الإشكالات الهامة في تصورات بارسونز النسقية لسوسيولوجيا الفعل الاجتماعي

اقرأ في هذا المقال


الإشكالات الهامة في تصورات بارسونز النسقية لسوسيولوجيا الفعل الاجتماعي:

  • أولاً: إن شرعية القيم المؤسسية، وكذلك التنظيم المعياري للنسق، يُمثل حقيقة كاملة لحل إشكالية القوة في إطار التحليل النسقي، الذي يقدمه باسونز، كما أنه يعرف القوة من منظور التحليل النسقي، بأنها قدرة وحدة النسق على تحقيق المصلحة العامة والخير للمجموع، وهنا تكمن شرعية كافة الانتقادات الموجهة إلى نظريته، باعتبارها محافظة أو كما وصفه بوتومور بأنه خارج هذا العالم، أو الرجل المحافظ.
    إن الافتراض المضمر في تصورات بارسونز، هو أن منظومة القيم والمعايير تنطوي في إطار التكامل بالأهمية على العدالة الاجتماعية، وأن نظام التوزيع الذي يتحدث بارسونز عنه كآلية ضبطية هو نظام عادل، وأن شرعية القيم والمعايير المؤسسة هي شرعية حقيقية، خرجت عن رضا جميع الأفراد.
  • ثانياً: إن علم الاجتماع من منظور بارسونز للواقع الاجتماعي، يقصد بالتحليل النسقي للأفعال ذات الطبيعة الاتساقية، وهي الأفعال التي ثبتت في إطار عملية التكامل القيمي العام، ولذلك فإن التفاضل في القوة القائم على تضارب المصالح والتناقضات الاجتماعية والحركات الراديكالية والصراعات، وكافة عمليات القهر والاستغلال، وكذلك الأيدولوجيا التي تنفذ إلى منظومة الأفكار العامة هي ليست من مجالات البحث التي يعنى بها علم الاجتماع، ولا أحد العلوم الفرعية الموازية للأنساق الفرعية المشكلة لسوسيولوجيا الفعل النسقية، بما في ذلك علم السياسة.
  • ثالثاً: إذا كانت النظرية السوسيولوجية، كما يزعم بارسونز، معينة بمأسَسة أنماط التوجيه القيمي، فإنه بذلك يفرض على النظرية السوسيولوجية، مساراً أحادياً للفهم، يفضي إلى إلصاق صفة الاتساق بالأنساق الاجتماعية، وبذلك يتجاهل التناقضات الداخلية للأنساق، وعلاقاتها القائمة على السيطرة وتضارب المصالح.
  • رابعاً: فإن التشكك المركزي الضروري يجب أن يوجه إلى المنهجية التي اهتم بها بارسونز كثيراً، وهي الواقعية التحليلية، فقد مضى بارسونز طويلاً وهو يدافع عن ارتباطات تجريداته، في إطار الواقعية التحليلية بالواقع، ولكنه بوعي وقصدية لم يلتفت إلى الواقع بموضوعية، ولذلك فإن الأساس الذي قامت عليه الواقعية التحليلية هو أساس مشوه، يجهل جوانب هامة من المسارات الواقعية الممكنة للفعل.
    ولذلك على الرغم من شمولية الإطار الذي يعرضه بارسونز، إلا أن المحتوى الوظيفي قد اختزل الشمولية على ما يبدو، وحَصرها في مسارات ضيقة للواقع، ومن هنا كان من الأجدى أن يستخدم بارسونز مفهوم (الواقعية التحليلية الوظيفية)، بدلاً من الواقعية التحليلية.

المصدر: الإشكاليات التاريخية في علم الاجتماع السياسي، عبد القادر جغلول، 1982.النظرة الارتقائية، محمد الطالبي، 1979.التفكير الاجتماعي نشأته وتطوره، زيدان عبد الباقي، 1972.السببية والحتمية عند ابن خلدون، مها المقدم، 1990.


شارك المقالة: