تأسيس الدولة المملوكية

اقرأ في هذا المقال


من هم المماليك

المماليك مفردها مملوك وهم العبيد الذين تم تجنيدهم في جيوش الخلافة العباسية والذين استطاعوا في نهاية عهد الدولة الأيوبية من السيطرة على الحكم وقاموا بتأسيس سلطة حكمت مصر وسوريا واستمر حكمهم من عام (125-15017).

في بداية القرن التاسع الميلادي انتشر تجنيد المماليك في الجيوش الإسلامية، وكانت البداية من قبل الخليفة العباسي المعتصم (833-842)، وبعد ذلك انتشرت هذه العادة في جميع أنحاء البلاد الإسلامية، استغل القادة المماليك الذين كانوا من أصول تركية القوة العسكرية التي حصلوا عليها من تجنيدهم ووظائفهم في الدولة، وبدأوا بالتمرد ومحاولات السيطرة على مقاليد الحكم، كما قاموا بخلع وقتل الخلقاء.

حافظ المماليك على الخلافة العباسية وقاموا بدعمها كخلافة شرعية، إلأ أن السلطة الفعلية كانت للقادة المماليك، وما لبثوا أن أسسوا سلالات حاكمة ذات أصول مملوكية حكمت مصر والهند، وأصبحوا سلاطين عليهم.

متى تم تأسيس السلالة المملوكية

عندما اغتصب المماليك السلطة من الأيوبيين قاموا بتأسيس سلالة حكمت مصر وسوريا من عام (1250-1517) واستطاعوا تكوين قوة عسكرية حكمت مصر، قام القائد صلاح الدين ، الذي حكم مصر عام (1169)، بتجنيد عناصر كردية وعربية وتركمانية في جيشه وقام السلاطين الذين حكموا بعده بتقليده.

امتاز الملك الصالح أيوب (1240-1249) بأنه أكثر السلاطين تجنيدًا للعبيد، وبالأخص الأتراك، وذلك من أجل الحفاظ على سلطته من خصومه من الأيوبيين ومن الصليبيين. بعدما توفي عام (1249)، حدث خلاف على السلطة، وقام القادة المماليك بقتل خليفته واستطاعوا في النهاية هم وابناءهم تسلم الحكم الفعلي لمصر.

تم تقسيم العصر المملوكي تاريخيًا إلى فترتين تاريخيتين الأولى امتدت من (1250 – 1382) وسُميت الدولة المملوكية البحرية، والفترة الأخرى امتدت من (1382-1517) وسُميت الدولة المملوكية البرجية، تمت التسمية للسلطنة المملوكية متأثرة بالسلالة التي حكمت الدولة سياسيًا، فقد أطلقت المصادر التاريخية الإسلامية على تلك الفترتين باسم الحقبة التركية والحقبة الشركسية، وذلك حسب الأصول العرقية للمماليك فالبعض أصول تركية والبعض الآخر شركسية.

اتفقت الكثير من المصادر التاريخية العالمية أن الدولة المملوكية بلغت أوجها في عهد السلالة التركية، وبدأت بالانهيار والسقوط في عهد الشركس، وكان من اهم الإنجازات التي قام بها السلاطين الأتراك هو مواجهة وطرد الصليبيين في بلاد الشام، وصدهم التوغل والزحف المغولي في فلسطين وسوريا.

وقد سطر لهم التاريخ هذه الإنجازات المشرفة، فقد أنقذوا العالم العربي الإسلامي من الإنهيار والسقوط، كان هناك بعض الشكوك في نواياهم أن ما قاموا به ليس من أجل الإسلام والمسلمين بل من أجل بناء الإمبرطورية المصرية والزحف نحو شبه الجزيرة العربية وارمينيا والأناضول، وتعميق جذورهم ووجودهم في المنطقة.

من أجل تقوية موقفهم في العالم الإسلامي سعوا جاهدين وبذلوا قصارى جهدهم لحماية الخلافة الإسلامية التي قام المغول بتدميرها في عام (1258م)، وعينوا خليفة بالاسم إذ كان الحكم الفعلي بيد الأمراء المماليك ولكن وجود الخليفة كان من أجل دعم موقفهم أمام العالم الإسلامي، وكان لخدمتهم للأماكن المقدسة في مكة والمدينة دورًا كبيرًا في تثبيت حكمهم ورعاية مصالحهم من جميع النواحي، كان لانتصارهم في الحروب ضد المغول والصليبيين دور كبير في دعم اقتصادهم، فقد سيطرت دولتهم في مصر على الطريق التجاري بين البحر الأبيض المتوسط والشرق، وتم دعم صناعتهم وتجارتهم.

كان من أهم السلاطين وأقدرهم السلطان بيبرس الأول والذي حكم (من عام 1260-إلى عام 1277) والملك الناصر الذي امتدت فترة حكمه (من عام 1293- إلى عام 1341)، لم يتمكن المماليك من تعيين سلطان محنك بعد وفاة الملك الناصر، مما أدى إلى ظهور الحقبة التاريخية التي بدأ انهيار الدولة فيها.

وذكرت العديد من المصادر التاريخية أن هذه الفترة بدأت عند تولي السلطان برقوق والذي ينتمي للأصول شركسية في عام (1382)، فقد اتبع نظام الترقية في وظائف الدولة ومناصب الجيش حسب أصوله العرقية الشركسية وليس جسب قدراته ومهاراته في الحرب والتي اعتمدها المماليك الأتراك في فترة حكمهم، إلا أن التحييز العرقي كان أحد الأسباب التي أدت إلى سقوط الدولة المملوكية، ولكن السبب الأهم هو العوامل الاقتصادية، جزء من التفسير يكمن بلا شك في عدم قدرة المماليك على توفير الأمن الظروف الملائمة واللازمة لحماية التجارة والزراعة.

عانت الدولة المملوكية أيضًا من خسائر ديموغرافية كان سببها الأوبئة التي غزت مصر والعديد من المناطق في الشرق فأثر ذلك على اقتصاد الدولة، وواجه المماليك صعوبة في مواجهة القائد التركي تيمور لينك عندما هاجم سوريا عام (1400م)، استعادت الدولة المملوكية أوجها لفترة من الزمن في فترة حكم السلطان برسباي عام (1422-1438) فقد استقرت الأوضاع الداخلية، واسترد المماليك أمجادهم، وقاموا بفتح قبرص عام (1426) إلا أن ارتفاع الضرائب وازدياد الطلب عليها زاد من الصعوبات المالية للدولة.

كانت الضربة القاصمة لاقتصاد الدولة المملوكية بدأت عند الهجوم البرتغالي على التجارة في البحر الأحمر (حوالي 1500) ، تزامن مع هذه الأحداث بداية التوسع العثماني على أرضي سوريا التابعة للدولة المملوكية، فقد فشلوا في استخدام المدفعية الميدانية كسلاح في أي حرب عدا الحصار، استطاع الغثمانيون هزيمة المماليك يشكل قطعي في كل من سوريا ومصر، ومنذ عام (1517) أصبح الحكم للعثمانيين.

كانت الدولة المملوكية في المجال الثقافي متقدمة ومتطورة سواء من بالعمارة أو بكتابة التاريخ، ولكن الناحية الاجتماعية والدينية لم تكن كما يجب، ظهر في عهدهم العديد من المؤرخين وكان من أشهرهم ابن خلدون والذي عاش في المغرب، تمييز عهد المماليك بالتطور المعماري فقد بنوا الكثير من المساجد والمدارس والمقابر والتي كانت مثيرة للاهتمام، ولا يزال الكثير منها حتى يومنا الحاضر.

تميزت الأبنية المملوكية بالقباب الحجرية  عليها نقوش هندسية كبيرة. ومن أشهر الشخصيات الدينية في تلك الفترة هو ابن تيمية، والذي تم سجنه من الدولة المملوكية بسبب معارضته لتشوية الإسلام المملوكي بالخرافات والدسائس الغربية.

المصدر: سفارات الدولة الأيوبيَّة ودولة المماليك مع أوروپَّا. بِقلم أنيس الأبيض، جريدة الحياة. تاريخ النشر: السبت، 16 نيسان (أبريل) 2016م.العسكريَّة المملوكيَّة: الجُزء الأوَّل، الجُزء الثاني، الجُزء الثالث، الجُزء الرَّابع. بِقلم مُحمَّد شعبان أيُّوب، من ساسة بوست. المقريزي، أبو العبَّاس تقيُّ الدين أحمد بن عليّ بن عبد القادر الحُسيني العُبيدي (1997)، السُلوك لِمعرفة دُول المُلوك، الجُزء الأوَّل (ط. الأولى)، بيروت - لُبنان: دار الكُتُب العلميَّة. عاشور، سعيد عبد الفتَّاح، مصر والشَّام في عصر الأيوبيين والمماليك (ط. الأولى)، بيروت - لُبنان: دار النهضة العربيَّة، ص. 225.


شارك المقالة: