الصحة والمرض والتنمية الاجتماعية والاقتصادية في علم الاجتماع الطبي

اقرأ في هذا المقال


الصحة والمرض والتنمية الاجتماعية والاقتصادية في علم الاجتماع الطبي:

من أولويات الدول المحافظة على الصحة العامة وإبعاد المجتمع من الإصابة بالأمراض، حيث يتم وضع برامج صحة عامة لتكفل ذلك، ولا يمكن وضع برامج تنمية مجتمعية أو تنمية اقتصادية إلا بنقاء وصفاء المجتمع من الأمراض الاجتماعية والعضوية فعند وضع أي خطة لازدهار والتنمية الاجتماعية والاقتصادية، لا بدّ أن يسبق ذلك أو يلازم ذلك تطوير وتنمية صحية بوضع برامج صحية هادفة.

هنا وكان الاثنتين متلازمتين ويكمل كل منهما الآخر فالتنمية الاجتماعية والاقتصادية ولأثرهما على الصحة، ينبغي أن يكون هناك تطوير وتنمية لها لنجاح برامج الصحة العامة، وتحقيق أهداف وغايات التطوير الصحي والتنمية الصحية مرهون بنجاح عملية التطوير والتنمية الاجتماعية والاقتصادية أي أنهما متلازمتين ويسيران في اتجاه واحد في نفس الوقت.

من هنا نرى أن تقدم الخدمات الصحية في مجتمع ما يكون سببه الهدوء والانضباط الاجتماعي إلى جانب الرضاء الاقتصادي لحاجة هذه البرامج، ولأن من أهم معوقات التنمية الصحية تطبيقها لبرامجها في مجتمع آمن متفهم متطور يقبل التغيير الإيجابي ومستعد للتعاون والتفاني في تطبيق هذه البرامج وأيضاً تطبيقها لبرامجها في مجتمع يتمتع بتوفير اقتصادي يمكنها أي البرامج من الاعتماد على الناحية الاقتصادية لحاجتها للمادة في تأمين وتوفير المكانات المادية والمهنية، وتوفير الأجهزة والأدوات والمواد اللازمة لتنفيذ البرامج.

مفهوم المرض في علم الاجتماع الطبي:

عرف المرض عبر العصور بتعريفات مختلفة تتباين فيما بينهما تبعاً لثقافة وغاية وتخصص ومهنة الشخص الذي عرفه، فالأخصائيين الاجتماعيين يعرفونه بما يخدم بمجال عملهم والأخصائيين الصحيين يعرفونه بما يخدم أو يختص بمجال عملهم إلى جانب من لهم علاقة بمجال الصحة والمرض من اختصاصات أخرى يعرفونه حسب ما يختص ويخدم تخصصهم.

واختلفت التعريفات حتى عند الأخصائيين المتشابهين في زمنين مختلفين؛ لأن ثقافة وماهية قضية المرض اختلفت من عصر لآخر فكانت التعريفات غير شاملة وغير وافية لمفهوم المرض والذي يخدم جميع الأطراف المستفيدة أو المساندة لقضية المرض.

فمنهم من عرفه اختلال في وظيفة ما في الجسم ومنهم من عرفه أنه اختلال في الناحية العقلية والنفسية منهم من عرفه عدم مقدرة الشخص على أداء مهماته نتيجة المرض، ومنهم من قال أن المرض حالة تغير أو نقص في عضو معين في الجسم ومنهم من عرفه أنه اضطرابات جسمية أو نفسية ناتجة عن الأعراض التي يخلفها المرض نتيجة الإصابة.

حتى وصل الأمر لتعريفه أنه غضب من الآلهة لعدم رضاها عن الشخص، وبالتالي أصيب بالمرض لكن المعنى الحرفي أو التقليدي أو النمطي للمرض، فإنه بالأصل أن يشعر الإنسان بالاتزان والراحة الطبيعية وعدم مقدرة الإنسان على الحصول على هذه الراحة، فإنه يكون مريضاً وهو بحاجة إلى هذه الراحة، ليشعر بالصحة وعدم وجود المرض.

التعريف الشامل للمرض في علم الاجتماع الطبي:

خلل أو اضطراب أو إعاقة أو شعور بأعراض غير طبيعية من شأنها تغيير أو إعاقة وظيفة معينة في الجسم من جميع النواحي الجسدية والعقلية والنفسية والاجتماعية، بحيث يكون المرض جزءاً أساسياً من تغير الوظيفة أو عدم القدرة على فعل المهمات من جميع الجوانب وأدائه لأبسط الحاجات والمستلزمات أو أنه عدم  شعور الإنسان وحصوله على الراحة الطبيعية التي يحتاجها لأداء مهماته.

أقسام المرض حسب تأثيره وأعراضه والنواحي التي تتأثر فيه:

1- المرض:

عدم شعور الإنسان بالراحة وعدم استقرار حالته.

2- الاعتلال:

وهو شعور الإنسان بعلة معينة ويختص هذا بالجانب الاجتماعي دون غيره.

3- السقم:

حالة مرضية أو أعراض مرضية جسدية عضوية نفسية اجتماعية، تؤثر على أداء وسلوك ونمط معيشة وتصرفات الفرد.

4- الإعاقة:

وهو وجود خلل نفسي أو عقلي أو جسمي يمنع الشخص ويقلل من أداء الوظيفة العقلية أو الجسدية لأداء مهمتها على أكمل وجه ويمكن أن يكون تعطيل كامل لهذه الوظيفة.

كيفية المرض عبر العصور في علم الاجتماع الطبي:

نظرة المجتمعات والحضارات اختلفت وتباينت مفهوماتها للمرض من عصر إلى عصر ومن حضارة إلى حضارة في الزمان ومن جيل إلى جيل ضمن نفس البيئة الاجتماعية الواحدة، فكانت نظرة الحضارات السابقة والتي كانت وثنية أو تعبد الأصنام أو الكائنات الحية أو الظواهر الطبيعية تقوم على أساس غيبي يتصف بالشعوذة والسحر فكانوا يردون إصابة شخص بالمرض إلى الآلهة، وأن هذا غضب من الآلهة على هذا الشخص، وبالتالي على المجتمع وعدم رضا الآلهة يعني إصابتهم بالأمراض والويلات والمصائب.

فكانوا جاهدين العمل دوماً على رضا الآلهة بإعدام أو إغراق الشخص المصاب بالمرض سواء عقلياً أو جسدياً في الأنهار والبحار اعتقاداً منهم بأن عملهم هذا سيرضي الآلهة وعدم غضبها بإصابتهم بأمراض أو ويلات أخرى، فكانت نظرتهم إلى المرض أكثر من كونه خلل وظيفي أو عدم شعورهم بالراحة، وإنما هو أي المرض غضب يجب الانتباه له عن طريق إرضاء الآلهة أي نظرتهم للمرض على أنه عارض روحي أكثر منه عارض جسدي أو عقلي يصيب جزء.

إلى أن جاءت الديانات السماوية والتي كرمت الإنسان وجعلته أسمى وأرقى الكائنات الحية ونصت ضمن تعاليمها وعباداتها نصوص تحض على المحافظة على الصحة، إلى جانب اعتبار أن المرض عارض ويجب على الإنسان عدم الاستهانة بالجسم والسعي الأكيد والدؤوب للمعالجة ضد الأمراض.

مع تزامن وجود الديانات تقدمت التكنولوجيا والعلوم جميعها ومن ضمنها العلوم الاجتماعية والطبية والعلمية، وأصبحت هناك اكتشافات طبية مسبوقة في مجال معالجة الأمراض المزمنة والوبائية، فأصبحت النظرة إلى المرض على أنه عارض عقلي أو جسمي يجب علاجه، ويجب الوقاية منه، فبدأت التكنولوجيا الطبية تتقدم في مجال الوقاية والعلاج وتصنيع الأجهزة الطبية وتأهيل الأعضاء العاملين في النسق الطبي لمواجهة الأمراض والقضاء عليها كلياً.

تصنيف الأمراض في علم الاجتماع الطبي:

صنفت الأمراض حسب درجة انتقال المرض من شخص إلى آخر ومدى خطورة هذه الأمراض في حالة الاختلاط بالمصابين أو في حالة عدم عزلهم والحجر عليهم وهي نوعين:

1- الأمراض المعدية:

وهي الأمراض التي تنتقل من فرد إلى آخر بواسطة العدوى، إما باستخدام أدوات المريض أو الجراثيم أو نقل الدم.

2- الأمراض غير المعدية:

وهي الأمراض التي لا تسببها الجراثيم وليس لها ناقل أو وسيط وإنما يصاب بها الشخص نتيجة عوامل أخرى ناتجة عن طبيعة الجسم ومناعته والظروف الصحية التي يعيش بها.

المصدر: حسين عبد الحميد، دور المتغيرات الاجتماعية في الطب والأمراض، 1983.سامية محمد جابر، علم الاجتماع العام، 2004.إقبال ابراهيم، العمل الاجتماعي في مجال الرعاية الطبية، 1991.فوزية رمضان، دراسات في علم الاجتماع الطبي، 1985.


شارك المقالة: