التغيرات الثقافية والتنازعات في الحركات الاجتماعية

اقرأ في هذا المقال


إن للحركات الاجتماعية ردود فعل أيضاً حيال التحوّلات التي تطرأ على منظومة القيم والثقافة في العموم، حيث أن التحوّلات الثقافية متصلة بالحركات الاجتماعية، والنظر بالأخص إلى مصطلح العام والخاص، وتنامي الثقافات المضادة التي تتبناها الحركات.

التحولات الثقافية في الحركات الاجتماعية

ساهم التوسع في دور الدولة في القدم في تعديل الحدود التي تفصل ما هو عام عما هو خاص، فقد تدخلت الدولة بتواتر متزايد في مجالات تتصل بالحياة الخاصة، على وجه الخصوص، من خلال تقديم الخدمات الاجتماعية وتحركات الهيئات والجهات المعنية بالرفاه.

حيث أن الصورة الأساسية للدعم الذي تقدمه الدول لأفراد المجتمع جاء مصحوباً بمزيد من الهيمنة على جوانب الحياة التي كانت متروكة فيما سبق للفاعلين الاجتماعيين لينظموها ذاتياً، ومن الأمثلة الدالة على ذلك ما أحدثه توسيع مظلة الخدمات الصحية العامة من إقرار لتوحيد الوسائل العلاجية والتعامل مع الأحداث الفاصلة في خبرات الأفراد، كالأمومة مثلاً، وما تبع ذلك من نزوع نحو التغيّر إلى البيروقراطية وإلباس ميدان الحياة الخاصة ثوب العقلانية الرشيدة وإخضاعه لقواعدها.

وهكذا باتت قضية وضع معايير لتعين ما يعد طبيعياً وما يعد انحرافاً في مناح كانت متروكة في السابق لتنظيم مؤسسات أخرى، مادة للتدخل العام، ومن ثم نشأت الفرضيات المؤيدة لتصاعد تنازعات جديدة، أبطالها هم مجموعات اجتماعية جديدة، كالمهنيين ومستخدمين الخدمات الاجتماعية، أو المديرين المسؤولين عن إدارة هيئات عامة وتنسيقها.

الفرق بين العام والخاص في المجتمعات الصناعية

من الملاحظ أن هناك فرقاً واضحاً نسبياً بين ما هو عام وما هو خاص في المجتمعات الصناعية، مما سمح لأفرادها بتعريف حقوق المواطنة باعتبارها مزيجاً مركباً من الفرص المدنية، المتصلة مثلاً بحرية الرأي، والفرص السياسية المتصلة بحق التصويت على سبيل المثال، والمزيا الاجتماعية المتصلة بالحصول على أدنى مستويات الرفاه والتعليم، دون أي قيود إضافية.

وقد اتصلت تلك الحقوق في واقع الموضوع، بالمواطن بمفهومه العام، أي المواطن الذكر البالغ ذا الأصول الغربية، كما جرت العادة، وانطوت حملات التعبئة الرامية إلى تكبير نطاق حقوق المواطنة على إعطاء جملة الاستحقاقات نفسها إلى المجموعات الاجتماعية التي لطالما كانت مستبعدة منها في السابق، الأميين وغير الموسرين.

المصدر: أصول البحث الاجتماعي، عبد الباسط حسن.علم الاجتماع الريفي، غريب سيد أحمد.محاضرات في تصميم البحوث، محمد سعيد فرح.مناهج البحث العملي، محمد الجوهري.


شارك المقالة: