الصفة الخلقية في الحديث

اقرأ في هذا المقال


لقد كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم صاحب خَلْقٍ جميل، تامٍ كاملٍ كمال البشرية، مصطفاً من البشرية لصفاته وأخلاقه، صادق أمين قبل البعثة وبعدها، فيه تمام الأخلاق مع بعثته، بعيداً عن أن يُكذَّب من النّاس، لتُضفي صفة خَلْقه من الوقار الكبير ما لم يكن لغيره، ملفت للانتباه عند من حوله، تتبع الصّحابة رضوان الله عليهم كل شي منه، حتى رووا الأحاديث الكثيرة عن صفة خَلْقِه عليه السّلام ما لانت به أفئدتهم ورقّت قلوبهم، فكانت كل صفاته عليه السّلام تُنقشُ في قلوبهم وعقولهم، فيقلدونه عليه الصّلاة والسّلام حتى في صفاته الخَلْقِيَّة، فماهي الصفة الخَلْقِيَّة؟ وهل تعتبر من الحديث أمْ من السنّة؟.

مفهوم الصفة الخَلْقِيَّة في الحديث

لقد كان لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم من الصفات الأخلاقية والخلقِيَّة، ما ميزته عن غيره، أمّا الخُلُقِيّة فهي ما كانت من أخلاقه عليه الصّلاة والسّلام كالكرم والشجاعة والجود وغيرها، أمّا موضوعنا وهي الصِفَة الخَلْقِيّة فهي في خَلْق النّبي وما نقل الصّحابة عنه من صفات كطوله عليه الصّلاة والسّلام، وعينيه وشعره ووجهه وعرقه وغيرها من وصفٍ لما كان عليه نبينا محمّد خير الأنام.

مصدر معرفة الصّفات الخَلقيّة

إنّ معرفة الصفات الخَلْقيَّة لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم نعرفها من الرواية عن الصّحابة الكرام الّذين خالطوا النّبي، ونقلوها برؤيتهم له فلا نأخذها من من لم يرى النّبي صلّى الله عليه وسلم، فقد روى الصّحابة الكرام عنه صفات خَلْقِيّة كثيرة، وذلك للرؤية المصاحبة لحُبّهم وتركيزهم مع نبي الرحمة.

هل الصفة الخَلْقِيّة من السنّة

نعلم أن السنه المأخوذة من الحديث ما كانت بكل شي صدر عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ويكون بدائرة التقليد والقدرة على اتّباعه صلّى الله عليه وسلّم بذلك، أمّا صفة خلْقِ النّبي عليه السّلام فلا يستطيع المسلم مثلاً أن يجعل لون بشرته أو شعرة كما كانت فيه، لذلك فإنّ الصفة الخَلْقِيّة للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لا تعتبر من قبيل السنّة النّبوية التي هي مدارها التشريع والاتّباع، وهي جزء من الحديث النّبويّ عند أهل الحديث والمحدّثين.

من صفات نبيّنا الخَلقيّة

لقد أوردت كتب الحديث كثيراً من الأحاديث الّتي دلّت على الصفات الخَلْقِيّة لسيدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم نذكر منها:

1ـ ما ورد في وجه النّبي صلّى الله عليه وسلم كوجهه وطوله، كحديث البراء عندما قال:( كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أحسن النّاس وجهاً وأحسنُهم خَلْقاً، ليس بالطويل الذّاهب ولا بالقصير)).

2ـ ما ورد في صفة شعره عليه السّلام، ومن ذلك حديث أنس بن مالك خادم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم عندما سئل كيف كان شعر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ فقال:( كان شَعَراً رَجِلاً ليس بالجَعد ولا السّبط بين أذنيه وعاتقه)، أي أنّه لم يكن مرسلاً طويلاً ولا ملتفٌ مُجَعّد.

3ـ ما ورد في صفة فم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وعينه وعَقِبِه، ومن ذلك حديث جابر بن سمرة قال:( كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ضَليع الفَمِ أشكَل العينِ منهوسَ العقِبَيْن)، فأمّا ضليع العين من عظمتها وكبرها، وأمّا أشكل العينين بأنّه عليه الصّلاة والسّلام شق عينه ممتداً طويلاً، وأمّا منهوس العقِبَيْن فقلة اللحم في عقِبيه.

4ـ ما ورد في صفة شَيْبة النّبي صلّى الله عليه وسلم، ومن ذلك: حديث أنس بن مالك عندما سئل عن شيب النّبي عليه الصّلاة والسّلام هل بلغ الخِضاب؟ فقال:(لم يبلغ الخِضاب فقد كان في لحيته شعيرات بيض)، فلم يكن في شعره أو لحيته ما يغلب لون الشيب على لونه الحقيقي.

5ـ ما ورد عن رائحة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، ومن ذلك حديث جابربن سمرة قال:( صلّيت مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم صلاة الأولى، ثم خرج إلى أهله، وخرجت معه فاستقبله وِلْدانٌ فجعل يمسح خدّا أحدهم واحداً واحداً، قال: وأمّا أنا فمسح خدّي، قال: فوجدت لِيَدِه بَرْداً أو ريحاً كأنّما أخرجها من جؤنة عطّار)، والجؤنة هي الوعاء الّذي يضع فيه صاحب العطر عطره.

6ـ ما ورد في طيب عَرَقِه صلّى الله عليه وسلّم، ومن ذلك حديث أنس عندما دخل على بيت أم سليم، وعندهم عَرِقَ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فجاءت بإناء فجمعت عرِق النّبي صلّى الله عليه وسلّم فيه فقال:(( يا أم سليم ماهذا الّذي تصنعين))؟، فقالت: هذا عَرَقُك نجعله في طيبنا وهو من أطيب الطيب.

7ـ باب ما ورد في الأوقات التي يعرق فيها النّبي صلّى الله عليه وسلّم، ومن هذه الأوقات البرد ونزول الوحي، ومن ذلك ما ورد في حديث عائشة بنت أبي بكر الصدّيق رضي الله عنها قالت:( إن كان لَيُنْزَل على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في الغداة الباردة، ثم تفيض جبهته عرقاً).

وغير ذلك من الأحاديث ما دلت على قوام خِلْقَة النّبي عليه السّلام، أجمل الأنام، أشرف الأنبياء، وما جاء برسالة رسالات الختام، فعليك صلاة ربي وسلامه يارسول الله.

المصدر: مباحث في علوم القرآن لمناع القطانأخلاق النبي وآدابه لأبي محمد الأصفهانيصحيح مسلم للإمام مسلم


شارك المقالة: