ضوابط لعمليات الصراع والتغير

اقرأ في هذا المقال


ضوابط لعمليات الصراع والتغير:

  • إن اصطدام المعايير الاجتماعية مع المستويات المتدينة من الإشباع والحرية والعدالة، يفقدها قيمتها في تثبيت التوازن التفاضلي بشكل تدريجي، ولذلك فإن عدم قدرة أصحاب القوة على تصريف التوترات الإشباعية والضبطية والميول الأولية المرافقة لها، قد يقلل القيود المعيارية، ويميط اللثام عن حقائق تشوهات المعنى في مستويات القوة والعدالة والحرية.
  • إن ظهور تشوهات المعنى، لا يقود بالأهمية إلى انفجار الصراع، إذ يتوقف الأمر على مدى تسلسل العمليات المفضية إلى الصراع، ولذلك فإن إحكام أصحاب القوة قبضتهم على البناء، وقدرتهم على استخدام القهر كوسيلة بقاء نهائية يحول دون انفجار الصراع.
    باﻹضافة إلى ذلك فإن انفجار الصراع قد لا يفضي بالأهمية إلى التغيير، أو التغيير الحقيقي الشمولي، بل قد يؤدي إلى مزيد من السيطرة، وفرض قيود معيارية جديدة، وذلك عندما لا تنجح القوة التحررية في الإطاحة بالقوة المسيطرة، فالمواجهة قد تنطوي على مخاطر حقيقية، وقد تكون نتائجها أكثر سلبية مما كان قائماً، لذلك تبرز هنا، أهمية القيادة في إدراك تكاليف النصر والهزيمة، كما تظهر أهمية تشكيل قوة تحررية تكون أكبر من القوة المهيمنة.
    ورغم ذلك، فإن تكشف تشوهات المعنى، والدخول في صراع مفتوح مع القوة المهيمنة، يثبت حقيقة مهمة بالنسبة للخاضعين، وهي أن بناءات السيطرة والاستغلال ليست مجرد بناءات مأخوذه مُسبقاً، تفرض نفسها على جماعات محددة وتعمل حسب منطقتهم، إنها منتجات تاريخية، نشأت ويُعاد نشأتها عن طريق الجدل بين المتعارضين أي الجماعات المهيمنة، والجماعات الخاضعة.
  • إن الصراعات المنبثقة عن التوازن التفاضلي، تكون قوية وعنيفة، ﻷن عدم قدرة الأفراد على تصريف الميول الأولية بسهولة وبسرعة، يؤدي إلى تراكم احتقانات وجدانية سلبية مع جمود البناء، ولذلك يتصل الأمر هنا، إن ازدياد تكرار نشوء التوترات مع ازدياد تكرار تصريفها من قبل أصحاب القوة، قد يسمح بتنظيم الصراع تنظيماً معيارياً، مما يحافظ على ديمومة واستمرارية التوازن التفاضلي القائم.
  • إن تمسك القوة التحررية، بنموذج نسقي جديد، يعبر عن المصالح الجمعية وتغيب فيه المعاناة السابقة، يزيد قدراً من الانتظام على المرحلة الجديدة عقب الإطاحة بالقوة المهيمنة، إن غياب هذا النموذج والأيديولوجيا التي تحكمه قد يؤدي إلى حالة من الفوضى.

المصدر: الإشكاليات التاريخية في علم الاجتماع السياسي، عبد القادر جغلول، 1982.النظرة الارتقائية، محمد الطالبي، 1979.التفكير الاجتماعي نشأته وتطوره، زيدان عبد الباقي، 1972.السببية والحتمية عند ابن خلدون، مها المقدم، 1990.


شارك المقالة: