الأنثروبولوجيا ووسائل الإعلام

اقرأ في هذا المقال


الأنثروبولوجيا ووسائل الإعلام:

الأنثروبولوجيا واحدة من أحدث العلوم الاجتماعية التي دخلت على نطاق واسع وبدأت في أبحاث الاتصالات وببحوث منهجية لوسائل الإعلام خلال الثمانينيات والتسعينيات، فما هي الأخبار التي تأتي بها الأنثروبولوجيا؟ أولاً، تم العثور على معظم تأثيرات الأنثروبولوجيا على الوسائط الموجودة في أمريكا وفي أماكن أخرى مثل الصين والهند والبرازيل أو بين شعوب المايا، والسؤال الأول الذي يمكن أن يسأله شخص ما إذا كانت هذه أخبار جيدة أو سيئة، إذ تأتي الأخبار السارة من حقيقة أن البحوث الأنثروبولوجية تدعم وسائل الإعلام وتقليد الآثار.

على سبيل المثال، الكل يعلم أن العائلات في جميع أنحاء العالم تقضي وقتًا طويلاً في مشاهدة التلفزيون، أو أن التلفزيون هو وسيلة لتكوين الهوية الوطنية، سواء المملوكة للدولة كالصين والهند، والتجارية كبورتوريكو، أو النظم الأصلية كأستراليا، والنبأ السيء هو أن الأنثروبولوجيا لم تفعل ذلك لحل مشاكل التأثيرات، إلا أنها أعطت المزيد من الشرارة الأولى للانطلاق، والآن، ما يجب على العلوم الاجتماعية أن تشرحه والأنثروبولوجيا بشكل خاص هو سبب انتشار مشاهدة التلفزيون.

إذ تؤكد معظم الأبحاث الأنثروبولوجية أن المعتقدات القديمة في أبحاث الاتصال تدحض بعض المعرفة وتضيف بعض المعرفة الجديدة، ومع ذلك، قبل الدخول في المعرفة الأنثروبولوجية، هناك حاجة أولاً إلى مناقشة نقاط الاتصال بين كلا التخصصين، ففي العلوم الاجتماعية، ناقش عدد قليل من العلماء العلاقة بين كتلة التواصل والأنثروبولوجيا، فعلى حد علم الباحثين، يتعامل مؤلفين مع هذا السؤال هم ديكي سبيتولنيك وإيزلين بيك، وهؤلاء العلماء متفائلون بشأن العلاقة بين الأنثروبولوجيا والاتصال الجماهيري.

فعلى حد تعبير ديكي سبيتولنيك، يدخل علماء الأنثروبولوجيا الدراسات الإعلامية في وقت يأتي فيه هذا المجال  للإجابة عن الأسئلة التي يمكنهم عليها، ويجادل إيزلين بيك أنه في الأنثروبولوجيا لا تتطلب دراسة الوسائط أيًا من المفاهيم أو الأساليب النظرية الجديدة، ويعتقد أنه على الرغم من أن الأنثروبولوجيا ليست منطقة مؤسسية لوسائل الإعلام الجماهيرية، فهي تنمو ويمكن أن تكون مساهمة.

ماذا تفهم الأنثروبولوجيا بوسائل الإعلام؟

يعرّف ديكي سبيتولنيك وسائل الإعلام بأنها وسائل اتصال يتم توزيعها أو يمكن أن يتم توزيعها على نطاق واسع في شكل متطابق تقريبًا، بما في ذلك الأفلام والفيديو والتلفزيون والراديو والدوريات المطبوعة، والمطبوعات الحجرية الإعلانية واللوحات الإعلانية وشبكة الويب العالمية، وتعريف ايزلين بيك لوسائل الاتصال هي التضخيم الميكانيكي للاتصال لتجاوز الحواجز الجغرافية أو الزمنية، ويعتقد أنه بين المجتمعات غير الصناعية، توجد وسائل الإعلام في شكل نقوش وأعمال فنية ودخان الإشارات وبراميل الإشارة.

ويجادل ديكي سبيتولنيك بأن وسائل الإعلام هي في الوقت نفسه من القطع الأثرية والخبرات والممارسات والعمليات، وإنها مدفوعة اقتصاديًا وسياسيًا، ومرتبطة بالتطورات في العلوم والتكنولوجيا، ومرتبطة باستخدام اللغة، ويقول إنه بسبب هذه الخصائص العريضة، يمكن للأنثروبولوجيا أن تقترب من وسائل الإعلام كمؤسسات، وأماكن عمل، وممارسات تواصلية، ومنتجات ثقافية، وأنشطة اجتماعية، وأشكال جمالية، وتطورات تاريخية.

وبالنظر إلى التعريفات السابقة، لا توجد حجة لاستبعاد الاتصال الجماهيري من الأنثروبولوجيا، بعبارة أخرى، يحق لعلماء الأنثروبولوجيا دراسة الاتصال الجماهيري باعتباره موضوع الأنثروبولوجيا، لكن هذه التعريفات تقول شيئًا أكثر، حيث أن الاتصال الجماهيري ليس فقط الظواهر الصناعية كنتاج مجتمع جماهيري، ولكنها موجودة في المجتمعات غير الصناعية التي درسها علماء الأنثروبولوجيا.

كيف تتعامل الأنثروبولوجيا مع وسائل الإعلام؟

يتفق هؤلاء العلماء على أن الأنثروبولوجيا تدرك جيدًا الاتجاهات في بحوث الاتصال، حيث يجادل ديكي سبيتولنيك أنه خلال التسعينيات، ركز الانضباط الأنثروبولوجي انتباهه في الممارسات التفسيرية لجماهير وسائل الإعلام، وتنوع جمهور وسائل الإعلام واستخداماتها، والتعددية وعدم تحديد النصوص الإعلامية، وعلى حد تعبير ديكي سبيتولنيك، كان الاتجاه في دراسات الاتصال نحو التمايز بين المشاركين في وسائل الإعلام، هو ما دعمته الأنثروبولوجيا.

ووفقًا لهذا، كان علماء الأنثروبولوجيا على دراية جيدة بالدراسات الإعلامية، ويعرفون أهم النظريات والاتجاهات، والمواضيع والمشاكل، والنقطة المهمة هي أن الأنثروبولوجيا حتى الآن لا تفعل شيئًا جديدًا ومسألة مساهمتها لا تزال مفتوحة.

ما هو هدف أنثروبولوجيا الاتصال الجماهيري؟

وفقًا لايزلين بيك، فإن هدف أنثروبولوجيا الاتصال الجماهيري هو شرح كيف تخلق وسائل الإعلام التكامل في عالم حيث شبكات القرابة والإقامة والطبقات الاجتماعية غير قادرين على توفير التكامل الاجتماعي والثقافي على نطاق واسع، ووفقاً لديكي سبيتولنيك، لدراسة عملية بناء الهويات بالتفاعل مع وسائل الإعلام، يتطلب فهم كيفية استخدام الوسائط بشكل عادي وممارسات غير عادية لخلق ومناقشة تمثيل الذات والآخر، ووفقًا لديكي سبيتولنيك، فإن دمج دراسات وسائل الإعلام يأتي في الحقيقة الاجتماعية الكلية للحياة الحديثة.

أي لتنظير عمليات الإعلام ومنتجاته ويستخدم كأجزاء معقدة من الواقع الاجتماعي، وأيضاً يهدف، لإجراء بحث عبر الثقافات من أجل اختبار النتائج التي توصل إليها علماء الاتصال ومعرفة ما إذا كانت تنطبق فقط على بعض المجتمعات الغربية أو صالحة لجميع الثقافات في هذا العالم، وكل هذه التعريفات صحيحة إلى حد ما، حيث يصف تعريف ايزلين بيك عددًا كبيرًا جدًا من أبحاث الأنثروبولوجيا، ومع ذلك، لم يتم الاتفاق عليها لأن نتيجة هذا الاقتراح هي أن الأنثروبولوجيا ستثبت أنها لا شيء أكثر من تقنية.

ويكتب علماء الأنثروبولوجيا بروح الستينيات والسبعينيات، النظرة الوظيفية لوسائل الإعلام، أي النقد والتأويل، فكل هذه الأنظمة النظرية لا تزال حية، وكلها ممثلة في ابحاث أنثروبولوجية، لذلك، ليس لديهم نهج موحد لدراسة الاتصال الجماهيري، وليس لديهم كائن موحد.

فهل يمكن فهم بطريقة أخرى هدف أنثروبولوجيا الاتصال الجماهيري؟ يعتقد علماء الأنثروبولوجيا أن أخر طريقة هي حضور الأسئلة التي يطرحها هؤلاء الباحثون على الميدان، والتي لا تطرح للمقارنة، ولا يمكن للأسئلة التي يطرحونها التمييز بين علماء الأنثروبولوجيا وعلماء الاجتماع الآخرين، لذلك، بهذه الطريقة هم لا يعرفون المهمة المحددة لأنثروبولوجيا وسائل الإعلام، وهذا الوضع يسمح لهم أن يعطوا سياق للبحث الخاص.

الأهداف ذات الصلة لفهم العلاقة المتنامية بين الأنثروبولوجيا وكتلة الاتصالات:

خلال الثمانينيات والتسعينيات لوحظ العلاقة المتنامية بين الأنثروبولوجيا وكتلة الاتصالات، بسبب حداثة البحوث، إذ تتعامل البحوث مع الأهداف ذات الصلة لفهم العلاقة المتنامية بين الأنثروبولوجيا وكتلة الاتصالات وهي كتالي:

1- وصف البحوث الأنثروبولوجية لوسائل الاتصال الجماهيري.

2- مقارنة هذا البحث بالتقاليد مثل علم الاجتماع والعلوم السياسية.

3- وصف استخدامات الأنثروبولوجيا من قبل الباحثين في مجال الاتصال.

4- اقتراح مساهمة الأنثروبولوجيا في الاتصال الجماهيري.

ويتبع هيكل هذا المجال نفس ترتيب الأهداف، حيث يقوم بمراجعة دورية للإجابة على سؤال حول ما قالته الأنثروبولوجيا عن كتلة التواصل وما هي المعرفة التي أتت منه، ويقارن الأنثروبولوجيا مع التخصصات الأخرى، ويبحث عن المعرفة الأنثروبولوجية خارج المجلات الأنثروبولوجية، ويحاول الإجابة عن سبب الاهتمام بالأنثروبولوجيا وسائل الإعلام الذي آخذ في الازدياد، ويصف كيفية المفاهيم والأساليب الأنثروبولوجية التي تم استخدامها من خلال أبحاث الاتصال.

ويقترح أنثروبولوجيا الاتصال الجماهيري، الذي يتضمن قواعد البيانات التي تم إنشاؤها لإنجاز هذا العمل، من خلال بحث نظري ميداني لاختبار الاقتراح، ضمن نظرية المعرفة في العلوم الاجتماعية، بالإضافة إلى ذلك، المساعدة في تقديم حجج في فهم مساهمة الاتصال الجماهيري في الأنثروبولوجيا.

المصدر: محمد الجوهري، مقدمة في دراسة الأنثروبولوجيا، 2007محمد الجوهري، الأنثروبولوجيا الاجتماعية، 2004ابراهيم رزقانة، الأنثروبولوجيا، 1964كاظم سعد الدين، الأنثروبولوجيا المفهوم والتاريخ، 2010


شارك المقالة: