تنظيم الإقطاعات الأتابكية وتوزيعها

اقرأ في هذا المقال


إدارة الإقطاع الاتابكي:

كان أغلب الأمراء المقطعين يقيمون خارج إقطاعاتهم في عاصمة الدولة الأتابكية بجانب الأتابك وذلك بسبب أنَّ أغلب هؤلاء كانوا يشغلون الوظائف العالية في الدولة الأتابكية كالنيابة ورئاسة الدواوين، فكانت إقطاعاتهم تُدار بواسطة وكلاء يتم اختيارهم من قبل المقطع يديرونها باسمه.

فكانت إقطاعات زين الدين على قائد جيش الأتابك عماد الدين ونائبه في قلعة الموصل أربل وشهرزور وتكريت، وقد عين عليها من يدير شؤونها، فكانت أربل تدار من قبل مجاهد الدين قايماز، وشهرزور فيه نائبه الأمير بوزان، وتكريت نائبها الأمير تبر، وكذلك بالنسبة لرئيس ديوان الجيش الأمير صلاح الدين محمد بن أيوب الياغستاني الذي أقطع مدينة حماة وأنلب فيه نائبه وابنه شهاب الدين أحمد.

إنَّ المقطعين لا يباشرون إدارة الإقطاعية بأنفسهم وإنما عملية استغلالها من عملية حراثة الأرض وزراعتها وما يتبعها من أمور أخرى هي من اختصاص الفلاحين الذين يتولون عملية زراعة الأرض، وتوفير المواد اللازمة للإقطاعيين العسكريين من أجل الانصراف إلى أمور الحرب والقتال، وكان زنكي ينهي جنوده عن الإضرار بالمحاصيل الزراعية وإذا أرادوا شيئاً دفعوا ثمنه.

كان (ديوان الجند) هو المسؤول عن إدارة شؤون الإقطاعات، فقد وضع الأتابك عماد الدين على رأس هذا الديوان موظفاً كبيراً يُسمى (أمير حاجب). وكان يلي نائب الأتابك في الرتبة وكان عمله منصب على فض المُنازعات بين الأمراء والجند ومشاورة السلطان واستعراض العساكر وكذلك عملية تنظيم الإقطاعات بين الجند.

إنَّ أعمال هذا الديوان مسؤولة عن تثبيت أسماء الأمراء المقطعين على اختلاف رتبهم، وكان يسجل الأجناد التابعين لكل أمير وكذلك التسجيل شمل أنواع الأسلحة وعدتها وأعداد الدواب، وكان الأتابك نور الدين يقول معللاً ذلك: (نحن في كل وقت بصدد النفير فإذا لم يكن أجناد كافة الأمراء كاملي العَدد والعُدد دخل الوهن على الإسلام).

كما كان يثبت أسماء الجنود الذين يتفاضون رواتبهم مباشرة من الديوان وكان هؤلاء يُلازمون ركاب الأمير الأتابكي (الحرس الشخصي) ولا يفارقونه، وكان الأتابك مسؤول عن تجهيزاتهم من حيث السلاح والدواب وكانت رواتبهم تصرف لهم كل ثلاثة اشهر.

لقد أصبح ديوان الجند الأتابكي بما اتصف به من التنظيم والدقة وحجم المهمة المُلقاة على عاتقه يوصف بقول المؤرخ ابن الأثير بأنه: (كان يُقاس بدواوين السلاجقة).

واجبات المقطع الأتابكي:

كان على صاحب الإقطاع التزامات مالية وعسكرية تعهد بها أمام الأمير الأتابكي عند تسلم إقطاعيته، فقد كان الإقطاع مورداً مهما من موارد الدولة الأتابكية إلا أنَّ المصادر التاريخية لم تُشر إلى مقدار الضريبة التي يجب أنّ يدفعها صاحب الإقطاع وهل كانت تلك الضريبة تدفع نقداً أم عيناً، إلا أنها تبدو أكثر من عشرة بالمئة وفقاً للرواية التي ذكرها ابن الأثير.

إنَّ بعض فلاحي الموصل هربوا إلى ماردين، ولمّا طالب الأتابك عماد الدين بهم أجابه صاحب ماردين حسام الدين تمرتاش: (إننا محسنين إلى الفلاحين ونخفف عنهم ونأخذ منهم في القسمة من الغلال العشر فلو فعلتم أنتم مثل فعلنا لم يفارقوكم). وقد كان جواب الأتابك عماد الدين معللاً ارتفاع هذه الضريبة أنها كانت تُأخذ من أجل الجهاد ضد الصليبيين التي تتطلب أموالاً كثيرة تصرف على الأجناد.

أما من ناحية الالتزامات العسكرية فقد كان على المقطع أنّ يجهز جيش الأمير الأتابكي في وقت الحرب بالعساكر المجهزة تجهيزاً كاملاً، ولم نجد سوى رواية واحدة تنص على أنَّ نور الدين محمود أعطى منشوراً بإقطاع بني العرب، وجعل العدة عليهم أربعون فارساً، وما أمكنه وقت المهمات الشريفة.

هذا النص يشير إلى أنَّ العدد الذي يمكن أنّ يُشارك به الأمير المقطع أربعين فارس كحد أدنى والزيادة وفق الإمكانية. وعلى الأمير المقطع أنّ يجهز جنوده بالسلاح والدواب وأنّ يكونوا كاملي العدد والعُدد.

توزيع الإقطاعات الأتابكية:

1- إقطاعات الأتابك عماد الدين:

  • الرحبة: كانت إقطاعاً للأمير جاولي هي وأعمالها.
  • بعلبك: أقطعها الأتابك سنة (534 هجري)،‏ إلى الأمير نجم الدين أيوب.
  • نصيبين: مقطعها الأمير أبو بكر مقدم البكجية وكان هذا الأمير قد هرب إلى صاحب ماردين فكانت سبباً لمحاصرة الأتابك لها وطالب بتسليمه، حتى سلم إليه فسجنه وسبب ذلك أنّ نصيبيين. كانت مجاورة لماردين وكان صاحبها حسام الدين قمرتاش منافس للأتابك). ثم اقطعها الأتابك الى وزيره جمال الدين محمد بن علي الأصفهاني وكان إقطاع مكافأة له بسبب كفاءته وأضاف إليه الرحبة.
  • حماة: فتحها عماد الدين سنة (524 هجري)، وأقطعها إلى أمير حاجب صلاح الدين الياغستاني.
  • حمص: كانت حمص لصمصام الدين خترخان بن قراجا الذي بقي فيها إلى سنة (526 هجري)،‏ عندما قبض عليه الأتابك عماد الدين وحبسه في الموصل، وولى ولده أبلخان بن قترجان، ثم استولى عليها أتابلك دمشق معين الدين أنر فتوجه إليها عماد الدين سنة (531 هجري)، وحاصرها ثم حوصرت ثانية سنة (532 هجري)، إلى ان تقود الصلح بين الطرفين وسلمت إليه حمص. وأقطعها لحاجبه الياغستاني بعد أنّ عوض صاحبها أنر يبارين، واللكمة، والحصن الشرقي.
  • الرقة: كانت إقطاع الأمير أميرك الجاندار وهو من أعيان الأمراء العمادية.
  • دقوقا: كانت من إقطاع الأمير عز الدين الدبيسي وهو من أكابر أمراء الأتابك.
  • الموزر: أقطعها الأتابك إلى أسد الدين شيركوة.
  • قلعة.
  • البارعية.
  • جبل جورا: أقطاع هبة إلى الأمير حسام الدين تمرتاش صاحب ماردين على سبيل المودة.
  • ذا القرنين قلاع الأكراد الحميدية: استطاع عماد الدين من فتحها وأقر الأمير عيسى الحميدي على ولايتها منها قلعة العقر وشوش، وبقي فيها إلى سنة (527 هجري)، أخذت منه وأقطعت إلى نائبه زين الدين علي كوجك.
  • حران: فتح عماد الدين مدينة حران سنة (522 هجري)، وأقطعها إلى الأمير سوتكين الكرجي وبعد وفاته سنة (533 هجري)، أقطعت إلى زين الدين على كوجك.
  • أربل: سنجار كانت من إقطاعات الأمير زين الدين علي كوجك، قلاع الهكارية

2- إقطاعات الأتابك نور الدين محمود:

  • حلب: كان بها الأمير شمس الدين علي بن الداية وهو من أكابر أمراء نور الدين وكان هو وأخوته بحلب وأمرها إليهم وعساكرهم معهم، وقد حاول الأتابك سيف الدين السيطرة عليها بعد وفاة نور الدين محمود لكن ابن الداية استدعى الملك الصالح اسماعيل بن نور الدين ليحول دون ذلك ففعل.
  • شيزر: كانت إقطاعاً شمس الدين علي بن الداية.
  • عين تاب: أقطاع للأمير بدر الدين حسن بن الداية.
  • وعزاز.
  • تل باشر.
  • تل خالد.
  • قورس.
  • الرواندات.
  • برج الرصاص.
  • كفر سود.
  • كفر لاثا.

فتحت هذه الحصون والقلاع سنة (546 هجري)،‏ أقطعت إلى الأمير مجد الدين أبي بكر بن الداية، وكانت معظم هذه الحصون بيد جوسلين صاحب الرها الذي أسر وتخلص المسلمون من شرها.

  • حمص: بعد وفاة الأتابك عماد الدين تسلم نور الدين الأتابكية فأقطع مدينة حمص للحاجب الياغستاني تعويضاً عن مدينة حماة، ولمّا فتح مدينة دمشق عوض صاحبها معين الدين أنر بأن أقطعه حمص ثم أخذها منه وأقطعه بالس، لكنه لم يرضَ بذلك وسار إلى بغداد حيث مات. وفي سنة (563 هجري)،‏ أقطعت إلى أسد الدين شيركوة الذي أصبح من أمراء الأتابك نور الدين وجعله مقدم عسكره. وبقيت بيده ويد أولاده مائة عام.
  • منبج: كانت من إقطاع غازي بن حسان الذي أعلن العصيان على الأتابك سنة (562 هجري)،‏ فسيرت إليه العساكر واستولوا عليها ثم أقطع نور الدين إلى قطب الدين ينال بن حسان وبقي فيها إلى أنّ أخذها صلاح الدين الأيوبي سنة (572 هجري).‏
  • الخابيور: أقطعت إلى الشيخ شرف الدين عبد الله بن أبي معروف.
  • حران: أقطعت إلى الأمير زين الدين علي كوجك، ثم أقطعها إلى قايماز الحراني وهو أحد مماليك الأتابك وبعد وفاة الأتابك استولى عليها سيف الدين غازي.
  • قلعة جعبر: كانت هذه القلعة للأمير شهاب الدين مالك بن علي، وفي عام (563 هجري)،‏ استولى عليها الأتابك نور الدين وعوض صاحبها سروج، وبزاغا، والملوحة وأعطاه عشرون ألف دينار. وأقطع قلعة جعبر إلى الأمير مجد الدين أبو بكر بن الداية الذي توفي سنة (565 هجري)،‏ فأقر الأتابك نور الدين أخاه علياً مكانه.
  • صرخد: أقطعت إلى الأمير مجاهد الدين بزان بن يامين الكردي.
  • بصرى: أقطعت إلى حاجبه فارس الدولة صرخيك.
  • حماة.
  • قلعة بارين.
  • الرها: كانت إقطاعاً للأمير فخر الدين مسعود الزعفراني وهو من أكابر الأمراء النورية وبقيت إقطاعا له إلى أنّ استولى عليها صلاح الدين سنة (570 هجري)،‏ وأقطع بارين لخاله شهاب الدين محمود بن تكش الحارمي.

المصدر: ❞ كتاب الإقطاع في الدولة العباسية ❝ مؤلفه د. محمد حسن سهيل الدليمي صفحة (169 – 182).❞ كتاب أطلس تاريخ الدولة العباسية ملون ❝ مؤلفه سامي بن عبد الله بن أحمد المغلوث.❞ كتاب الخلافة العباسية في عهد تسلط البويهيين ❝ مؤلفته د. وفاء محمد علي. ❞ كتاب تاريخ الدولة العباسية 132-656هـ ❝ مؤلفه د.محمد سهيل طقوش.


شارك المقالة: