الخرافات في الإسلام

اقرأ في هذا المقال


الخرافة لغة مشتقة من الخَرَف الذي هو خراب العقل وفساده، وتُعرف كذلك في “الحديث المُستملح من الكذب”، وقد قالت العرب في أمثالها: “حديث خرافة” وقد قيل: إن “خرافة” رجل من العرب قام الجن باختطافه، ثم عاد إلى قومه فكان يتكلم بأحاديث مما شاهد، يتعجب الناس منها، فكذبوه فراح حديثه على ألسنة الناس، ومن الممكن أن تكون هذه القصة خرافة أيضاً.

الإسلام والخرافة:

الإسلام دين يهتم بالنظام الاجتماعي والقانون أكثر منه بالطقوس والأساطير والخرافات الدينية، يصنف بعض المعاهد العالمية بعض الخرافات والأساطير العالمية وعددًا من الروايات التقليدية على أنها خرافات إسلامية، وتشمل هذه أسطورة الخلق ورؤية الحياة الآخرة، التي يشاركها الإسلام مع الديانات الإبراهيمية الأخرى، بالإضافة إلى القصة الإسلامية المميزة للكعبة.
من المعروف عمومًا أن السيرة للنبي محمد_صلى الله عليه وسلم_الذي يلعب دورًا مركزيًا في التعاليم الإسلامية، ذات طابع تاريخي إلى حد كبير، ولا يعتمد الإسلام على الأساطير والخرافات كالديانات الأخرى، ومع ذلك فإن السرد الكنسي يتضمن حدثين خارقين رئيسيين: الوحي الإلهي للقرآن والإسراء والمعراج: الرحلة الليلية إلى المسجد الأقصى، تليها الصعود إلى السماء.
تتناول الخرافات في أغلبها أحداثًا مهمة في حياة الأفراد، مثل: الميلاد وفترة الرشد والبلوغ والزواج والخرافات هذه تفترض مرور الأشخاص في حياتهم بسلام من محطة لأخرى، فعلى سبيل المثال يعتقد البعض أن الشخص المولود في نفس تاريخ وفاة واحدًا من أقربائه سيكون دائمًا تعيس الحظ ويُنظر إليه على أنه نذير شؤم، أمّا العروسان فسيكون حظهما تعيسًا سيِّئًا إذا عقدا قرانهما في ليلة كذا وكذا، وكما يرى البعض أنه ينبغي عدم ضم وجمع اليدين وتشبيك اليد بالأخرى في حال عقد النكاح لئلّا يصطدم الزوجان، والمرأة الحبلى يجب أن تأكل الطعام الذي تشتهيه وإلّا سيولد طفلها بعلامة تُسمى وحمة أو ما يشبه الشامة في جسده غير مرغوب فيها.
تتضمن بعض الخرافات أنواعًا من السحر والشعوذة، ومن أنواع ذلك السحر، يجيء الاعتقاد بأنّ الأعمال المتشابهة تأتي بنتائج متشابهة، كما يسود اعتقاد عند العديد من الناس وعند بعض المجتمعات أنّ الطفل المولود حديثًا واجب حمله إلى أعلى الدرج (السلالم) قبل أن يُحمل أسفله، والسبب كي يكون متفوِّقًا وناجحًا في حياته المستقبلية، والمبدأ نفسه يكون في وضع النقود في المحفظة التي يكون صاحبها قد تلقاها هدية، حيث يتمنى دوام احتوائها على النقود.
الخرافات في بعضها تتنبّأ وتتوقع بحدث أو فعل دون إدراك ووعي من الشخص الذي تعنيه الخرافة، وأما البعض الآخر فتتنبّأ بوقوع حظ وفأل سيء أو سعيد، و قد تتنبأ الخرافات بحصول أحداث محددة أو ظروف محددة، وبعض أماراتها قد تتحوَّل إلى خرافة عادية، والخرافة العادية قد تحتوي أفعالاً قُصد بها الإتيان بالحظ السيء أو السعيد لبعض الأشخاص، فالسَّاحرات والمشعوذات في الغالب يمارسن مثل هذه الأعمال.
لا يوجد مبالغة حين نقول أن كثيراً من الأشخاص لا تزال الجاهلية تحيا في فكرهم وسلوكهم، فبعد التحولات التي أتى بها الإسلام على يدي النبي محمد_صلى الله عليه وسلم_ ؛إذ إنه لم يترك شيئًا أبدًا إلّا وحدّد لنا فيه مهمة معينة، ومع هذا ما زلنا نبتعد عن سننه ونتبع أهواءنا وعاداتنا التي لم ينزل الله بها من سلطان، وكأننا ننتظر ديناً غير ديننا الإسلامي، أو أنّه لم يكن كاملاً شاملاً لجميع نواحي الحياة، لكننا لا نكلّف أنفسنا بالرجوع إلى ينابيع الحكمة فيه.

موقف الإسلام من الخرافات:

قابل الإسلام مثل هذه الأشياء والخرافات التي تنافي وتعارض الشرع، وتهدم القواعد الإسلامية الثابتة الراسخة، بالرفض والتصدي، وذلك تأكيدًا على الوعي، وأهمية أن ينشئ الفرد والمجتمع المسلم حياته على أسس واقعية حقيقية، لا أن يبنيها على الوهم والجهل، وكما يؤكد الإسلام على ضرورة أن يؤمن المسلم بما يأتي به القدر من خير وشر، وأن الغيب بيد الله علاّم الغيوب لا يعلمه إلا هو، وأنّ الله تعالى يمحو ما يشاء ويثبت وعنده علم الكتاب، الذي يعلم الغيب ويعلم ما تخفي الأنفس ويعلم ما في الأرحام.
النتيجة هي أن ندرك الواجب الذي ألقاه ديننا على عاتقنا وهو أن نقرأ نصوص الإسلام من قرآن وأحاديث قراءةً حرة لا تقيّدنا بالموروثات، والنظر إلى تعاليم الدين بوعي كامل، ليتسنى لنا كمسلمين الاستفادة من خاتمة الأديان ومن تعاليم منقذ البشرية المبعوث رحمةً للعالمين، قال تعالى: ” هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ * وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ  * ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ “سورة الجمعة1،2،3

المصدر: العلم والخرافة في حياة الإنسان،عبدالباسط الجمل،2007الإنسان وقواه الخفية،ويلسون كولن،ترجمة سمير شيخاني،1990الخرافات:هل تؤمن بها؟سمير شيخاني،1988السحر والقوى الخارقة في الإنسان،برنارد الاسطه،1990


شارك المقالة: