سكان الحضارة المصرية والطبقات الاجتماعية

اقرأ في هذا المقال


مصر القديمة هي حضارة في شمال شرق إفريقيا يعود تاريخها إلى الألفية الرابعة قبل الميلاد، وقد تم الحفاظ على العديد من إنجازاتها في بقاياها الفنية والأثرية، ويستمر سحرها في النمو حيث تكشف الاكتشافات الأثرية عن أسرارها.

الملك والأسرة الملكية

الملك والآلهة

تم تقسيم المجتمع المصري القديم من حيث الناحية الكونية إلى تسلسل هرمي بشكل تنازلي -من الأعلى إلى الأسفل- بدأت بالآلهة ثم الملك ثم الميت الذي يكون مباركًا حيث الإنسانية التي فُهمت فيها الحضارة المصرية بشكل أساسي، ومن بين هذه المجموعات كان الملك وحده عازبًا وبالتالي كان بمفرده أكثر بروزًا من أي مجموعة أخرى،

وينص النص الذي يلخص دور الملك على أنّه: “على الأرض إلى الأبد يحكم على البشرية ويسترضي الآلهة، ويضع النظام (ماعت مفهوم مركزي) في مكان الفوضى، ويعطي قرابين للآلهة وذبائح جنائزية للأرواح (الموتى المباركين)”.

كان الملك مشبعًا بالجوهر الإلهي ولكن ليس بأي معنى بسيط أو غير مؤهل، حيث أتت له ألوهيته من منصبه وأعيد تأكيده من خلال الطقوس، ولكنه كان أدنى بكثير من ألوهية كبرى، فلقد كان إلهًا وليس إنسانًا بحكم قدرته التي كانت أكبر بما لا يقاس من قدرة أي إنسان، وبالنسبة للبشرية أظهر الآلهة على الأرض وهي من المفاهيم التي تم تطويرها في شبكة ذات تعقيد من مستوى الاستعارة والعقيدة، بحيث يشكل الإنسانية للآلهة بشكل أقل مباشرة.

مكانة الموتى

يبدو أنّ هناك أهمية كبيرة للموتى لدى الحضارة المصرية حيث كانوا في مقام وموضع للعبادة لدى الأحياء والذين من خلالهم من الممكن تدخلهم في القضايا الإنسانية، ففي فترات عديدة كان الإنفاق الرئيسي المرئي وتركيز عرض الأفراد من غير أفراد العائلة المالكة كما هو الحال بالنسبة للملك على توفير القبر والعالم التالي.

وراثة العرش المصري

يُطلق على الملوك المصريين عادةً اسم الفراعنة بعد استخدام الكتاب المقدس، ولكن مصطلح فرعون مشتق من الكلمة المصرية (per aa) والتي تعني الملكية الضخمة وذلك نظرًا لتسمية القصر كمؤسسة، وقد استخدم مصطلح القصر على نطاق واسع منذ حوالي 1400 قبل الميلاد، وتم استخدامه بشكل متزايد كطريقة للإشارة إلى الملوك الأحياء ولكن في الأيام الأولى كان هذا نادرًا.

إنّ قاعدة وراثة العرش غير مفهومة بشكل جيد فالمفهوم الشائع بأنّ وريث العرش يجب أن يتزوج الابنة الكبرى للسلف، فلم ترتبط الملكية بالأنثى، حيث يترك الخيار لاختيار الملكة ويبدو أنّ الملكة في بعض الأوقات، ومع بعض الملوك تكون من الأشخاص المقربين من الملك أو ربما عكس ذلك، وفي البلدان الحديثة عندما يكون هناك دليل باستثناء بعض الزوجات القاصرات فإنّ كل ملك لديه ملكة بلقب مختلف.

يبدو أنّ ابن الملكة الرئيسية هو الوريث المفضل للعرش، ولكن يمكن أن يصبح الأبناء الآخرون أيضًا ملوكًا، وفي كثير من الحالات يكون الوريث هو الأكبر (والباقي يكونون على قيد الحياة)، ويتوافق نموذج الوراثة هذا مع القيم المصرية العامة، ولكنه غالبًا ما يكون قريبًا آخر له أو لا علاقة له به تمامًا، ويتم قمع المعارضة والصراع من المصادر العامة، ومن الفترة المتأخرة أي 664-332 قبل الميلاد، عندما تكون المصادر أكثر تنوعًا وأنماط أقل جمودًا يُعرف العديد من عمليات الاغتصاب والانقطاع للخلافة وربما كان لديهم العديد من الأسلاف.

المناصب الإدارية

تغير موقف الملك تدريجيًا من موقف الملك المطلق في وسط مجموعة حاكمة صغيرة تتكون في الغالب من أقربائه إلى منصب رئيس دولة بيروقراطية -حيث كان حكمه لا يزال مطلقًا- على أساس تولي المنصب، ومن الناحية النظرية على المنافسة الحرة والجدارة، وبحلول الأسرة الخامسة تمت إضافة المؤسسات الثابتة إلى قوة التقاليد وتنظيم الاتصال الشخصي كمكابح للاستبداد ولكن القوة الكاريزمية والخارقة للملك ظلت حيوية.

تلقت النخبة من أصحاب المناصب الإدارية مناصبهم وتفويضاتهم من الملك الذي وضعوا دوره العام كقاضي على الإنسانية موضع التنفيذ، ولقد احتفلوا بالعدالة الخاصة بهم واهتمامهم بالآخرين وخاصة من هم دونهم وسجلوا مآثرهم الخاصة وسلوكهم المثالي للحياة في نقوش ليراها الآخرون، وهكذا تم تأكيد موقف النخبة بالرجوع إلى الملك وإلى هيبتها بين أقرانهم وإلى سلوكهم تجاه مرؤوسيهم، مما يبرر إلى حد ما حقيقة أنهم -وأكثر من ذلك الملك- استحوذوا على جزء كبير من إنتاج البلاد.

هذه المواقف ونشرها المحتمل من خلال المجتمع يوازن عدم المساواة ولكن لا يمكن معرفة مدى قبولها، وكانت المجموعة الأساسية من أصحاب المناصب الأثرياء يبلغ عددهم بضع مئات على الأكثر والطبقة الإدارية من صغار المسؤولين والكتبة، الذين لم يكن معظمهم قادرين على ترك النصب التذكارية أو النقوش ربما 5000، ومع عائلاتهم شكلت هاتان المجموعتان ربما 5 في المائة من السكان الأوائل، والآثار والنقوش تخلد ذكرى ما لا يزيد عن واحد من كل ألف شخص.

وفقًا للإيديولوجية الملكية عيّن الملك النخبة على أساس الجدارة، وفي الظروف القديمة التي كانت تشهد معدلات وفيات عالية كان على النخبة أن تكون منفتحة على المجندين من الخارج، ومع ذلك كانت هناك المثل الأعلى للابن أن يرث أعمال أبيه، وقد ساد هذا المبدأ في الفترة التي كانت فيها السيطرة المركزية ضعيفة، وأصبح المجتمع بأكمله أكثر تشددًا وطبقية في الفترة اللاحقة.

التكوين الأسري المصري

في السياقات الحضرية والنخبوية كان المثل الأعلى المصري هو الأسرة النواة، ولكن على الأرض وحتى داخل المجموعة الحاكمة المركزية هناك دليل على العائلات الممتدة، وكان المصريون يتزوجون بزوجة واحدة ولم يتبع اختيار الشريكين في الزواج الذي لا يُعرف عنه حفل رسمي أو عقوبة قانونية نمطًا محددًا، ولم تتم ممارسة زواج الأقارب أثناء حقبة الأسرات ما عدا الزواج بشكل عرضي ما بين الأخ والأخت من داخل العائلة المالكة، ولربما تكون هذه الممارسة مسموحة فقط للملوك أو ورثة العرش.

كان الطلاق سهلًا من الناحية النظرية ولكنه كان مكلفًا، وتتمتع المرأة بوضع قانوني أدنى بشكل هامشي من مكانة الرجل، ويمكنهم امتلاك الممتلكات والتصرف فيها في حد ذاتها، ويمكنهم بدء إجراءات الطلاق وغيرها من الإجراءات القانونية، ونادراً ما كانوا يشغلون مناصب إدارية ولكنهم كانوا يشاركون بشكل متزايد في الطوائف الدينية ككاهنات أو ترانيم، وحملت المرأة المتزوجة لقب سيدة المنزل ومعناه الدقيق غير معروف، وفي أسفل السلم الاجتماعي ربما عملوا في الأرض وكذلك في المنزل.

كان التوزيع غير المتكافئ للثروة والعمالة والتكنولوجيا مرتبطًا بالطابع الحضري الوحيد للمجتمع خاصة في الألفية الثالثة قبل الميلاد، ولم يتم تغذية موارد البلاد في العديد من المدن الإقليمية، ولكن بدلاً من ذلك تركزت بشكل كبير حول العاصمة -وهي نفسها سلسلة مستوطنات متفرقة وليست مدينة- وركزت على الشخصية المركزية في المجتمع وهو الملك، وفي الألفية الثالثة وأوائل الألفية الثانية كان النموذج المثالي للنخبة الذي تم التعبير عنه في زخرفة المقابر الخاصة عبارة عن قصر ريفي، ولم يطور المصريون شخصية حضرية أكثر وضوحًا حتى وقت لاحق.

المصدر: ancient Egyptعبقرية الحضارة المصرية القديمة، د.أحمد محمد عوف، الهيئة المصرية العامة للكتاب، مكتبة الأسرة 1999.الحضارة المصرية القديمة، الأستاذ الدكتور محمد بيومي مهران، ط2، 1989م، دار المعرفة الجامعية.الحضارة المصرية القديمة، الأستاذ الدكتور محمد بيومي مهران، ط4، 1989م، دار المعرفة الجامعية.


شارك المقالة: