اقرأ في هذا المقال
- استثمار أموال الزكاة من قبل مالك المال أو وكيله
- استثمار أموال الزكاة من قبل الإمام أو نائبه
- ضوابط استثمار أموال الزكاة
أوجب الله تعالى الزكاة على المسلمين، فيما لديهم من مالٍ نامٍ، استوفى الشروط اللازمة لوجوب الزكاة، وقد يتم استغلال أموال الزكاة لاستثمارها، من قبل مالك المال، أو الإمام الحاكم في البلد، وهذا أمرٌ يجب معرفة ما يتعلّق به من أحكام؛ للعمل به على وجه مشروع، فما هي أحكام استثمار أموال الزكاة؟
استثمار أموال الزكاة من قبل مالك المال أو وكيله:
وهناك عدّة مسائل يجب الحديث عنها، لبيان الأحكام التي يجب الأخذ بها، عند إقبال مالك المال الذي وجبت فيه الزكاة على استثمار ما لديه من مال، سواء من قبله أو من قبل وكيله، وهذه المسائل هي:
حكم تأخير إخراج زكاة المال بحجة استثماره:
يترتّب على القيام باستثمار أموال الزكاة، تأخير إخراج ما يُفرض على المال من زكاة في الوقت اللازم، وهذا من المسائل التي اختلف فيها الفقهاء لكن تمّ ترجيح الرأي الذي يقول بوجوب إخراج زكاة المال في الوقت المحدد، وعدم التأخير إلّا بوجود عذر شرعي مقبول.
وذكر جمهور الفقهاء عدّة أدلّة تُؤيّد صحة هذا الرأي، وهي ورود نصوص في القرآن الكريم تأمر بأداء الزكاة، وأخذ الفقهاء هذا الأمر على وجه الإطلاق، حيث أنّ الإطلاق في حكم الزكاة يتطلّب إخراجها في وقتها المفروض، كما أنّ الزكاة فريضة أوجبها الله تعالى؛ بسبب حاجة الفقراء، وهذا أمراً ناجزاً يتطلّب الوجوب، والزكاة من العبادات التي تتكرر، ولا يجوز تأخيرها لوقت وجوب الزكاة التالية.
حكم استثمار أموال الزكاة من قبل المالك:
بناءً على أحكام تأخير الإخراج، يتبيّن بأنّ استثمار أموال الزكاة من قبل المالك أمر غير جائز، وذلك يعود للأسباب التالية:
- يحتاج الاستثمار لفترات زمنية طويلة، الأمر الذي يُجبر صاحب المال المكلّف في الزكاة على التأخير، ولا يجوز التأخير في إخراج الزكاة المترتّبة على المال.
- إن وقعت الخسارة بعد الاستثمار، فإنّ المالك يتحمل هذه الخسارة، ويُصبح غير قادر على أداء الزكاة التي وجبت في ماله.
- وقد يُحقق مالك المال الربح الكثير بعد استثمار الأموال، وهذا من الأسباب التي توقع صاحب المال بالطمع، وعدم القيام بتأدية ما عليه من زكاة بسبب جشعه.
حكم استثمار أموال الزكاة من قبل الوكيل:
بما أنّ الوكيل على المال يأخذ حكم صاحب المال في إخراج الزكاة، فينطبق عليه حكم صاحب المال في استثمار أموال الزكاة، فاستثمار أموال الزكاة من قبل المالك غير جائز، وعليه لا يجوز للوكيل عنه أن يقوم باستثمار أموال الزكاة؛ بسبب وجوب الزكاة فيها، وتعلّق حق الفقراء والمساكين بالمال.
وقد يكون الوكيل على المال سخص معيّن، أو جهة معيّنة مثل المؤسسات أو الشركات وغيرها، وجميعها ينطبق عليها حكم مالك المال في استثمار أموال الزكاة، لكن تختص الشركات أو المؤسسات الوكيلة على المال في أحكام أخرى، فيما يتعلّق باستثمار أموال الزكاة في بعض الأحيان، مثل تكليف هذه الشركات بالقيام بذلك من قبل الإمام أو نائبه.
استثمار أموال الزكاة من قبل الإمام أو نائبه:
إنّ مشروعية قيام الإمام بجباية أموال الزكاة، وجمعها أمرٌ اتّفق عليه الفقهاء، ففيه تبرئة لذمم المسلمين من الزكاة المفروضة في أموالهم، لكن كان هناك اختلافات بين الفقهاء في أحكام استثمار الزكاة من قبل الإمام أو نائبه، وكان في ذلك عدة أقوال، فمنهم مَن قال بجواز استثمار أموال الزكاة، ومنهم مَن قال بعدم جواز استثمار أموال الزكاة.
والرأي الراجح في حكم استثمار أموال الزكاة، هو أنّ الأصل إعطاء المستحقين حقوقهم من هذه الأموال، سواء من صاحب المال، أو من قبل الإمام، ومع ذلك لا خلاف هنا في استثمار أموال الزكاة، إذا كان في ذلك منفعة لمستحقيها، ورأى الإمام أنّ هناك حاجة للقيام بهذا الأمر، لكن باتّباع ضوابط شرعية خاصة، لضمان تحقق المصلحة من استثمار أموال الزكاة، وعدم وقوع الضرر نتيجة لاستثمار أموال الزكاة.
ورجّح علماء الفقه المعاصرون جواز القيام باستثمار أموال الزكاة، بناءً على قوة الأدلّة التي استدلّ بها أصحاب الرأي الذي قال بجواز الاستثمار، كما أنّه من صلاحيات الإمام القيام بذلك، إذا دعت الحاجة وكان فيه تحقيق لمصالح الناس، ومن الأمور التي دعت لمثل هذه الحاجات قلّة أموال الزكاة في بعض الأحيان، وكثرة المصارف التي تستحق أموال الزكاة، وبالاستثمار يتم تحقيق الكفاية وتغطية جميع المصارف المستحقة.
ضوابط استثمار أموال الزكاة:
- عدم وجود مصارف تستحق أموال الزكاة بشكل فوري، بسبب الحاجة ووقوع الظروف الطارئة.
- اتّباع طرق استثمارية مباحة، لاستثمار أموال الزكاة.
- اتّخاذ الإجراءات اللازمة، لتفادي الوقوع في أخطار الاستثمار، للمحافظة على أصول أموال الزكاة بقدر الإمكان.
- متابعة السيولة في أموال الزكاة المستثمرة، لتغطية حاجات المصارف التي تستحق أموال الزكاة فوراً، إذا حصلت الحاجة لذلك.
- تسليم أموال الزكاة لمَن لديهم الخبرة والكفاءة في الاستثمار والعمل، والأمانة على الأموال، ممَن عرفهم الإمام، لتطبيق النيابة الشرعية في استثمار أموال الزكاة.