مروان بن محمد

اقرأ في هذا المقال


التعريف بمروان بن محمد:

هو مروان بن محمد بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية القرشي الأموي، يُكنى بأبو عبد الملك، وهو آخر خليفة من خلفاء بنو أمية، أمه من أصول كردية يقال لها لبابة، ويعرف بمروان الحمار ويقال عنه: أصبر في الحرب من حمار، ويعرف أيضاًً بمروان الجعدي؛ نسبة لمؤدبة درهم بن جعد.
وكان مروان الثاني حاكماً على أرمينيا وأذربيجان قبل الخلافة، وكان قد أظهر كفاءة عالية في إدارة الولاية، وبذل جهداً كبيراً في ضبط أمورها، وبقي مروان على ولايته حتى استطاع الجلوس على عرش الخلافة الأموية، لكن الظروف التي كانت حينها لم تسمح له بإخراج الدولة من الأزمة التي حلَّت بها.
وحاول مروان الثاني بكل الطرق لإصلاح إعوجاج الدولة ولكن بلا فائدة، وكان كلَّما يخرج من أزمة تظهر له أُخرى، حتى خارت قواه، وكانت دمشق حينها مركزاً للإدارة، ومركزاً للانقسام القبلي، وانتشر الإنقسام حتى وصل الشام كلها، فأصبح الوضع خطيراً، وبعد أن عرض مروان الثاني على أهل الشام أن يختاروا من يريدون والياً دون النظر لقبليته وعصبيته، وبعد أن قاموا بالإختيار نجح مروان في هذه الخطوة أن يرتب أوضاع الشام ويعيد لها الهدوء والنظام.

خلافة مروان بن محمد:

رغم أن الأوضاع التي كانت في خلافة مروان الثاني، وأن الدولة الأموية كانت قد انهارت في نهاية خلافته، إلا أنه يعتبر من الفرسان الشجعان ولم يكن قائداً عادياً، وكان ذو مهارة عالية في القيادة، ويعرف نفوس المحاربين، وقد فاجأ العدو مرَّات كثيرة بخطط غير مألوفة، حيث كان يستطيع بجيش صغير أن يقضي على الجيوش الكبيرة.
وكان دليلاً على عبقريته أنه جعل الجيش منقسم بأجزاء متشابهة، لم يعتمد على التنظيم القبلي، وكان مروان الثاني يقوم بجعل الجيش يهاجم العدو منقسماً إلى كتائب، وكلَّما انتهى من كتيبة دخلت كتيبة أخرى للحرب تفاجئ العدو بقوتها وبسالتها.
وعندما انتهت خلافة يزيد بن الوليد ولَّى بعده أخوه إبراهيم بن الوليد، لكن أمر الخلافة لم يتم له، حيث بدأ مروان الثاني بالزحف إلى دمشق وهزم في طريقه جيش إبراهيم الذي أرسله لإخماد الثورة التي حصلت في حمص، وفرَّ الوليد عندما علم بذلك، وقام هو وسبيمان بالاستيلاء على ما في بيت المال وفرَّا هاربين، وتركوا دمشق وهي مفتوحة الأبواب، وبعدها بايع الناس مروان الثاني على الخلافة فأصبح هو آخر خليفة أموي.

الأوضاع السياسية في عهد مروان بن محمد:

أصبح الأمر بعد مقتل الوليد الثاني يستند على جماعات متنافرة ليس لها هدف واحد، ووجدت تيارات متعددة يرتبط كل منها بفئة معينة من البيت الأموي، أو يقف متعارضاً مع الخلافة لأجل مصالح شخصية، ونتيجة لذلك ضعفت القاعدة واهتزت الدولة الأموية، وعمَّت الفوضى في العاصمة المركزية والأطراف.
وفي هذه الظروف وجد الناقمون على الدولة الأموية الفرصة لإنتزاع السلطة منهم، وأن الفرصة لإعطاء الضربة القاضية آتية لا محالة، وهكذا زادت الإضطرابات وظهر طلاب الثروة والجاه، يريدون أن يحققوا ما عجزوا عنه عندما كانت الدولة الأموية متماسكة وقوية.
فالعباسيين بدأوا لدراسة الوضع لإختيار الوقت المناسب لتوسع دعوتهم، والتهيؤ للانقضاض على الدولة الأموية الممزقة، وهناك بعض القوى التي تريد الاستيلاء على الحكم، وتنتظر الفرصة لخلع الطاعة، والقفز للعرش، ومن العوامل القوية التي ساعدت لقيام الثورات أن مروان قام بنقل العاصمة، والصراعات التي حدثت داخل البيت الأموي للحصول على الخلافة، والنزاعات القبلية.

ثورات الشام ضد خلافة مروان بن محمد:

خروج أهل حمص:

كان أهل حمص بالبداية مع خلافة مروان الثاني وذهبوا معه إلى دمشق، لكنهم انقلبوا عن حكمه؛ بسبب خلافات شخصية، وذلك أن ثابت بن نعيم الجذامي أحد قادة المسلمين، كان على خلاف هو ومروان الثاني منذ كان أميراً على أرمينيا، فلما تولَّى مروان الخلافة اختار أهل فلسطين ثابت بن نعيم الياً عليهم، وقبل به مروان الثاني بناءً على سياسته المنفتحة.
وعلى ما يبدو أن الخلاف بقي بين مروان وثابت، فحاول أن يحذب اليمنية معه الذين في حمص، وهم في الأصل وقفوا ضد خلافة مروان الثاني، فوقفوا مع ثابت وكان زعيهم وأعلن خروجهم، وبعدها طلب اليمنيه المساعدة من الكلبيين في تدمر فأمدوهم بالقوى العسكرية. وحاول مروان حينها أن يحل الأمر بطريقة سلمية، لكنهم رفضوا ذلك، اضطر بعدها بأن يخرج بنفسه لملاقاتهم، فحصلت وقائع شديدة بينهم وانتهت بهزيمة أهل حمص وهدم أسوارهم.

خروج أهل الغوطة:

في الوقت الذي كان فيه مروان الثاني مشغولاً بإخماد حركة أهل حمص، قامت حركة أخرى ضده في الغوطة، وقد تولّى عليها قائداً يمنياً يُدعى يزيد بن خالد القسري، وحاصروا مدينة دمشق، لكن مروان الثاني استطاع فك الحصار عن مدينته، وقام بمطاردة الخارجين، وأحرق المزه وقرى اليمانية وقتل قائدهم يزيد بن خالد.

خروج اهل فلسطين:

تعتبر هذه الحركة من أخطر الانتفاضات التي حدثت ضد مروان الثاني، حيث أن ثابت بن نعيم الجذامي استمر بعداوته لمروان، وبدأ يحرِّض قرى بلاد الشام على أن ينبذوا طاعة مروان، ثم تمادى حتى قاد أهل فلسطين في ثورة ضد النظام الأموي، تحرَّك مروان حينها سريعاً وأرسل قوة عسكرية بقيادة أبي الورد بن كوثر الذي استطاع القضاء على الثورة، ووقع ثابت بعدها أسيراً عند والي فلسطين الذي عيَّنه مروان، وقام بإرساله للخليفة ثمَّ قتله.

نهاية مروان الثاني بن محمد:

أن انهماك مروان الثاني في القضاء على الحركات الخارجة شغله عن الاهتمام بدول المشرق، خاصةً في خراسان التي كانت مركزاً للدولة العباسية، وانتشروا في المنطقة انتشاراً سريعاً، وبقيت الأمور فيها لبنو عباس؛ ممّا أقنع الدعاة العباسيين أن الوقت قد حان للإجهار بها، وحصلوا بالفعل على موافقة إبراهيم الإمام لإجهار الدعوة والخروج ضد الأمويين، وكان أبو مسلم الخراساني رئيساً للدعوة.
وأدرك حينها نصر بن سيارأمير خراسان الخطر الذي يشكله أبو مسلم على الدولة الأموية، فأرسل إلى دمشق رسالة عاجلة يشرح فيها الوضع الخطير وحالة الفوضى التي عمَّت خراسان، وخطر أو مسلم الذي يتزايد، وطلب المدد والعون من الخليفة مروان الثاني.
ولكن مروان الثاني حينها كان عاجزاً تماماً، ولم يستطع عمل أي شيء لواليه غير الوعود؛ ممّا أعطى الفرصة لأبو مسلم أن يسيطر سيطرة تامة على خراسان، ولم يستطيع نصر بن سيار أن يقف أمامه فهرب هو وأنصاره من خراسان إلى نيسابور.
وبعدها انتقلت القيادة العباسية العليا في العراق لقحطبة بن شبيب الطائي، وقد سارع بالالتقاء بنصر وتغلب عليهم وأجبر نصر أن يخرج من نيسابور، وبعد أن أدرك مروان الثاني خطورة الوضع أرسل له الدعم، وبدأت حينها جولة أخرى من الاصطدامات كان الفوز حليفاً للعباسيين حينها، وبعدها مات النصر بن سيار وحدثت وقعة أصفهان.
وبعدها توجَّه قحطبة بن شبيب إلى العراق واصطدم بالقوات الأموية بقيادة عمر بن هبيرة، وتغلب عليها وبعدها استمر للكوفة، لكنه غرق وهو يعبر نهر الفرات، وأكملت الحملة العباسية بقيادة حميد بن قحطبة سنة 132هـ، وسلَّم الأمر لأبو سلمة الخلال وزير آل محمد.
وتمَّت البيعة في الكوفة لعبدلله بن محمد بن علي بن عبدلله بن العباس، المعروف بأبو العباس، حيث كان أخوه إبراهيم الإمام قد ولَّى إليه أمر الدعوة قبل أن يقضي عليه مروان الثاني، ليصبح أول خليفة عبَّاسي، وبعد أن تم الأمر له أرسل جيشاً بقيادة عمه عبدلله بن علي إلى العراق، التقى بجيش مروان الثاني على نهر الزاب.
وكانت انتصارات الدعوة العباسسية قد أضعفت الجيش الأموي، ولم يستجب الجنود لأوامر مروان في تلك اللحظة الحرجة، حيث امتنعت بعض وحدات الجيش على الاستمرار، ومنها القوات اليمنية، فربما بسبب التعصبية أو بسبب عدم إعطاء الجنود الخراج، ودارت حرب طاحنة بين الأمويين والعباسيين انتهت بهزيمة مروان الثاني عام 132هـ.
وانسحب مروان من المعركة بإتجاة الموصل، لكن عندما أغلقت الطرق أمامه اضطر للذهاب إلى مقره السابق في حرَّان، ولكن االجيش العباسي استمر بمطاردته، فانسحب إلى دمشق ثم الأردن وبعدها إلى فلسطين، وكانت البلاد تفتح أبوابها أمام العباسيين باستثناء دمشق التي فتحوها غصباً.
وأمر عبدلله بن علي أخاه صالح ليطارد مروان الثاني بعد أن تجاوز الشام، ووصل مروان حينها إلى مصر بعد أن تخلِّي حلفائه عنه، وتوقف في قرية صغيرة في الفيوم فداهمته قوة عسكريةً في الليل، وظلَّ يقاوم حتى خرَّ قتيلاً، وبذلك تكون قد انتهت الخلافة الأموية عام 132هـ.

المصدر: كتاب تاريخ الدولة الأموية، محمد سهيل طقوشكتاب أطلس تاريخ الدولة الأموية، سامي بن عبدلله بن أحمد المغلوثكتاب الدولة الأموية والأحداث التي سبقتها ومهدت لها ابتداء من فتنة عثمان، يوسف العشكتاب الدولة الإسلامية الدولة الأموية، محمود شاكر


شارك المقالة: