العلاقة بين المعالجين الشعبيين والأطباء في علم الاجتماع الطبي

اقرأ في هذا المقال


يتسم الارتباط بين المعالجين الشعبيين والأطباء المهنيين بعدم الثقة والشكوك المتبادلة، حيث يرى الطب الحديث هؤلاء المعالجين الشعبيين كدجالين أو مشعوذين أو كالعرافين الذين يتظاهرون بأن هناك خطراًً كبيراً على سلامة مرضاهم، وحينما تستهدف تهمة الشعوذة المعالج الشعبي، فهي تعبر عن تنازع على الصدارة حيث تدعي الثقافة الطبية العلمية حقوقها المطلقة في خلق معتقدات وعادات في نظم ثقافية أخرى دون أي فهم أنثروبولوجي لفاعليتها.

العلاقة بين المعالجين الشعبيين والأطباء في علم الاجتماع الطبي

إن التنازع الدائر بين الأطباء والمعالجين الشعبيين هو تنازع على الشرعية وهو يتضمن تعارضاً بين المعرفة الطبية العلمية التي تتجسد من خلال المؤسسات العلمية بمعرفة المعالجين الشعبيين التي تتولد من المعلومات الشعبية والتجربة الشخصية للمعالج.

وتبتعد العلاقة بين المعالج الشعبي والطبيب المهني الأكاديمي لتلمس الارتباط بين الطب الشعبي ذاته والطب العلمي الحديث، فتنظر أغلبية الأساليب الطبية الحديثة إلى الطب التقليدي الذي يمثل الطب الشعبي أحد أشكاله، على أنه أقل منه في المرتبة، مع أنه نظام كلي يضع الشخص ككل في اعتباره، كما يرى أن سيكولوجيته وخلفيته الاجتماعية وخصائصه الأخرى بمثابة عوامل مهمة تشترك في عملية تشخيص المرض.

كذلك فإنه يقوم بجعل المجتمع محور الاهتمام لديه في حين أن رؤية العالم الغربية تبعد المجتمع من وجهة النظر المعرفية عن نظامه الطبي، هذا بخلاف أن المنهج الرئيسي للطب الحديث يميل إلى التقسيمية، في حين أن الطب الشعبي كسلعة يؤكد على التجميعية، ولا تنظر أغلبية أنظمة الطب التقليدي إلى الطب كسلعة ولكن كالتزام على المجتمع لا يتحقق إلا عن طريق فرائض وتعليمات دينية وثقافية.

الطب الشعبي والمعتقدات الشعبية

كما إن الطب الشعبي على خلاف كثير من المعتقدات الشعبية ليس كله وهماً ولا ثمرة للفكر الخرافي أو الغيبي، ولكنه يتضمن في بعض نواحيه من الخبرة الشعبية المتوارثة التي صقلها المحاولة والخطأ، ولذلك ليس من المتوقع أن يختفي اختفاءاً كلياً في أي مجتمع يأخذ بأساليب العلم الحديث.

ولنفس هذا السبب أيضاً قد يتراجع بسرعة ودون مواربة في أي مواجهة له مع الطب العلمي الحديث خاصة حينما تصل الخدمة الطبية الرسمية إلى أبناء القطاعات الشعبية بنفقات زهيدة وفي المواقع التي تبعد عن السكان، وقد يحدث هذا التراجع بدرجات متفاوته وفي مجالات محددة أهمها طب العيون وطب الأطفال والجراحة، وعلى عكس بعض المجالات الأخرى مثل الأمراض النفسية والعصبية وأمراض العقم، حيث لم يتراجع الطب الشعبي وكان أكثر ثباتاً في مقابلة الطب العلمي الحديث وذلك ﻷسباب تعود إلى إنشاء البيئة الأسرية والاجتماعية للمريض.

المصدر: حسين عبد الحميد، دور المتغيرات الاجتماعية في الطب والأمراض، 1983.سامية محمد جابر، علم الاجتماع العام، 2004.إقبال ابراهيم، العمل الاجتماعي في مجال الرعاية الطبية، 1991.فوزية رمضان، دراسات في علم الاجتماع الطبي، 1985.


شارك المقالة: