الخليفة المتوكل جعفر بن محمد المعتصم

اقرأ في هذا المقال


الخليفة المتوكل جعفر بن محمد المعتصم:

ولد جعفر المتوكل عام (205 هجري)، وأمّه أمّ ولد تُسمّى (شجاع)، وكان أسمر، حسن العينين، خفيف العارضين، نحيفاً. وبويع بالخلافة بعد وفاة أخيه الواثق في ذي الحجة من عام (232 هجري)، وكان الجند الأتراك يرغبون في تولية محمد بن الواثق، ولكنهم استصغروه فعدلوا عنه إلى جعفر المتوكل، وكان أول من بايعة وهو أحمد بن أبي دؤاد.

الأحداث التي جرت بعد المُبايعة في عهد المتوكل:

أعطى أوامر بالقبض على وزير الواثق محمد بن عبد الملك الزيّات حيث كان يكرهه إذ كان ابن الزيّات يرغب بأخذ البيعة لمحمد بن الواثق، ويحرص في زيادة بغض الواثق للمتوكل وقد مات في السجن بعد مدة وجيزة من العذاب. كما غضب على جماعة من كتّاب الدواوين، وولَّى ابنه المنتصر على الحجاز واليمن. وأمر بالقبض على القائد (إيتاخ)، وأودعه السجن الذي بقي فيه حتى مات.

وأمر أهل الذمة يتميزوا في لباسهم عن المسلمين. كما أمر بهدم البيع والكنائس المُحدثة في الإسلام. وأمر بهدم قبر الحسين بن علي، رضي الله عنهما، في كربلاء، وكذلك المنازل التي حوله. وغضب بعد ذلك وفي عام (237 هجري)، على أحمد بن أبي دؤاد، وكان قد أصابه الفلج ثم توفي سنة (240 هجري).

وقام بمُبايعة لأبنائه الثلاثة من بعده بولاية العهد: محمد وسماه المنتصر، والزبير وسمّاه المعتز، وإبراهيم وسمّاه المؤيد. وضمَّ لابنه المنتصر إفريقية والمغرب، وجزيرة العرب، والثغور الشامية، وضمَّ للمعتز خراسان، وطبرستان، والري، وفارس، وأرمينيا، وأذربيجان. وضمَّ لابنه المؤيد بلاد الشام .

ومنع الكلام بخلق القرآن، وكتب بذلك المنع إلى الأمصار، ومسح المحنة التي وقعت نتيجة ذلك، وأكرم الإمام أحمد بن حنبل، واستدعاه من بغداد إليه وأكرمه، ولم يكن ليولي أحداً القضاء حتى يستشيره، وكان تعيين يحيى بن أكثم قاضياً للقضاة مكان ابن أبي دؤاد عن رأيه. وقد أخذ المتوكل بمذهب الإمام الشافعي، ويعدُّ أول الخلفاء بهذا الأخذ. وفي سنة (240 هجري)، عزل يحيى بن أكثم من منصب قاضي القضاة.

سار المتوكل إلى دمشق بعد أن أحبها وأراد أن ينتقل إليها ويجعلها مقراً للحكم، ووصل إليها عام (244 هجري)، وأمر ببناء القصور، ونقل الدواوين، ثم لم يطب له جوها فغادرها، وقد عمل على بناء القصور على طريق داريا أي من جهة الجنوب من دمشق، وبنى له قصراً بداريًا. وكان يقول: إن الخلفاء تتصعب على الرعية لتطيعها، وأنا ألين لهم ليحبوني ويطيعوني.

وعندما رجع من دمشق التي لم يمكث فيها أكثر من شهرين وعدة أيام أمر ببناء مدينة الماحوزة قرب سامراء، وعرفت باسم المتوكلية، كما تعرف باسم الجعفرية، وبنى فيها قصر الخلافة الذي يُدعى قصر اللؤلؤة وسمي بالجعفري نسبةً إليه، وانتقل إلى المدينة الجديدة سنة (246 هجري).

وفي نهاية حياته أراد تفضيل المعتز على أخيه المنتصر، فطلب من المنتصر أن يتنازل عن العهد فرفض، فكان بعدها يُحقّره، ويحط من منزلته أمام العامة، وهذا ما أوغر صدر الابن على أبيه. وانحرف الترك عن المتوكل لأمور، فاتفقوا مع ابنه المنتصر على قتل أبيه فدخلوا عليه في أواخر أيام عيد الفطر، وقتلوه في جوف الليل مع وزيره الفتح بن خاقان، وبايعوا للمنتصر، وقد رثاه البحتري بقصيدةٍ إذ كان حاضراً مصرعه، ولكن لم ينله أذى إذ اختبأ.

الحركات الثورية في عهد المتوكل:

1- هرب محمد بن البعيث من السجن، وكان قد أتى من أذربيجان أسيراً، وذهب بعد فراره إلى أذربيجان، وقصّر واليها محمد بن حاتم بن هرثمة في طلبه فقوي أمره. فولّى المتوكل على أذربيجان حمدويه بن علي بن الفضل السعدي فسار إلى ابن البعيث الذي اعتصم بمدينة (مرندا)، وأرسل إليه القوة إثر الأخرى حتى تمكن بغا الشرابي من محاصرته، ثم أسره، وحمله إلى سامراء فعفا عنه المتوكل بعد أن هم بقتله.

2- ظهر محمود بن الفرج النيسابوري بادعائه النبوة في سامراء وأيّده بعض الناس، فقبض عليهم، وضرب النيسابوري حتى مات، وألقي أصحابه في السجن.

3- أراد كبير البطارقة في أرمينيا الإمرة فقبض عليه الوالي يوسف بن محمد وكبّله وذهب به إلى الخليفة، فأسلم وابنه، أما نصارى أرمينيا فقد حاصروا يوسف بن محمد فقاتلهم حتى قُتل فأرسل إليهم المتوكل جيشاً بقيادة بُغا الشرابي فسار إليهم عن طريق الجزيرة فأخذ قتلة يوسف بن محمد فقتل من قتل، وباع من باع، ووطد الأمن بأرمينيا ثم سار إلى تفليس فحاصرها ودخلها.

4- وفي (240 هجري)، ثار أهل حمص على عاملهم أبي الغيث موسى بن إبراهيم الرافقي لأنه قتل أحد أشرافهم، وأخرجوه من مدينتهم، فأرسل إليهم المتوكل عاملاً جديداً فقبلوه رغم أنه أغلظ عليهم، وهو محمد بن عبدويه، وسكن الوضع، غير أن نصارى حمص قد حركوا الفتنة من جديد فوثب السكان على محمد بن عبدويه، وأرادوا قتله وذلك عام (241 هجري)، فكتب إلى الخليفة المتوكل الذي أمر والي دمشق أن يدعم عامل حمص، وأن يُخرج النصارى من حمص، وأن يهدم كنيستها العظمى.

5- ظهر في سجستان عام (237 هجري)، يعقوب بن الليث، وكان من قبل مع صالح بن النضر الكناني الذي غلب على المنطقة، ولكن طاهر بن عبد الله بن طاهر والي خراسان استعادها منهم. ثم عاد فغلب عليها درهم بن الحسين، وكان معه يعقوب، ولما كان درهم ضعيفاً لذا فإن المخالفين قدّموا عليهم يعقوب بن الليث.

المصدر: ❞ كتاب الدولة العباسية ❝ مؤلفة محمود شاكر أبو فهر صفحة (214 – 219)❞ كتاب أطلس تاريخ الدولة العباسية ملون ❝ مؤلفة سامي بن عبد الله بن أحمد المغلوث❞ كتاب سلسلة تاريخ الأدب العربي العصر العباسي الأول ❝ مؤلفة شوقي ضيف❞ كتاب تاريخ الدولة العباسية 132-656هـ ❝ مؤلفة د.محمد سهيل طقوش


شارك المقالة: