أشعار مسلم بن الوليد في المدح

اقرأ في هذا المقال


حياة مسلم بن الوليد:

هو مسلم بن الوليد الانصاري، وكان يلقب بصريع الغواني بسبب بيت قتله، وقد نظم الشعر وهو صبي، فقد كان يمزج في شعره بين كلام البدو وكلام الحضر، كما كان شعره يمتاز بالمعاني العذبة والألفاظ اللطيفة، وقد مدح الحكام ومنهم: يزيد بن مزيد، داود بن مزيد المهلبي، البرامكة، وأيضاً ولي العهد المأمون جرجان.

أشعار مسلم بن الوليد في المدح:

يظهر في شعر مسلم بن الوليد المعاني اللطيفة والمعاني الظريفة وقلة جزالة البدويين ورقة الحضريين، وهذا نموذج في مدح الخليفة يزيد بن مسلم الحنفي التي تظهر جمال المعاني ورقه الألفاظ في شعر مسلم بن الوليد، وفي هذه القصيدة تظهر في مواجهة العلم والحب، قائلاً:

فَمَن لامَني في اللَهوِ أَو لامَ في النَدى
أَبا حَسَنٍ زَيدَ النَدى

فَهوَ أَلوَمُ لَعَمري لَقَد بَذَّ الكِرامُ فَما لَهُ
نَظيرٌ إِذا عُدَّ الأَكارِمُ

يُعلَمُ لَئِن أَحرَزَ العَلياءَ زَيدٌ فَقَبلَهُ
حَواها أَبو زَيدٍ أَخو الجودِ

مُسلِمُ وَما الناسُ إِلّا اِثنانِ فيهِ فَراغِبٌ
إِلَيهِ وَمَجهودُ الصَنيعَةِ

مُرغَمُ أَطَلَّت عَلى أَعدائِهِ وَعُفاتِهِ
مَخايِلُ وَدقٍ صَوبُها الماءُ

وَالدَمُ فَتىً لا تَرى كَفّاهُ لِلمالِ حُرمَةً
إِذا لَم يَكُن في كُلِّ يَومٍ

يُقَسَّمُ إِذا حَلَّ أَرضاً حَلَّها البائسُ وَالنَدى
فَأَيسَرَ ذو عِسرٍ

وَعَزَّ مُهَضَّمُ وَلَم تَرَ قَوماً حارَبوهُ فَأَدرَكوا
نَجاةً وَلا قَوماً

رَجَوهُ فَأَعدَموا وَما مَرَّ يَومٌ قَطُّ إِلّا جَرَت بِهِ
عَلى الناسِ مِن كَفَّيهِ بُؤسى وَأَنعُمُ

وايضاً مدحه في مواضع أخرى، قائلاً:

وَلَو أَنَّ في كِبدِ السَماءِ فَضيلَةً
لَسَما لَها زَيدُ الجَوادُ فَنالا

باقٍ عَلى حَدَثِ الزَمانِ كَأَنَّهُ
ذو رَونَقٍ عَضبٌ أَجيدَ صِقالا

تَلقاهُ في الحَربِ العَوانِ مُشَمِّرًا
كَاللَيثِ يَجمَعُ حَولَهُ أَشبالا

حَزِنَت بِلادُ الفُرسِ ثُمَّتَ أَعوَلَت
شَوقًا إِلَيهِ بَعدَهُ إِعوالا وَتَرَحَّلَت

مَعَهُ المَكارِمُ كُلُّها
لَمّا أَجَدَّ فَأَزمَعَ التَرحالا يا زَيدَ آلِ يَزيدَ

ذِكرُكَ سُؤدَدٌ
باقٍ وَقُربُكَ يَطرُدُ الأَمحالا ما مِن فَتىً إِلّا

وَأَنتَ تَطولُهُ شَرَفًا
وَإِن عَزَّ الرِجالُ فَطالا فَحاتُ كَفِّكَ

يا ذُؤابَةَ وائِلٍ تَرَكَت
عَلَيكَ الراغِبينَ عِيالا

وأيضاً مدح يزيد بن مزيد الشيباني، قائلاً:

أُجرِرتُ حَبلَ خَليعٍ في الصِبا غَزِلِ
وَشَمَّرَت هِمَمُ العُذّالِ في العَذَلِ

هاجَ البُكاءُ عَلى العَينِ الطَموحِ هَوَىً
مُفَرَّقٌ بَينَ تَوديعٍ وَمُحتَمَلِ

كَيفَ السُلُوُّ لِقَلبٍ راحَ مُختَبَلًا
يَهذي بِصاحِبِ قَلبٍ غَيرَ مُختَبَلِ

وأيضاً قال في قصيدة مدح فيها الخليفة هارون الرشيد، قائلاً:

وعلى عدوك يا بن عم محمد
فإذهب لشأنك ليش الجهل من شاني

إن التي كنت أنحو قصد شرتها
أغطت رضى وأطاعت بعد عصيان

حسبي بما أدت الأيام تجربة
سعى علي بكأسيها الجديدان

دلت على عيبها الدنيا وصدقها
ما استرجع الدهر مما كان أغطاني

إما تريني أزجي العيس منتظراً
وعد المنى أرتعي في غير أوطاني

فقد اروح نديم الدهر يمزج لي
كاس الهوى ويحيني بريحان

سائل جديد الصبا هل كنت أخلقه
إذ للصبا مهجةٌ تمشي بجثماني

أيام للعذل إكثار ومصية
والرج تسرع في عقلي وأحزاني

لا أوحش الخدر من شخثي وبيصته
ولا أوحد بالصهباء ندماني

وليلة ما يكاد النجم يسهرها
سامرتها بقتول الدل مقتان

حاشا لعيني أن تفنى دموعهما
على هوى نازح أو نأي جيران

ما كنت أدخر الشكوى لحادثةٍ
حتى ابتلى الدهر أسراري فأشكاني

إلى الأمام تهادانا بألرحلنا
خلق من الريح في أشباح ظلمان

كان إفلاتها والفجر يأخذها
إفلات صادرة عن قوس حسبان

نستودع الليل أسرار المهموم إذا
باح النعاس بعجز الصاحب الواني

تهوى بأشعث لو يسطيع أغقبها
تفري مجاهل غيطان لغيطان

قضت على الليل بالإدلاج همته
فقده بسؤور الليل مذعان

تلوك الصبح فيه ثم قوضه
وارتد وجه النهار الفاقع القاني

ينساب في الليل لا يزعى لهاجسه
كأنه راكب في رأس تعبان

لم يغمد السيف مذ نيظت حمائله
يوماً ولا سله إلا على جان

المصدر: كتاب " في الشعر العباسي" للمؤلف يوسف خليفكتاب " شعراء النزعة الشعبية في العصر العباسي " إعداد أحمد الحسينكتاب " الأدب العربي وتاريخه في العصر العباسي " تأليف محمود مصطفى


شارك المقالة: