المقارنة بين سيميولوجيا دو سوسور وتشارلز بيرس

اقرأ في هذا المقال


قام الباحثين الاجتماعيين بوضع مقارنة بين السيميولوجيا التي قدمها الفيلسوف دو سوسور والسيميولوجيا التي قدمها العالم تشارلز بيرس، وفي هذا المقال سيتم تقديم موجز لهذه المقارنة.

المقارنة بين سيميولوجيا دو سوسور وتشارلز بيرس

اللغة هي الجانب المهم في المجتمع، واللغة والأدب قريبان ذات صلة لأن الأدب استخدم اللغة كوسيلة للتعبير عن مشاعرهم، وعلماء الاجتماع ذكروا في العديد من دراسلتهم أن الأدب باعتباره هوية يشار إليه على إنه الأدب الإثني، في عنوان آخر عرّفوا الأدب على إنه مصدر تعلم حيث الأدب هو مصدر التعلم والترفيه للقراء، ويحتاج الإنسان إلى لغة للتواصل مع كل منهما أخرى.

وهذا مرتبط بعلماء السيميائية الذين أوضحوا فيه استخدام اللغة بين البشر، وذكروا أن البشر وبيئتهم شيئان موجودان لا ينفصلان عن بعضنا البعض، ويتفاعل البشر مع المكونات المادية البيئة والحيوية (الحيوانات والنباتات) وكذلك المكونات غير الحيوية (التربة والماء والصخور وغيرها)، وهناك أيضا تأثير الاتصال.

مؤسس علم السيميولوجيا فرديناند دو سوسور

فرديناند دو سوسور عالم لغوي طور الأساس أو أساس النظرية اللغوية العامة، وهو معروف كمؤسس للحداثة اللغوية، وبدأ ظهور نظرية الإشارة في مجال اللغويات عندما شعر أن نظرية العلامات اللغوية يجب أن توضع في نظرية أساس أكثر عمومية، وإن جوهر نظرية دو سوسور وتركيزها الأساسي هو المبدأ الذي تم التأكيد عليه اللغة كنظام للإشارة.

وإلى جانب اللغة هناك العديد من أنظمة الإشارة الأخرى موجودة في عالم البشرية، ومع ذلك في رأيه نظام العلامات اللغوية أو اللغة هي نظام الإشارات الأكثر تفوقًا مقارنة بأنظمة الإشارة الأخرى الموجودة في العالم الحقيقي لأنه يلعب دورًا مهمًا في بناء الواقع.

ويركز على النظام الأساسي للغة مقارنة باستخدام اللغة كالإفراج المشروط أو خطاب، وهناك العديد من الآراء أو المفاهيم الأساسية الكامنة وراء نظرية دو سوسور للإشارة، وهي النظام ثنائي الأبعاد والإجماع أو النظام التقليدي وعلاقة التشبيك بين نظام العلامات والنظام التعسفي.

باختصار تعطي نظرية دو سوسور للإشارة مزيدًا من التركيز على البنية الداخلية مكرس لعملية التفكير المعرفي أو نشاط العقول البشرية في هيكلة علامات مادية أو غير ملموسة مجردة لبيئاتهم أو محيطهم، ومن بينها هيكل العلامات اللغوية في نظام اللغة الذي يسمح ليعملوا كبشر ويتواصلوا مع بعضهم البعض، ونظرية دو سوسور هي تعتبر مؤيدة للفكر أن اللغة لا تعكس الواقع ولكن بل يبنيها لأن البشر لا يستخدمون اللغة فقط أو يعطون معنى لأي شيء موجود في عالم الواقع ولكن أيضًا لأي شيء غير موجود فيه.

والعلامة اللغوية ليست صلة بين الشيء والاسم ولكن بين المفهوم المدلول ونمط الصوت الدال، ونمط الصوت ليس صوتًا في الواقع لأن الصوت شيء جسدي وبدني، ونمط الصوت هو انطباع السامع النفسي للفطرة السليمة كما أعطيت له بدليل حواسه، وهذا الصوت قد يُطلق على النمط عنصر مادي فقط من حيث إنه يمثل الانطباعات الحسية، وقد يكون نمط الصوت وبالتالي يمكن تمييزه عن العنصر الآخر المرتبط به في علامة لغوية، وهذا العنصر الآخر هو بشكل عام من نوع أكثر تجريدية: المفهوم.

وقد قسم دو سوسور الإشارة إلى مكونين: الأول هو الدال (الصورة الصوتية) والمدلول (المفهوم)، وبالنسبة لدو سوسور الدال والمدلول كانت نفسية بحتة، وكلمة شجرة تدل على صورة الشجرة، وحسبما اختار دو سوسور مصطلح علامة على رمز لأن هذا الأخير يعني الدافع، وبالنسبة لدو سوسور العلامة تعسفية وعملياً كل العلامات، ودو سوسور يحافظ على المعاني المنسوبة إليه بشكل تعسفي، ومنذ دو سوسور كان هذا المفهوم تعتبر بديهية في اللسانيات والفلسفة الغربية،

مؤسس علم السيميولوجيا تشارلز ساندرز بيرس

تشارلز ساندرز بيرس معروف كرائد في عقيدة البراغماتية قدم الأساسيات في النظرية العامة للإشارات من خلال كتاباته، والنصوص التي لها جمعت بعد 25 عاماً من وفاته في عمل واحد شامل، وعلى عكس دو سوسور الذي قدم المصطلح السيميولوجيا اقترح تشارلز بيرس مصطلح السيميائية، والذي يعتبر مرادفًا حسب قوله بمفهوم المنطق الذي يركز على معرفة عملية التفكير البشري مثل ما صور في كتاباته المنشورة عام 1931و1958، وصاغ تشارلز ساندرز بيرس نموذجه الخاص للإشارة والسيميوزيس ولتصنيفات العلامات.

وعلى عكس نموذج دو سوسور للإشارة في ثنائي قائم بذاته قدم تشارلز بيرس نموذجًا ثلاثيًا من ثلاثة أجزاء يتكون من:

1- الممثل: الشكل الذي تتخذه العلامة ولكن ليس بالضرورة ماديًا عادة ما يتم تفسيره على هذا النحو ويسميه بعض المنظرين مركبة الإشارة.

2- المترجم: ليس مترجما بل معنى العلامة.

3- الشيء: وهو شيء يتجاوز الإشارة التي تشير إليها.

وفي حين شدد دو سوسور على الطبيعة التعسفية للإشارة اللغوية، يؤكد معظم علماء السيميائية أن العلامات تختلف في مدى التعسفية والتقليدية أو على النقيض من الشفافية، وتعكس الرمزية شكلاً واحدًا فقط من العلاقة بين الدالات ومدلولاتها.

بينما لم يقدم دو سوسور تصنيفًا للعلامات كان تشارلز بيرس عالم تصنيف قهريًا وقدم عدة نماذج منطقية، ومع ذلك فإن تقسيماته وتصنيفاته من العلامات معقدة بشكل غير عادي، وفي الواقع قدم الإسقاط النظري بأنه يمكن أن يكون هناك 59049 نوعًا من العلامات!

ولاحظ تشارلز بيرس نفسه بسخرية أن هذا الحساب يهدد عددًا كبيرًا من الطبقات التي لا يمكن حملها بسهولة في رأس المرء، مضيفًا إنه يعتقد إنه سيعمل جيدًا لتأجيل التحضير لمزيد من التقسيمات حتى يكون هناك احتمال لشيء من هذا القبيل مطلوب.

ومع ذلك حتى مقترحاته الأكثر تواضعًا شاقة، ولسوء الحظ جعلها تعقيد مثل هذه الأنماط عديمة الفائدة تقريبًا كنماذج عمل للآخرين في هذا المجال، ومع ذلك تمت الإشارة على نطاق واسع إلى أحد تصنيفات تشارلز بيرس الأساسية التي تم تحديدها لأول مرة في عام 1867.

وفي الدراسات السيميائية اللاحقة، لقد اعتبره التقسيم الأساسي للعلامات إنه أقل فائدة كتصنيف لأنواع العلامات المميزة من اختلاف أنماط العلاقة بين مركبات الإشارات ومراجعها، علماً بأن في الحساب لاحقاً وقد واصلت لتوظيف شروط الدال والمدلول.

وعلى الرغم من تشارلز بيرس أشار إلى العلاقة بين علامة كذا والكائن، ويميل هذا الدمج إلى التأكيد وإن كان بشكل غير مباشر على الإمكانات المرجعية للمدلول في النموذج السوسوري، وفيما يلي الأنماط الثلاثة مع بعض التعريفات المختصرة الخاصة بها وبعض الأمثلة التوضيحية:

1- الرمز أو الرمزي: وهو وضع ينظر فيه إلى الدال على إنه لا يشبه المدلول ولكن الذي هو في الأساس تعسفية أو تقليدية بحتة حتى أن العلاقة يجب أن تعلم اللغة، على سبيل المثال اللغات المحددة والحروف الأبجدية وعلامات الترقيم، والكلمات والعبارات والجمل والأرقام ورمز مورس وإشارات المرور والأعلام الوطنية.

2- الأيقونة أو الأيقونية: وهو وضع يُنظر فيه إلى الدال على إنه يشبه أو يقلد المدلول كمظهر واضح أو صوت أو شعور أو تذوق أو شم مثله، ويكون متشابهًا في امتلاك بعض صفاته، على سبيل المثال صورة شخصية ورسم كاريكاتوري ونموذج الحجم والمحاكاة الصوتية والاستعارات والأصوات الواقعية في موسيقى البرنامج، والمؤثرات الصوتية في الدراما الإذاعية، والموسيقى التصويرية للفيلم المدبلج، والإيماءات المقلدة.

3- الفهرس أو الفهرسية: وهو وضع لا يكون فيه الدال تعسفيًا ولكنه مرتبط بشكل مباشر بطريقة ما جسديًا أو سببيًا بالدلالة، ويمكن ملاحظة هذا الارتباط أو استنتاجه، وعلى سبيل المثال العلامات الطبيعية كالدخان والرعد وآثار الأقدام والأصداء والروائح والنكهات غير صناعية.

وأعراض طبية كالألم والطفح الجلدي ومعدل النبض، وأدوات القياس كمقياس الحرارة والساعة ومستوى الروح، والإشارات كالطرق على الباب ورنين الهاتف، والمؤشرات كإصبع التأشير وإشارة الاتجاه، والتسجيلات كالصورة الفوتوغرافية والفيلم والفيديو أو لقطة تلفزيونية وصوت مسجل صوتي، والعلامات التجارية الشخصية كخط اليد وعبارة مشهورة، وكلمات مفهرسة كتلك وهذا وهنا وهناك.

المصدر: السيميولوجيا والسرد الأدبي، صالح مفقود، 2000ما هي السيميولوجيا، ترجمة محمد نظيف، 1994الاتجاه السيميولوجي، عصام خلف كاملسيمياء العنوان، بسام قطوس، 2001


شارك المقالة: