مميزات الرعاية الاجتماعية في العصر الحديث

اقرأ في هذا المقال


تضمّ الرعاية الاجتماعية العديد من أنماط التدخُّل الاجتماعي التي تهتم بتحسين الظروف المعيشية للأفراد والجماعات والمجتمعات، وهذه الأنماط لها العديد من المميزات والسِّمات.

سمات ومميزات الرعاية الاجتماعية

١- تتَّسم الرعاية الاجتماعية في العصر الحديث بأنَّها رعاية خاضعة للتنظيم الرَّسمي فالصدقات والإحسان على المستوى الفردي أو الخدمات المتبادلة القائمة على العلاقات الأسرية أو الصداقات أو الجيرة، كلّها تعتبر أوجه للرعاية لا تدخل في نطاق الرِّعاية المنتظمة بالرغم من أنَّ هذه الخدمات ساهمت إلى حدّ ما في التخفيف من حِدَّة المشكلات الاجتماعية وخاصةً مشكلة الفقر.

والرعاية المنتظمة لا يمكن أن تقوم إلَّا من خلال تنظيمات اجتماعية يُنشِئها المجتمع واستجابة لإشباع احتياجاته المختلفة. وهذه التنظيمات لها بناؤها الإداري ولها وظائفها المختلفة كما أنَّ لها مجموعة من القواعد والأحكام التي تُنظّم طبيعة العلاقة بين من يحصل على الخدمة وبين من يقدِّمها.

٢- تُعتَبَر الرعاية الاجتماعية في العصر الحديث مسؤولية من المسؤوليات المُلقاة على عاتق المجتمع وحين ننظر إلى المجتمع ننظر إليه من شطريه الأساسيين الشَّطر الحكومي والشَّطر الأهلي وكل من هذين النوعين من التنظيمات متعاونين ومتكاتفين معاً ومسؤولين عن إشباع احتياجات أفراده بصورة ملائمة.

٣- الرعاية الاجتماعية في العصر الحديث تستبعد دوافع الربح من خدماتها بمعنى أنَّ خدمات الرعاية الاجتماعية سواءً كانت حكومية أو أهلية تُشَكِّل مجموعة من الحقوق يحصل عليها المواطنون دون مقابل، لذلك الخدمات التي يحصل عليها الفرد أو يشتريها لا تدخل ضمن برامج الرِّعاية الاجتماعية.

٤- تتسم الرعاية الاجتماعية في العصر الحديث بالشمول والتكامل أو بمعنى آخر تتَّسم بنظرتها المتكاملة للإنسان حين تقدَّم إليه برامج مختلفة، بمعنى أنَّ الحاجات الإنسانية متعدِّدة ومتنوعة ومترابطة في نفس الوقت ولذلك فإنَّ إشباع البعض منها وإغفال البعض الآخر يُعتَبر قصوراً في برامج الرِّعاية الاجتماعية نحو التعدُّد والتنوُّع.

كما يعني الشمول هنا أنْ لا تقتصر برامج الرعاية الاجتماعية على فئة دون أخرى أو مجتمع دون آخر، فرعاية الأطفال يجب أن تتلازم مع رعاية الأسرة والاهتمام بالمجتمع الريفي يجب أن يواكب ويُساير الاهتمام بالمجتمع الحضري.

٥- تتميز الرعاية الاجتماعية باهتمامها المباشر بالحاجات الإنسانية وهناك فرق شاسع بين مفهومي الرعاية الاجتماعية والرعاية العامة، فالأنشطة والبرامج التي تقدَّم عن طريق الحكومات لا تنطوي جميعها تحت لواء الرِّعاية الاجتماعية، على سبيل المثال: تُعتَبَر خدمات الدِّفاع القومي وسيادة القانون ورصف الطرق خدمات لها أهميتها ولكنَّها لا تقابل الحاجات الإنسانية المباشرة كالتعليم والإسكان والخدمات الطبية وتحسين الغذاء، ولذلك تُعتَبَر هذه البرامج رعاية عامَّة في حين تُعتَبَر الخدمات المباشرة الموجهة للإنسان هي برامج رعاية اجتماعية والتي تتجه مباشرة نحو الفرد وحاجاتهم الاستهلاكية أكثر من اهتمامها بالمجتمع وأهدافه الإنتاجية.

٦- تتميز الرعاية الاجتماعية في العصر الحديث بأنَّها أصبحت حقّ من الحقوق الإنسانية بمعنى أنها لم تعدّ منحة أو صدقة تقدِّمها الحكومات لأفرادها أو التنظيمات التي يسيطر عليها في أغلب الأوقات الأثرياء، ولكن أصبحت الرعاية الاجتماعية حقّ لجميع المواطنين بصرف النظر عن الاختلافات فيما بينهم، كما أصبح لهم الحقّ في المطالبة بتوفير برامجها.

٧- تتَّسم الرعاية الاجتماعية المعاصرة بأنَّها ذات طابع علاجي ووقائي توجِّه برامج وخدمات الرعاية الاجتماعية لمعالجة المشكلات الاجتماعية بالمجتمع مثل مشكلات الفقر وانحراف الأحداث كما أنَّها تتضمَّن في نفس الوقت برامج تهدف إلى وقاية الأفراد والجماعات والمجتمعات المحلية من الوقوع في المشكلات وذلك عن طريق مقابلة الاحتياجات الإنسانية حتى لا تتحوَّل إلى مشكلات، وذلك بالبرامج الصحيَّة والتربويَّة والترفيهيَّة وغيرها.

مكانة الرعاية الاجتماعية في المجتمع


في عصر اليوم، تأخذ الرعاية الاجتماعية مكانة هامة ولا غنى عنها في بناء مجتمع يتسم بالترابط والتعاون. إن التقدم التكنولوجي والتطورات في مجالات الصحة والتعليم قد أثرت بشكل كبير على طبيعة الحياة اليومية، ولكن لا تزال الرعاية الاجتماعية تلعب دورًا حيويًا في تحسين جودة حياة الأفراد وتعزيز التواصل والدعم المتبادل. في هذا السياق، يُسلط هذا المقال الضوء على مميزات الرعاية الاجتماعية في العصر الحديث.

1. التضامن والتواصل: إحدى أبرز مميزات الرعاية الاجتماعية في العصر الحديث هو تعزيز روح التضامن والتواصل في المجتمع. يعمل نظام الرعاية الاجتماعية على تشجيع التفاعل الإيجابي بين الأفراد وتوجيه الاهتمام والدعم لمن يحتاجون إليه.

2. الرعاية الصحية: توفير رعاية صحية فعّالة هو جزء أساسي من الرعاية الاجتماعية في العصر الحديث. يتيح هذا النهج للأفراد الوصول إلى خدمات صحية عالية الجودة والوقاية من الأمراض، مما يعزز صحة المجتمع بشكل عام.

3. دعم الفئات الضعيفة: تقدم الرعاية الاجتماعية دعمًا خاصًا للفئات الضعيفة وذلك عبر برامج الدعم المالي والتأهيل المهني. يُعزز هذا الدور من المساواة ويسهم في تقليل الفجوات الاقتصادية والاجتماعية.

4. التنمية الشخصية: تسهم الرعاية الاجتماعية في تنمية الفرد على المستويين الشخصي والمهني. تقدم البرامج التدريبية والتعليمية الفرص للأفراد لتطوير مهاراتهم وتحسين فرصهم في سوق العمل.

5. التكامل التكنولوجي: اعتماد التكنولوجيا في مجال الرعاية الاجتماعية يساهم في تسهيل الوصول إلى الخدمات وتحسين فعالية التواصل. تطبيقات الهاتف المحمول والمنصات الرقمية توفر قنوات فعّالة للتفاعل وتقديم الدعم.

6. التأقلم مع التحديات: تساهم الرعاية الاجتماعية في تعزيز قدرة المجتمع على التأقلم مع التحديات الاجتماعية والاقتصادية. يتيح هذا التوجه التطور والتكيف مع المتغيرات في بيئة الحياة.

تبرز مميزات الرعاية الاجتماعية في العصر الحديث كجزء أساسي في بناء مجتمع يسوده التكامل والتضامن. يظهر أن هذا النهج يلبي احتياجات الأفراد ويعزز التنمية المستدامة، وبذلك يسهم في خلق بيئة إيجابية ومتقدمة للحياة.


شارك المقالة: