فروض المسؤولية الاجتماعية عند كيث دافيس في علم الاجتماع

اقرأ في هذا المقال


فروض المسؤولية الاجتماعية عند كيث دافيس في علم الاجتماع:

1- المسؤولية الاجتماعية تجد أصولها في القوة الاقتصادية للمشروعات الصناعية الحديثة، فهذه المشروعات أصبحت تتمتع بقوة اقتصادية ضخمة لها آثارها السلبية في بعض المجالات كتلوث البيئة، ومن المفروض أن يتحمل من يملك هذه القوة النتائج المرتبة على استخدامها.

وهذا يتطلب من المديرين أن يوسعوا مدارك تفكيرهم إلى أبعد من بوابات مصانعهم لكي تشمل المجتمع كله، ويحذر كيث دافيس هنا مما أسماه بالقانون الطبيعي للمسؤولية، والذي يؤدي بمن لا يستعمل قوته داخل إطار من المسؤولية التي يقرها المجتمع، إلى أن يفقد هذه القوة على المدى الطويل.

2- إذا كان من الضروري والحيوي للمشروعات الصناعية الحديثة أن مقدار على أساس من الاتصال الفعال الذي يقوم على طريق مزدوج مفتوح بينها وبين جماهيرها التي ترتبط مصالحها بها، وأن تستمع هذه المشروعات من خلاله إلى رغبات المجتمع وحاجاته بنفس الكفاءة التي تنقل إليه من خلاله ما يجري داخلها، فإن المسؤولية الاجتماعية تحقق لها هذه الضرورة الحيوية بطريقة عملية وإيجابية، بعكس ما هو قائم الآن من مجرد إحساس بالحاجة إليها أو الممارسة العشوائية غير المنظمة أو الاعتماد على الادعاءات اللفظية الجوفاء كنوع من الدعاية.

3- المسؤولية الاجتماعية تعني إضافة عامل آخر من العوامل التي تؤخذ في الحسبان عند تقدير تكلفة السلعة أو الخدمة، فإذا كانت المشروعات الصناعية تحسب تكاليفها على أساس إمكانية القيام بها من الناحية الفنية إلى جانب فائدتها الاقتصادية ثم تقرر البدء وإنتاجها أم لا، فإن عليها أن تضيق عاملاً ثالثاً يعرف باسم الأثر الاجتماعي لهذه السلعة أو الخدمة، أي تكاليف مواجهة الآثار السلبية التي قد تترتب على إنتاجها واستخدمها، وهذه العوامل الثلاثة متعاونة هي التي ينبغي أن تدفع مشروعاً ما إلى اتخاذ قرار بإنتاج سلعة ما أو بعدم إنتاجها.

4- المسؤولية الاجتماعية تعتبر أنه من العدل أن يتحمل المستهلك تكاليف الأثر الاجتماعي لسلعة، على أساس أن سعر السلعة يشتمل على كل تكاليفها ومع افترض ضرورة إدخال تكاليف الأثر الاجتماعي للسلعة كعامل ثالث من العوامل التي تحدد إنتاجها، فإنه يكون من المنطقي أن نفترض تضمين السعر هذه التكاليف الاجتماعية.

وإذا كان المجتمع يتحمل هذه التكاليف الاجتماعية، بينما المستهلك هو المستفيد، فإنه حان الوقت لكي يتحمل المستهلك تكاليف ما يستفيد، ويستثنى من هذه القاعدة الافتراضية بعض السلع التي لا يكون من الواضح آثارها الاجتماعية وقت الإنتاج أو التي تكون تكاليف آثارها الاجتماعية من الضآلة بحيث لا تكاد تذكر، وفيما عدا ذلك تسري هذه القاعدة الافتراضية على كل السلع الأخرى.

5- المسؤولية الاجتماعية تعني أن المشروعات الصناعية ليست إلا أشخاصاً اعتبارية، وعليها تقع نفس الواجبات التي تقع على الأفراد العاديين كمواطنين في مجتمع محلي واحد، فهذه المشروعات نستفيد من المجتمع الأفضل، كما يستفيد الأفراد الآخرين.

المسؤولية الاجتماعية اتجاه أساسي في المجتمع:

ومن هنا يكون عليها أن تساهم معهم في مواجهة المشكلات والظروف المؤثرة والمعوقة، فمثلاً إذا كانت هناك مشكلة تعليمية فإنه ليس مطلوباً منها أن تحلها بنفسها، ولكن المطلوب منها أن تساعد على إيجاد الحلول العملية لها.

إن هذه الافتراضات الخمسة، تعتبر المسؤولية الاجتماعية اتجاهاً أساسياً في المجتمع وليست شيئاً كمالياً أو تطوعياً أو اختيارياً، وهي تجمع على أن المسؤولية الاجتماعية سوف يترتب عليها التزامات مادية لأنها ليست من قبيل الأعمال التي توصف بالنوايا الطيبة، مما قد يؤدي بهم إلى مطالبة المشروعات الصناعية إلى تخفيف التزاماتها الاجتماعية على المدى القصير، ولكن ليس معنى ذلك بطء في سرعة الاتجاه نحو المسؤولية الاجتماعية، فإن المستقبل يؤكد الحاجة إلى مسؤولية اجتماعية أوسع وأشمل للمشروعات الصناعية الأمريكية على المدى الطويل.

ويؤخذ هنا على المفهوم النظري للمسؤولية الاجتماعية في النمط الاجتماعي ﻷيديولوجية الصناعة الأمريكية، أنه يركز على التغيرات التي تحدث في المجتمعات المحلية، ولم يمتد ليشمل التغيرات التي تحدث داخل المشروعات الصناعية ذاتها، رغم أن التغيرات والظروف الاجتماعية التي أدت إلى مفهوم المسؤولية الاجتماعية تتصف بالشمول سواء في مواجهة العاملين داخل هذه المشروعات أو في مواجهة سكان المجتمعات المحلية، ثم أنه يركز أيضاً  على الآثار المادية لهذه التغيرات كتلوث البيئة ولم يمتد أيضاً ليشمل الآثار المعنوية على الإنسان ذاته.

وهنا يمكن القول، أن عمق جذور النمط التقليدي في الفكر الصناعي خلق من الحساسية اتجاه كل ما قد يؤثر على الرسالة الاقتصادية للمشروعات الصناعية، فرغم أن الظروف والمتغيرات الاجتماعية تدعو بإلحاح إلى المسؤولية الاجتماعية، إلا أن المفكرين يتناولونها بحذر شديد، مما جعل المفهوم النظري لها بعيداً بدرجة ملموسة عما تقتضيه وتحتمه هذه الظروف والمتغيرات الاجتماعية.

المصدر: أصول البحث الاجتماعي، عبد الباسط حسن.علم الاجتماع الريفي، غريب سيد سيد أحمد.محاضرات في تصميم البحوث، سعيد فرح.مناهج البحث العملي، محمد الجوهري.


شارك المقالة: