الخليفة أبو موسى محمد الأمين

اقرأ في هذا المقال


الخليفة أبو موسى محمد الأمين:

التعريف بالأمين: هو محمد الأمين بن هارون الرشيد بن محمد المهدي بن المنصور، أبو موسى الهاشمي العباسي ووالدته أم جعفر زبيدة بنت جعفر بن أبي جعفر المنصور. ولد بالرصافة عام (170 هجري)/(786 ميلادي)، بويع له بالخلافة بعد وفاة والده الرشيد وبعهد منه. اشتهر بحسن الأدب، وكان عالماً بالشعر، فصيح اللسان، لكن غلب عليه الهوى واللعب وضعف الشخصية. تأدب على الكسائي وقرأ عليه القرآن. اشتهر بحبه لأصحابه وعطفه عليهم لكنه فشل كقائد وكحاكم.

أسباب النزاع بين الأمين والمأمون:

ويعود سبب النزاع بين الأخوين الأمين والمأمون إلى ثلاثة أسباب هي: مشكلة ولاية العهد – ‏ الصراع العنصري العربي والفارسي ‏ أطماع الحاشية.

مشكلة ولاية العهد:

تُشكل هذه المشكلة إحدى أقوى المشاكل بسبب الوصول إلى السلطان والعوامل الشخصية التي انتابت الأمين نحو أخيه، فكان الأساس بنقض بنود العهد، واتخذ عدة خطوات كانت كفيلة بتفجير الوضع منها:

  • محاولته في بادىء الأمر بسط نفوذه على ولايات أخويه ثم تقديم ابنه موسى عليهما فى البيعة.
  • في الزمن الذي كتب فيه والده ولاية العهد عليه وعلى أخيه المأمون وعلّقه في فناء الكعبة، نوى الأمين الغدر. إذ عندما طلب منه جعفر البرمكي أن يحلف بعدم نقض البيعة أجابه إلى ذلك وقال: “خذلني الله إن خذلته” وردّدها ثلاث مرات. ولما خرج قال للفضل بن الربيع “يا أبا العباس، كُنت أحلف وأنا أنوي الغدر”.
  • أقوال الأمين عندما اقدم على نزع المأمون ومبايعة لابنه موسى إذ تكلم مع يحيى بن سليم الذي استشاره في هذا الأمر وحاول أن يأخذ بكلامه، (إن رأي الرشيد كان فلتة شبهها عليه جعفر بن يحيى بسحره واستماله برقاه. فغرس لنا غرساً مكروهاً لا ينفعنا ما نحن فيه إلا بقطعه. ولا تستقيم لنا الأمور إلا باجتثاثه والراحة منه)، وقال
    للفضل بن الربيع يوماً: “ويلك يا فضل، لا حياة مع بقاء عبد الله وتعرضه ولا بد من خلعه.

يتضح من ذلك أن فكرة الاغتيال كانت موجودة عند الأمين، ومبيّتة في نفسه منذ اللحظة الأولى التي عين فيها والده أخاه المأمون ولياً للعهد من بعده. وهذه المشكلة هي التي فجَّرت النزاع بين الأخوين، وقد كان ما بينهما مُتباعداً في حياة أبيهما، فلما مات لم يُرِدْ أحدهما الآخر. أما المأمون فظل قابعاً في خراسان لم يبرحها وأما الأمين فقد خشى عاقبة هذا الاعتكاف، فكان طبيعياً أن تسوء ظنون الأخوين أحدهما بالآخر.

صراع الحزبين العربي والفارسي:

تشكلت ملامح الدور الأساسي الذي أدّاه كل من الفضل بن سهل كاتب المأمون، ومدبره الذي مثّل العنصرية الفارسية في الإدارة العباسية، والفضل بن الربيع الذي مثّل التطلعات العربية؛ تظهر بِشكلها المحدد في الفترة التي سبقت وفاة الرشيد مباشرة.

فأخذ الأول، مدفوعاً بنزعته العنصرية وخشيته من وفاة الرشيد بعد تفاقم مرضه، وأخذ يجري ليضمن حقوق المأمون في توليه الخلافة ويحميه من اضطهاد أخيه وحاشيته. ولعل أول خطوة أقدم عليها لتحقيق آماله أنه أقنع المأمون بمرافقة والده إلى خراسان ليلتمس فيها الأنصار، وليبعده عن سطوة الأمين وحزبه.

وظهرت نوايا كل من الجهتين بعد وفاة الرشيد، وظهر الاختلاف بينهما واضحاً في وجهات النظر السياسية. وكان الرشيد، لدى اشتداد المرض عليه، جدّد البيعة للمأمون بعد الأمين. ولماعلم الأمين بشدة مرض والده أرسل بكراً بن المعتمر إلى خراسان ومعه كتب ظاهرها عيادة والده، وباطنها أمر إلى القوم بالعودة إلى بغداد مع الأعتدة.

لم يتردد الفضل بن الربيع، وكان من أسباب أنفاق الرشيد وتدبير أموره بالعودة بالعسكر والأعتدة بعد وفاته، ولم يعرّج على المأمون ولم يلتفت إليه بالرغم من محاولة هذا الأخيرمناشدته ومن معه بعدم المغادرة، وذكّرهم بالعهود والمواثيق التي أخذها الرشيد عليهم. وقد ضايق ذلك المأمون فعلاً وآلمه وشعر بعدم صفاء نية الأمين تجاهه.

والحقيقة أن الإنتصار الذي كسبه العُنصر العربي في تغلّبه على البرامكة وسعيه الدائم لكسب مزيد من تأكيد النفوذ والسلطان، قد لا يتحقق إلا في ظل خليفة كالأمين، وذلك ما دفع الفضل بن الربيع لإلقاء ثقله خلفه مُعتبراً أن هذه فُرصته لكسب جولة أخرى من الصراع. أما ابن سهل فقد رفض طلب الأمين، ولف الأمر للمأمون، فخاطبه قائلاً: “نازل في أخوالك وبيعتك في أعناقهم فاصبر قليلاً وأنا أضمن لك الخلافة”.

ولا ريبَ بأن ابن سهل هذا قام بتشجيع المأمون على البقاء في خراسان والوقوف جنبه وعدم قبول طلب الأمين بالعودة إلى بغداد، كان مدفوعاً بمطامع عُنصرية وأخرى شخصية، وقد أوضح لأبي محمد اليزيدي أنه خدمه (ليحوز طابع هذاء يشير إلى الخاتم، في الشرق والغرب لهذا خدمته ولهذا صحبته).

والحقيقة أن ابن سهل الذي كان يركز جُلَّ تركيزه لإيصال صاحبه إلى منصب الخلافة، أمل بأن تكون مرو عاصمة لهذه الخلافة بدلاً من بغداد، وأن تعود لخراسان عظمتها، وأدّى دوراً بارزاً في تكتيل الخراسانية خلف قضيته، وقد رفضت هذه، أن تعود إلى الظل بعد نكبة البرامكة فوقفت بشدة خلف المأمون مُتمسكة به، فكان هو الإمام الذي التَفت حوله الخراسانية الجديدة. وهكذا اتخذت قضية النزاع بُعداً شعوبياً بين العرب والفرس، وراح يوجه الأحداث أشخاص يتعصبون لأحد الفريقين، فظاهر العرب الأمين وأخذ الفرس بيد ابن أختهم المأمون يشدون أزره.

أطماع الحاشية:

تجهزت حاشية الأمين، وبشكل خاص الفضل بن الربيع وعلي بن عيسى بن ماهان، وراء ظهرة بقوة ودفعاه إلى لمخالفة ولاية العهد، في حين كانت الاثباتات تُشير وتؤكد إلى ميله لوفايته لأخويه رغم تصريحاته السابقة. ونصحه الفضل بن الربيع بأن يستدعي أخاه المأمون إلى بغداد، حتى يظفر به كرهينة ويفصل بينه وبين جنده، تمهيداً لخلعه وصرف ولاية العهد من بعده إلى ابنه موسى.

ومن جهته، فقد ظهر الفضل بن سهل أمام المأمون وأوعز إليه بعدم الذهاب إلى بغداد بحُجة أن أمور خراسان تتطلب بقاءه فيها. وهذا مما أدّى إلى دخول رجال الحاشية إلى تزويد حاله النزاع الذي وصل إلى حد اللاعودة عن الصدام.

المصدر: ❞ كتاب الدولة العباسية ❝ مؤلفة محمود شاكر أبو فهر❞ كتاب أطلس تاريخ الدولة العباسية ملون ❝ مؤلفة سامي بن عبد الله بن أحمد المغلوث❞ كتاب سلسلة تاريخ الأدب العربي العصر العباسي الأول ❝ مؤلفة شوقي ضيف❞ كتاب تاريخ الدولة العباسية 132-656هـ ❝ مؤلفة د.محمد سهيل طقوش


شارك المقالة: