مراحل الضغوط النفسية في علم النفس الرياضي

اقرأ في هذا المقال


مقدمة عن مراحل الضغوط النفسية الرياضية:

تُعدّ الضغوط النفسية التي يواجهها الرياضيين في المجال الرياضي إحدى أهم الظواهر النفسية التي تقوم بالتأثير على صحتهم النفسية، فمن الممكن أن تؤدي زيادة شدة الضغوط النفسية للرياضيين وتعرضهم المتكرر والمستمر لها إلى حدوث  تأثيرات سلبية تؤثر بصورة مباشرة على شخصيتهم، أو إلى حدوث مشاكل في الصحة النفسية لديهم.

وبالتالي من الممكن أن يؤثر على صحتهم النفسية والجسدية، وقد يصل الوضع إلى الإنهاك والتعب العضلي أو الإجهاد النفسي أو التعب الذهني وإلى بعض المشاكل النفسية السيئة التي لا يكون باستطاعة الرياضيين القيام بتجاهلها، أو محاولة التكيف معها ببساطة، فتُعدّ الضغوط النفسية بالنسبة للرياضيين هي عبارة عن مواقف رياضية ضاغطة لديها القدرة على القيام بتفجير الاضطرابات السلوكية عالية المستوى، ومن الممكن أن تبقى لفترات طويلة، حيث تختلف هذه المواقف الرياضية على حسب اختلاف التراكيب النفسية للرياضيين.

ومن الممكن أن تؤدي المواقف الرياضية التي تسبب الضغوط النفسية إلى حدوث تغييرات فسيولوجية سلبية لدى الرياضيين، ومن هذه التغييرات: (انخفاض في مستوى الكفاءة الصحية للرياضيين، ارتفاع في مستوى التعب بأقل جهد ممكن، حدوث بطئ في التنفس، حدوث آلام في الظهر ، الإصابة بحالات من التشنج العضلي)، وكذلك من الممكن أن تؤدي المواقف الرياضية التي تسبب الضغوط النفسية إلى حدوث ظاهرة انفعالية ومنها الانفعالات الرياضية غير السارة؛ مثل الاكتئاب في مراحله الأولى، ومنها: (القلق الرياضي، الغضب، عدم القدرة في التحكم بالانفعالات الرياضية، العدوان أو العنف الرياضي، الغيرة).

وتقوم الضغوط النفسية الرياضية بالفرض على الرياضيين متطلبات رياضية سواء كانت اجتماعية أو فسيولوجية أو نفسية، ومن الممكن أن تقوم بالجمع ما بين متطلبين أو أكثر من هذه المتطلبات، ويعتبر القيام على مواجهة هذه الضغوط النفسية والتصدي لها يصدر عنه أضرار كبيرة يجب على الرياضيين القيام بتحملها، وهي تؤثر على حياتهم المهنية والعملية. ويعتبر المجال الرياضي أحد هذه المهن التي يتم تعرضها للضغوط النفسية من خلال مظاهر التقدم والتطور في العصر الحديث الذي يحيط بنا، وخاصةً أن المجال الرياضي والرياضية هما عمليتان ديناميكيتان ووتصفان بالإستمرارية، وليس من غايتهما توسيع المعارف والارتقاء البدني في الحركة فقط، بل تتمدد لتعمل على تنمية قدرات الرياضيين ليكونون أشخاصاً صالحين ونافعين لمجتمعاتهم الرياضية.

 مراحل الضغوط النفسية التي حددها العالم كامل لويس:

  • المثير الرياضي: ويشير هذا المثير إلى وجود قوى بيئية أو وجود مواقف رياضية تؤدي إلى حدوث حالات من الضغط النفسي بسبب تأثيرها على الرياضيين.
  • الاستقبال: تشير هذه المرحلة إلى وجود عمليات معرفية أو إدراكية داخل الرياضيين، وهي التي تقوم على محاولات من التوضيح والتفسير لهذه المثيرات الرياضية.
  • الاستجابة: وهي عبارة عن إدراك الرياضيين لمواقف رياضية من الضغط النفسي أو من حالة الاستجابة لهذه المثيرات أو المتغيرات، وذلك من خلال ظهور اعراض فسيولوجية أو ظواهر سلوكية ونفسية لهم.
  • إدراك نتائج الاستجابة للمثيرات الرياضية بالنسبة للرياضي وبيئته: في هذه المرحلة يدرك الرياضيين نتائج استجابتهم للمثيرات الرياضية وأثرها عليهم بأنفسهم، وأثرها على البيئة المحيطة بهم والتي يعيشون فيها.
  • التغذية الراجعة: وهذه المرحلة تعمل على المتابعة لكل مرحلة من المراحل السابقة التي تم ذكرها.

مراحل الضغوط النفسية التي حددها العالم هانز سيلي:

يُعدّ العالم هانز سيلي (وهو عالم نفس رياضي نمساوي) من أوائل العلماء الذين قاموا بالحديث عن التجارب الرياضية  المتعددة على الرياضيين، حيث أوضح أن تعرض الرياضيين المستمر للضغوط النفسية يقود إلى حدوث حالات من الاضطرابات النفسية والجسدية في جميع أعضاء الجسم المختلفة؛ ممّا يؤدي إلى ظهور مجموعة من الأغراض التي أطلق عليها العالم سيلي مسمى “مجموعة أعراض التكيف العام”، وهذه المجموعة تقوم من خلال ثلاث مراحل، وهي:

المرحلة الأولى:

تسمى مرحلة الاستجابة للإنذار الرياضي؛ حيث يتم في هذه المرحلة قيام الجسم باستدعاء واستجماع كل قواه الرياضية الدفاعية للقيام بمواجهة الأخطار والمشاكل التي يتعرض لها، حيث يحدث ذلك نتيجة تعرض الرياضيين المفاجئ لعدة منبهات لم يكونوا مهيئين لها، فالمنبهات هي عبارة عن عدة تغييرات عضوية رياضية، تعمل على رفع مستوى السكر في الدم، وتحدث تسارع في نبضات القلب، وتسبب برفع الضغط الشرياني، وبالتالي يكون جسم الرياضيين في حالات من الاستنفار والتأهيل من أجل محاولة التكيف مع المثير المهدد.

وتنقسم هذه المرحلة  إلى مرحلتين أساسيتين وهما: مرحلة الصدمة ومرحلة مضادة الصدمة.

  • مرحلة الصدمة: في هذه المرحلة يتعرض جسم الرياضيين لمجموعة من التغيرات الرياضية، منها: (نقص في الدم، انخفاض في صوديوم الدم، انخفاض في بوتاسيوم الدم، انخفاض في سكر الدم، مع ظهور بعض تأثيرات الإجهاد والتعب عليه)، حيث أن محاولة مقاومة أعضاء الجسم لحالات التوتر تقل بشكل تدريجي إلى المستوى  الطبيعي ومن الممكن أن يكون هناك بعض حالات من الصدمة مثل: صدمة الدوران.
  • المرحلة المضادة للصدمة: عندما يتم توضيح حالات التهديد أو الضغط النفسي، يبدأ جسم الرياضيين في الاستجابة فيكون هذا عبارة عن حالة من حالات الإنذار، وأثناء هذه المرحلة يتم العمل على تنشيط عمل الجهاز العصبي التاجي أو عمل الجهاز العصبي الودي، ويتم إنتاج  الأدرينالين؛ ممّا ينتج عن ذلك ارتفاع في كتلة العضلات، وارتفاع في ضغط الدم، وذلك نتيجة لضيق الأوعية الدموية وعدم الانتظام في دقات القلب، وارتفاع نسبة الجلوكوز في الدم.

المرحلة الثانية:

ويطلق عليها مرحلة المقاومة، حيث أنه إذا تم استمرار حدوث المواقف الرياضية التي تسبب الضغط النفسي، فإن مرحلة الإنذار سوف يتبعها مرحلة أخرى وهذه المرحلة هي مرحلة المقاومة لهذه المواقف، وتتضمن هذه المرحلة مجموعة من الأعراض الجسدية التي تحدث بسبب التعرض الدائم للمنبهات والمواقف الرياضية التي تسبب الضغط النفسي، والتي يكون فيها الرياضيين قد تمكنوا من اكتساب الطاقة في التكيف معها.

وتُعدّ هذه المرحلة مهمة في أعراض التكيف أو الأغراض السيكوسوماتية، ويحدث هذا خاصة في حال عجز قدرة الرياضيين على القيام بمواجهة المواقف الرياضية من خلال ردود الأفعال التكيفية، ويؤدي تعرض الرياضيين الدائم للضغوط النفسية إلى حدوث اضطرابات في التوازن الذاتي؛ ممّا يؤدي إلى المزيد من إفراز الهرمونات التي تسبب الاضطرابات النفسية، وتتضمن هذه  المرحلة ارتفاع في إفرازات الجلايكورتيكويد؛ وهي التي تساعد في تحسين الاستجابات الرياضية النظامية مع تحسين نسبة  الجلوكوز وزيادة الدهون والأحماض الأمينية أو كمية البروتين في الدم، وزيادة على ذلك فإنها تؤدي إلى تقليل نسبة كريات الدم اللمفاوية من خلال الجرعات المرتفعة.

المرحلة الثالثة:

في هذه المرحلة يمر جسم الرياضيين  بمرحتلين، وهما؛ مرحلة التعافي أو مرحلة الإرهاق:

  • مرحلة التعافي: تحدث هذه المرحلة عندما تنجح أدوات النظام الرياضي في التغلب على مؤثرات الضغوطات النفسية، أو التخلص منها تماما بحيث تسببت بأي نوع من الضغط.
  • مرحلة الإرهاق: في هذه المرحلة جميع الموارد الرياضية الموجودة في الجسم تظهر، وتبدأ الأعراض العصبية الداخلية التي تصدر بشكل تلقائي في الظهور مثل: (حالة التعرق، وحالة ارتفاع في معدل ضربات القلب، وارتفاع سكر الدم)، ويعتبر استمرارية عمل الجسم الرياضي في هذه المرحلة من الممكن أن يتسبب له بالضرر على المدى البعيد، وإن النتائج تعمل على تضييق الأوعية الدموية خلال نقص عمليات التروية لمدة طويلة ممّا يؤدي إلى نخر الخلية، وبالتالي يؤدي إلى انهيار في جهاز المناعة لدى الرياضيين.

المصدر: علم النفس الرياضي،د.عبدالستار جبار الضمد،الطبعة الأولى.علم النفس الرياضي،أسامة كامل راتب،الطبعة الأولى.علم النفس الرياضي،كامل لويس،الطبعة الأولى.علم النفس الرياضي،أ.م.د حسين عبدالزهرة عبدأليمه،الطبعة الأولى.


شارك المقالة: