مفهوم النظرية وطبيعتها

اقرأ في هذا المقال


مفهوم النظرية وطبيعتها:

يتصور البعض أن النظرية ما هي إلا فكرة أو تصور مجموعة من التصورات وضِعت قديماً لتفسير شيء معين، وبالتالي فهي تأمل، ويظن البعض الآخر بأن النظرية لا تتفاوت كثيراً عن الفرض العلمي، أي قضية تحمل تفسيراً مبدئياً أو حلاً مقترحاً لموضوع ما أو ظاهرة أو مشكلة معينة.
وقد نجد آخرين يعتبرون النظرية بمثابة مبدأ أو قانون علمي، أي بوصفها مسألة مفصلة، تختار سلسلة من الحقائق العلمية، أو تختصرها في صيغة رياضية، في حين يقرر البعض الرابع أن النظرية تُمثل نموذجاً، أو تقترب من عمليات صياغة الأنماط بوصفها نوع من التنميط، يعمل على تعيين العلاقات المتداخلة بين الخصائص أو الظواهر وتحاول توضيحها وتفسيرها.
وفي الواقع أن النظرية، تمثل أكبر المستويات كافةً، فالجهود المتراكمة لرجال العلم الذين يختصون في علم بعينه، تنتهي إلى صياغة مجموعة كبيرة من التعميمات، التي تنتمي إلى نماذج متعددة ومختلفة، ومن هنا تظهر الحاجة إلى تجميع شتات النتائج المبعثرة حتى أمكن الوصول إليها وتوحيدها، ويتحقق هذا التوحيد ببناء النظرية.
وبالتالي فإنه يتحدد مفهوم النظرية بوصفها مجموعة من المسائل التي تتوافر فيها الشروط التالية:

  • يجب أن تكون المصطلحات التي تعبر عن المسائل الاجتماعية معينة بدقة.
  • يجب أن تتصل المسائل الواحدة مع الأخرى.
  • أن توضع المسائل في صورة، يجعل من الممكن اشتقاق التعميمات الحالية والقائمة على شكل اشتقاق استنباطي.
  • أن تكون هذه المسائل خصبة ومثمرة تعمل على اكتشاف الطريق للوصول إلى ملاحظات ذات مدى بعيد، وتعميمات تنمي مجال المعرفة.

لذا حاول “إيان كريب” وهو اجتماعي، كان محاضر في علم الاجتماع بجامعة إسكس في بريطانيا، أن يميز مفهوم النظرية الاجتماعية عن التفكير النظري بصيغته اليومية، من خلال ثلاث عوامل:

العامل الأول: وهو أن النظرية الاجتماعية تعمل على أن تكون أشد تنسيقاً في نظرها أو رؤيتها إلى الأفكار والخبرات معاً، وعلاوةً على ذلك فالأفكار في النظرية يجب أن تتبع إحداها الأخرى لا أن تتناقض إحداها مع الأخرى، أو على أقل تقدير يجب أن تكون علاقتها ببعض واضحة المعالم.
والعامل الثاني: هو إقامة الأنساق النظرية بأفضل الطرق الممكنة، وهي عملية لا تتصل إلا بصورة غير مباشرة بتفسير خبراتنا، وهذا يثير ثلاث تساؤلات ماذا نعني بالتفسير؟ ومتى يكون التفسير كاملاً؟ ومتى لا يكون كاملاً؟
والعامل الثالث: لا بدّ أن تقودنا عمليات التنظيم المختلفة في بناء النظرية إلى عملية الاستنتاج أو التفسير مستقيمة مع خبراتنا اليومية المباشرة.

المصدر: الإشكاليات التاريخية في علم الاجتماع السياسي، عبد القادر جغلول، 1982.التفكير الاجتماعي نشأته وتطوره، زيدان عبد الباقي، 1972.النظرة الارتقائية، محمد الطالبي، 1979.السببية والحتمية عند ابن خلدون، مها المقدم، 1990.


شارك المقالة: