نظرية أنساق الفعل الاجتماعي عند بارسونز

اقرأ في هذا المقال


نظرية أنساق الفعل الاجتماعي عند بارسونز:

رأى بارسونز في مطلع كتابه بناء الفعل الاجتماعي، إلى أن النظرية الطوعية للفعل الاجتماعي، لا يمكنها أن تفسر الأبنية والنظم الاجتماعية تفسيراً مناسباً، مع أنها تستطيع البحث في أهم صور الحياة الاجتماعية، ويعني بذلك فعل الاختيار العقلاني الموجه معيارياً.
ولقد كان ذلك الإفصاح نذيراً لما لمسه كثيرون في الأعمال اللاحقة لبارسونز، وبصورة خاصة كتابه النسق الاجتماعي، حيث تحول من الطوعية إلى التحليل النسقي، أو الاتجاه البنائي الوظيفي، وهو الاتجاه الأكثر مناسبة، كما يرى بارسونز، في دراسة الأبنية الاجتماعية والثقافية، ومن هنا يرى بارسونز في كتابه النسق الاجتماعي إلى أن الأفعال والتصرفات لا تحدث بصيغة وبشكل منفرد أو منفصل، ولكنها تنتظم في أنساق.
بمفهوم آخر، لقد تحول بارسونز من حيز التوطيد على اختيار الفرد الفاعل، إلى حيز التوطيد على السبل التي يقيد بها النسق الاجتماعي اختيارات الفرد أو يحد منها، ولكن لا بد من التأكيد هنا، أن بارسونز لم يتجاهل محتوى النظرية الطوعية، كما يرى البعض، ولكنه اعتبر النظرية الطوعية خطوة رئيسية في تكوين النظرية العامة للفعل الاجتماعي، إذ لا يمكن الانتقال منطقياً إلى مستوى تقييد الفعل في إطار البنى والمؤسسات والعلاقات الاجتماعية، عموماً دون كشف الصورة الطوعية التي تعكس مجال الحرية في الفعل الإنساني، ولكن يبدو أن المسألة تتصل بالانتقال إلى مستوى آخر من المقدرة على التعميم،
باﻹضافة إلى تجسيد الأطر التي يتحرك الفعل فيها، علماً بأن هذا الإجراء يشمل تهميشاً لمدى حرية الفاعل في الاختيار، وفي الوقت نفسه ابتعاد عن الجانب الذاتي، لصالح الجانب الموضوعي المتمثل في الدور المرسوم ثقافياً.
يرى بارسونز أن وحدة الفعل تقتضي تجزئة الفعل تحليلياً إلى عدة عناصر هي: الفاعل، الغاية، الموقف والمعيار، ولكن الأفعال بذاتها لا تتجزأ إمبريقياً إلى أفعال مادية محسوسة مستقلة، ولكن يجب التأمل إلى الفعل على أنه منظم، ولذلك فإن عناصر الفعل توجد في مستويات تجسد إمبريقياً أنماط متنوعة من التنظيم.
فإن الفعل يوجد في أنساق، والأنساق التي تحتل مكانة مركزية بالنسبة للفعل هي: نسق الشخصية، النسق الاجتماعي والنسق الثقافي، وهذه الأنساق تعكس بشكل مرتب منطلقات الحاجة، وتوقعات الدور، والتوجيهات القيمية، إن أنساق الفعل لا تتصل بأفراد محددين أو مجتمعات محددة، وفعل الفرد مثلاً، ينبغي أن يشمل على أغلب تقدير الأنساق الثلاثة، ولهذا السبب فإن أي فعل ينبغي أن يتضمن علاقات بين الأنساق.

المصدر: الإشكاليات التاريخية في علم الاجتماع السياسي، عبد القادر جغلول، 1982.النظرة الارتقائية، محمد الطالبي، 1979.التفكير الاجتماعي نشأته وتطوره، زيدان عبد الباقي، 1972.السببية والحتمية عند ابن خلدون، مها المقدم، 1990.


شارك المقالة: