دراسة الاحتيال والاختلاس كظواهر اجتماعية

اقرأ في هذا المقال


في ظل ما يشهده العالم من انحلال أخلاقي أو ما يُمكن تسميته بأزمة أخلاق لا يستنكر ظهور ظواهر اجتماعية سلبية نتيجة هذا الوضع، فالاحتيال والاختلاس هم ظواهر اجتماعية سلبية بل وخطيرة ظهرت في الأونة الأخيرة في المجتمع، وهذه الظواهر تقوم على السرقة والغش وخيانة الأمانة، حيث يقوم الشخص بسرقة الأموال أو المخصصات وإداعها لحسابه الشخصي من غير وجه حق، وهذه الظواهر الاجتماعية تعتبر جرائم ويتم معاقبتها قانونياً.

الاحتيال والاختلاس كظواهر اجتماعية

ما هو الاحتيال والاختلاس

يشير الاحتيال والاختلاس إلى شكل من أشكال جرائم أصحاب الياقات البيضاء حيث يقوم شخص أو كيان باختلاس الأصول الموكلة إليهم، وفي هذا النوع من الاحتيال يحصل المختلس على الأصول بشكل قانوني وله الحق في حيازتها، ولكن يتم استخدام الأصول بعد ذلك لأغراض غير مقصودة.

والمأخذ الرئيسي من وجهة نظر علماء الاجتماع أن الاحتيال والاختلاس يحدث عندما يستعمل شخص الأموال لأغراض مختلفة عن الغرض المقصود استعماله به، فقد يُنشئ المختليسون العديد من الفواتير والوصولات للأنشطة التي لم تحدث ثم يستعملون هذه الأموال المدفوعة لينفقونها على أنشطتهم الشخصية.

وهناك العديد من الأمثلة على ظاهرة الاختلاس إذ تفقد الكثير من الشركات ما يقرب من 400 مليار دولار كل سنة بسبب الاختلاس، ويرى علماء الاجتماع إنه يمكن تحميل المختبرين المسؤولية الكاملة المدنية والجنائية عن جرائم المختلسين.

فهم ظاهرة الاحتيال والاختلاس

من وجهة نظر علماء الاجتماع عادةً ما يُتوقع من الأشخاص الذين يُوكل إليهم الوصول إلى أموال المنظمات أن يقوموا بحماية هذه الأموال والأصول والقيام باستعمالها للأغراض المقصودة منها، وإنه من غير الشرعي ولا القانوني استخدام هذه الأموال بكل قصد وإرسالها إلى الأستعمال الشخصي، كما وجد علماء الاجتماع إنه يمكن أن تشمل الأنشطة هذه القيام بإرسال الأموال إلى حسابات تبدو أنها مرخصة لهذه الأعراض من حيث تلقي المدفوعات أو التحويلات.

ومع ذلك فإن هذه الحسابات تعتبر وسيلة تسمح للأشخاص أو للاطراف الثالثة أن يتعاونون معاً من أجل الحصول على التمويل المشروع، على سبيل المثال قد يقوم الشخص بعمل فواتير ووصولات لبعض الأنشطة التجارية التي لم تحدث مطلقاً أو من القيام بخدمات لم يتم تقديمها أبداً، وهذه الوسيلة لجعل إخفاء تحويل الأموال كمعاملة مشروعة.

كما قد يتم التعاون بين الشخص المختلس وشخص أخر يكون شريك مُدرج، على سبيل المثال مستشار أو مقاول بحيث يقوم هذا الشريك بأصدار الفواتير والوصولات ويتلقى الأموال والمدفوعات، ولكنه لا يؤدي في الواقع الخدمات التي يتقاضى مقابلها هذه المدفوعات.

ومن الممكن أن تكون عملية الاختلاس تحدث بصورة كبيرة أو صغيرة، بحيث يمكن أن تكون المدفوعات والأموال المختلسة بسيطة مثل اختلاس مبلغ قليل من قبل شخص يعمل في منظمة لتسجيل المدفوعات النقدية، ومع ذلك يمكن أن تحدث عملية الاختلاس على نطاق أوسع، بحيث يقوم الأشخاص المخولون التنفيذيون في المنظمات الكبرى بسرقة ملايين الدولارات عن طريق التزوير، وبتحويل هذه الأموال المختلسه إلى حسابات فردية شخصية، واعتمادًا على حجم هذه العملية، قد يتم العقاب من خلال دفع غرامات كبيرة ومدة في السجن.

كيف تحدث ظاهرة الاحتيال والاختلاس

يحدث الاختلاس من خلال قيام فرد أو جماعة ما بسرقة أو اختلاس ما أُمنَ إليه بالأشراف عليه أو حمايته، ولا يفترض أن تكون المدفوعات أو الأصول ذات ثمن كبير لحدوث الاختلاس، وعلى الرغم من صلته القوية إلا إنه يختلف عن الاحتيال من حيث أن الشخص الذي يقوم بهذه الظاهرة لديه إذن من أجل استعمال الممتلكات أو الأموال أو الإشراف عليها.

كما قد يرى علماء الاجتماع إنه يمكن الجمع بين بعض أنواع الاختلاس وبين أنواع أخرى من الاحتيال، ومن خلال هذه الحالات يقوم الشخص المختلس بالاحتيال على المستثمرين عن طريق تكليف المستثمرين لهؤلاء المختلسين بأصولهم للاستثمار بنيابة عنهم ولكنه بدلاً من القيام بذلك يستعملون الأموال من أجل تحقيق مكاسب شخصية وثراء، وبالغالب يتضمن الحفاظ على الاحتيال البحث عن أشخاص جدد من المستثمرين وذلك لجلب العديد من الأموال لإرضاء المستثمرين السابقين.

كما وجد علماء الاجتماع أن الشخص المختلس قد لا يقوم بتحويل الأموال فقط بل إنه أيضًا يقوم بتحويل أصول أخرى إلى جانب المال، فقد يطالب المختلس بالعقارات ومركبات المنظمة والهواتف المحمولة الشخصية وغيرها من الأجهزة مثل أجهزة الكمبيوتر المحمولة التي تنتمي إلى مؤسسة للاستخدام الشخصي.

قد يحدث الاختلاس في القطاعات الخاصة والحكومية فإذا حدث في القطاع الحكومي يكون بستيلاء الموظفون على الأموال المحلية أو الحكومية أو الوطنية لحسابهم الشخصي، وذلك بالاحتيال والاختلاس من الأموال التي تم تخصيصها لمشاريع وخدمات مجتمعية.

كيفية منع ظاهرة الاحتيال والاختلاس

من وجهة نظر علماء الاجتماع يمكن منع ظاهرة الاحتيال والاختلاس من خلال العمل على تطوير استراتيجيات لمعالجة ومنع هذه الجرائم من أصحاب الياقات البيضاء، حيث تبدأ ظاهرة الاحتيال والاختلاس بخيانة الأمانة من قبل شخص يتمتع بإدارة ممتلكات أو أموال الأشخاص الآخرين.

ومن هذه الاستراتيجيات ما يلي:

1- إن إحدى الاستراتيجيات الأولى التي يمكن اتخاذها لمنع ظاهرة الاحتيال والاختلاس هي فحص الموظفين المحتملين لإدارة المنظمة أو المؤسسة.

2- الثانية هي القيام بإجراء فحوصات لخلفيات الموظفين بشكل شامل، عن طريق تقييم سمات الشخصية بواسطة اختبارات الشخصية، إذ يمكن أن يؤدي ذلك للكشف عن سلوكيات غير مرغوب فيها.

3- الاستراتيجية الثالثة هي استخدام برامج الأمن والمراقبة لمنع هذه الجرائم في المنظمات وفي المجتمع بشكل عام، خاصةً عندما تتم بواسطة فرق متخصصة لإدارة المخاطر أو طرف ثالث مستقل، كما يمكن لمدير المخاطر وضع ضوابط داخلية لتراقب السلوكيات وتسمح بتبليغ عن السلوكيات المجهولة أوالمشبوهة.

4- الاستراتيجية الرابعة هي القيام بإجراء عمليات تدقيق دورية تكشف حالات الاختلاس.

5- الاستراتيجية الخامسة هي قيام أصحاب العمل بالتوضيح بشكل صريح بأن لديهم سياسة عدم التسامح فيما يتعلق بالأفعال غير القانونية مثل الاحتيال والاختلاس والإبلاغ عن عواقب هذه الظواهر، كما يجب على كل شركة تعزيز ثقافة الصدق والإنصاف، وتشجيع موظفيها على توخي اليقظة والإبلاغ عن حالات المخالفات.

أشكال ظاهرة الاحتيال والاختلاس

في الواقع يرى علماء الاجتماع أن هناك أشكال لظاهرة الاحتيال والاختلاس في المجتمع، ومن هذه الأشكال:

1 الاختزال: أي تقليل وتقليص القيمة وهو يعتبر إساءة لاستعمال الأموال من قبل الشخص الموت من عليها، ولكن من الممكن أن يشير كذلك إلى استعمال المحاسبية المعيبة والتي تتمثل في دمج الدين في دين كولي أو إجمالي واحد.

2- الاحتيال والاختلاس في الأوراق المالية: يرى علماء الاجتماع أن هذه الجريمة تتم بقيام من يرتكبها بتزوير الأوراق المالية ضمن مخطط احتيالي بهدف تحقيق مكاسب مالية عادةً.

المصدر: علم المشكلات الاجتماعية، الدكتور معن خليل، دار الشروق للنشر والتوزيع، عمان، الاردن، 1998المشكلات الاجتماعية المعاصرة، مداخل نظرية، أساليب المواجهة، الدكتور عصام توفيق قمر،2000علم الاجتماع والمشكلات الاجتماعية، عدلي السمري ومحمد الجوهري، دار المعرفة الجامعية، القاهرة،1998الظاهرة الاجتماعية عند إميل دوركايم، طالب عبد الكريم،2012


شارك المقالة: