التخلف كمشكلة اجتماعية

اقرأ في هذا المقال


مفهوم التخلف:

إنه حالة من الصمت والبطء الذي يرافق عمليات التنمية نتيجة عدم قدرة النخب السياسية والاقتصادية مجتمعةً على صياغة نظريات ومفاهيم برؤى علمية وعملية في تحسين الواقع نحو الأفضل، حيث توفر القدرات والموارد المالية بالإضافة إلى الوسائل التنقية والبشرية دون استحالة تطبيقها على أرض الواقع لن تساعد في تحسين الهياكل الاقتصادية والاجتماعية للأفراد الذين يعيشون في تلك المجتمعات.

مفهوم التخلف الاجتماعي:

بعد فشل النظريات الاقتصادية في رفع الواقع الاقتصادي والاجتماعي إلى أفضل المستويات، ظهر علم اجتماع التخلف لدراسة طبيعة النظام الطبقي الجامد، ودور الفرد في ذلك النظام الطبقي الذي اعتمد على تفضيلاته وخصائصه الخاصة، والتي من خلالها تم استبعاد دور الفرد واستبداله بالنخبة السياسية الموروثة التي تحتل موقعاً سياسياً داخل النظام السياسي، بحيث يكون لها الأولوية في توزيع أي إرث لها بين أعضائها، مما يبرر ذلك من وجهة نظر الثوري الشرعية التي جلبتها إلى السلطة، بحيث تكون عواقبها وخيمة على الأفراد والجماعات وبقية المجتمع نفسه.

ما هي الطريقة السطحية في دراسة التخلف؟

تعرف بالأسلوب السطحي للتخلف إذا كانت ظاهرة أدنى، الدولة المتخلفة هي في مستوى أدنى من بقية الدول من حيث تأمين الحاجات الحيوية الضرورية للإنسان (غذاء، صحة، إسكان وتعليم) ومستوى إنجازاته الاقتصادية والتنقية منخفضة، ولكن هذه الطريقة غير صحيحة بسبب عدم وجود القياس من جهة، وصعوبة المقارنة بين الدول المتقدمة والنامية من ناحية أخرى لوجود دول غينة حالياً، لكنها ما تزال متخلفة اجتماعياً من ناحية ثالثة.

ما هي الطريقة الاقتصادية في دراسة التخلف؟

ركزت هذه الطريقة في المرحلة الأولى على أدوات ومستوى الإنتاج، واعتبرتها نقطة انطلاق تقينة صناعية تتجه نحو عمق أكثر شمولاً في البحث عن ديناميات التخلف.

المراحل الاقتصادية في دراسة التخلف الاجتماعي هي:

  • التخلف الصناعي والتنقي: 

سوء استخدام الثروة، وتبقى المعدات الصناعية المستوردة مكدسة، وتتلف بعد فترة لعدم وجود من يستخدمها وسوء صيانتها والزراعة بالوسائل البدائية والأعمال الحرفية ذات العوائد المنخفضة هي الأنشطة الأكثر انتشاراً مسار النمو الذي يعني تدني مستوى القوى الإنتاجية، وبالتالي تدني مستوى وسائل العمل ومهارة القوى العاملة، حيث إن وسائل الإنتاج بدائية ويهيمن عليها الطابع اليدوي للحرفي.

  • التخلف الاقتصادي والبنيوي: 

يتميز هيكل الاقتصاد المتخلف بمعايير التباين الهائل في التوزيع القطاعي للإنتاج، وتفكك النظام الاقتصادي، والاعتماد على الخارج، والظهور الواضح للأنشطة الدخيلة والاستغلال التجاري على مستوى الإنتاج والاستهلاك معاً.

  • تفكك الصلات في النظام الاقتصادي:

تتكامل قطاعات النشاط الاقتصادي في البلدان النامية بقطاع الإنتاج الأولي (معادن، مواد الخام) وترتبط ارتباطاً كبيراً وتنسيقياً مع القطاع الثاني (تصنيع الآلات والمواد الاستهلاكية) وكلاهما متوازن ومتكامل مع القطاع الثالث (التجارة والخدمات) كل نمو في قطاع واحد، ينعكس مع باقي القطاعات، مما يحفزه على النمو ودوره بسبب التكامل الداخلي لدورة الإنتاج والتوزيع في المجتمعات المتخلفة، نجد تفككًا في دورة الإنتاج والاستهلاك، مما يجعل الاقتصاد بأكمله أسيراً للاقتصاد الخارجي.

يؤدي طغيان إنتاج المواد الأولية لتصدير واستيراد المواد الاستهلاكية، وما يجرانه من تضخم لقطاع الخدمات والتجارة، إلى نشوء تبعية للاقتصاد الخارجي، ينتج عن هذه التبعية افتقار تدريجي للمجتمع من خلال استنزاف المواد الأولية ورخص اسعارها من ناحية، والاحتفاظ بأثمانها كتوظيفات مالية في البلد الخارجي، واسترداد هذه الاموال كثمن المواد المصنعة الاستهلاكية من ناحية أخرى، التي يصدرها المجتمع المتقدم بأسعار عالية، ثم هناك ظاهرة استنزاف رووس أموال البلدان النامية من خلال بيع الأسلحة لها، والتي أصبحت أكبر سوق لنهب ثروات العالم الثالث، بعد أن تفجرت الصراعات الداخلية والصراعات بين أقطاره.

ما هي الطريقة الاجتماعية في دراسة التخلف؟

تنجم هذه الزيادة الهائلة عن عدة عوامل أهمها انخفاض المستوى الثقافي وانخفاض معدل الوفيات بين الأطفال نتجية القضاء على الأوبئة والأمراض الفتاكة بفضل الأدوية الرخصية الحديثة وصغر سن المرأة عند الزواج، وعلى عكس هذه الزيادة الهائلة فإن الموارد الاقتصادية لا تزداد بنفس المقدار، ما يخلق نزوحاً وتوازناً بين عدد الأشخاص والموارد المتاحة، ويؤدي إلى مأزق اقتصادي واجتماعي متنوع يتقدم نحو تفاقم الخطورة المهددة بالكوارث.

يزداد الخلل بسب نقص الإنتاجية الناجم عن انتشار الأمية والرعاية الصحية والنظافة، تساعد هذه العوامل على انتشار الأمراض المزمنة التي تهدد الصحة وتستنزف اليد العاملة، كما أن غزو صحة العامل للأمراض المزمنة يجعله خارج دورة الإنتاج نسبياً.

إذن فالنظرة الاجتماعية للتخلف تلتقي مع النظرة الاقتصادية، تماماً كما يلتقي كلاهما بوجهة النظر التطهيرية، حيث رأينا أن جوهر قضية التخلف هو واجهة تتميز بالقمع والقهر والسيطرة والاستسلام، أي بحرمان الإنسان من إنسانيته.

المصدر: علم الاجتماع والمشكلات الاجتماعية،عدليالسمري ومحمد الجوهري،دار المعرفة الجامعية،القاهرة،1998علم المشكلات الاجتماعية،معن خليل،دار الشروق للنشر والتوزيع،عمان الاردن،1998المشكلات الاجتماعية المعاصرة،مداخل نظرية،أساليب المواجهة،الدكتور عصام توفيق قمر،2000التخلف الاجتماعي،سيكولوجية الإنسان المقهور،الدكتور مصطفى حجازي،2007


شارك المقالة: