحذر، يتقاسمها معهم مختصون من مجالات أخرى، فالمقابلة مثلاً تستعمل من قبل عدة جهات أخرى كالموظف في العمل الإداري، والصحفي في التقصي الإعلامي، فهي تسمح بتحقيق سير للآراء في مجالات معرفية مختلفة.

3- تعريف علم الاجتماع عن طريق النظريات:

من خلال ربط مفاهيمه بالنظرية الوضعية أو التطورية أو الماركسية أو الوظيفية أو البنائية، وهذا يعني إبراز وربط هذا العلم بتفسيرات غالباً ما تكون تنافسية بين مدارس متباينة، دون الاهتمام بتثمين النتائج العلمية المحصل عليها من جهة، وتعتبر هذه النظريات من جهة أخرى، في عمومها نقلاً أو استيراداً لنظريات من تخصصات أخرى كالفيزياء والبيولوجيا والاقتصاد والاثنولوجيا وغيرها.

المصدر: مناهج البحث العملي، محمد الجوهري.محاضرات في تصميم البحوث، محمد سعيد فرح.علم الاجتماع الريفي، غريب سيد سيد أحمد.أصول البحث الاجتماعي، عبد الباسط حسن.


شارك المقالة: