اقرأ في هذا المقال
- طرق التدريس
- أسلوب طرح الأسئلة
- التعلم عن طريق البحث والجمع
- عصف الدماغ
- المناقشة والحوار
- ضرب الأمثلة وتقريب المعلومة إلى ذهن المتلقي
إن أصول الفقه وتدريسهُ في العربية جاءت من الفطنة والذكاء، والفعل منه فَقِهَ، حسب ما اصطلح عليه فقهاء أهل اللغة، واختُلِفَ في تعريف الفقه بين فقهاء السَّلف فاعتمد الجمهور تعريفهُ على أنَّه: “العلم بالأحكام المُستفادة عن طريق الاجتهاد والاستنباط”، والفقه في أصله هو الاجتهاد في استنباط الأحكام الشَّرعية ويعتمد الفقه في أدلته في المرتبة الأولى على كتاب الله تعالى وفي المرتبة الثانية السنة الشَّريفة يليها الإجماع والقياس والاستدلال، والتَّفقه في الدِّين والعلم فيه هو من أولى أولويَّات المسلم لقوله تعالى في سورة التوبة: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً ۚ فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}صدق الله العظيم، وقد مال الكثير من العلماء إلى اعتبار الفقه رأس العلوم وأحسنها، وبذلك كان لا بدَّ من الوقوف على أهمِّ الطرائق المُتَّبعة في تدريس الفقه الإسلاميِّ وتيسيره، وسيكون ذلك فيما يأتي.
طرق التدريس:
إنَّ طلب العلم هو أشرف ما يفعله المُسلمُ في حياته إذ بذلك يسعى إلى تطبيق أوامر النبي -عليه الصلاة والسلام- من حثهِ على طلب العلم، ولا بدَّ لمبتغيه أن يعلم أنَّ العلم هو إرث الأنبياء وهو الفضيلة الأولى التي يُغبط عليها المرء في الحياة الدُّنيا، ويكون بذلك سبيلًا للمسلم إلى جنةٍ عرضها السموات والأرض، عدا عن شهادته -عليه الصلاة والسلام- في طالبي العلم، وقد روي في ذلك عن الصَّحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان: “سَمِعْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: مَن يُرِدِ الله به خَيْرًا يُفَقِّهْهُ في الدِّينِ، وإنَّما أنا قاسِمٌ واللَّهُ يُعْطِي، ولَنْ تَزالَ هذِه الأُمَّةُ قائِمَةً علَى أمْرِ اللَّهِ، لا يَضُرُّهُمْ مَن خالَفَهُمْ، حتَّى يَأْتِيَ أمْرُ الله.” فبه يرتفع المسلم في الدَّار الدُّنيا والآخرة، عدا عن فضلِ العلمِ الشَّرعي عمَّا سواه، ورأس العلوم الشَّرعية هو الفقه الذي لا بدَّ من الوقوف على أساليب تدريسه؛ حتى يستطيع كلُّ معلّمٍ أن يكون على اطلاعٍ بمُحدَثات العصر والحياة في التعليم، وفيما يأتي سيكونُ تفصيلٌ لكلِّ أسلوبٍ من الأساليب.
أسلوب طرح الأسئلة:
وأمَّا أسلوب طرح الأسئلة فهو من الأساليب المرغوبة في تدريس الفقه الإسلاميِّ؛ وذلك لما له من أثرٍ كبيرٍ في لفت انتباه المُتلقّي وتشويقه إلى معرفة ما يجهله، فيستطيع المُدرِّس بهذه الطَّريقة أن يطرح السؤال على طلابه بحيث يُثير لديهم الرّّغبة بمعرفة ما يُخبئه لهم من المعلومات، وتُعد هذه الطَّريقة من أهمِّ الطَّرائق المُستقاة من السُّنة النَّبوية الشَّريفة عندما استعملها -عليه الصلاة والسلام- في تعليم أصحابه وقد ورد في ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم- في جوابه عن أبواب الخير: “ألا أدلك على أبواب الخير : الصوم جنة، والصدقة تطفيء الخطيئة، كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجلُ من جوف الليل”، وبذلك يكون عنصر التشويق حاصلًا بشكل كبيرٍ عند المُتلقي.
التعلم عن طريق البحث والجمع:
وإنّ عملية البحث عن المعلومات وجمعها و ترتيبها ومن ثمَّ إرسالها إلى المُدرِّس، ويكون دور المُدرِّس في هذه المرحلة هو استعراض المعلومات كلها أمام الجميع وشرح ما صَعُب منها حتى يكون جميع الطُّلاب على سويّةِ فهمٍ واحدة، ولا بدَّ من الانتباه بشكلٍ كبيرٍ إلى المراجع التي استخدمها الطُّلاب في أبحاثهم، وتنبيههم إلى أنَّ العلم الشَّرعيًّ لا يُستقى من أيِّ مكان، وخاصة بالنسبة لشبكات الإنترنت التي بات نشر المعلومات عليها من أسهل ما يكون دون التَّأكد من المصادر، وبذلك تكون المفسدة أكبر من الفائدة المُبتغاة.
عصف الدماغ:
هو جمع المعلومات وهي من أهمِّ العمليات المتميزه في تدريس المسائل الفقهية التي تُطرح على الطُّلاب من قبل المعلم، إذ يُشترط في طريقة عصف الدّماغ ألَّا يتمّ نقد الأفكار بل يُستمع من الجميع إلى الأجوبة وتُناقش بطريقة منطقيَّة بناءً على المعلومات الأوَّلية وهكذا حتَّى يتمّ الوصول إلى الجواب النّهائي، ولا بدَّ في هذه الطَّريقة من اللجوء إلى تعزيز الإجابات الصَّحيحة وتمليك الطُّلاب العديد من المهارات المطلوبة كاحترام الآخرين والقدرة على توجيه العقل نحو التَّفكير السَّليم، وترجيح الصحيح على غيره.
المناقشة والحوار:
إنَّ مادة الفقه الإسلامي من أهمِّ المواد التي لا بدَّ من كسر الجمود فيها؛ حتى يستطيع المُتعلِّم أن يصل إلى ذروة المعلومات المطلوب منه تعلُّمها دون تسلل الملل والسأم إليه، ولا بدَّ في هذه الحالة من ابتعاد المُعلم الفطن عن أسلوب التَّلقين والإلقاء وميله إلى أسلوب المُناقشة وإشراك المُتعلِّم في العملية التَّعليمية بحيث يكون فاعلًا فيها لا عضوًا سلبيًّا، ولا يُشترط أن يكون النّقاش فقط بين المُعلم والمُتعلم بل من الممكن أن يحصل النِّقاشُ بين مجموعة المُتعلّمين ومن ثم تقديم تلك المُناقشات للمُدرِّس، وبذلك تزداد ثقة المتعلم بنفسه وقدرته على استقراء واستنتاج المعلومات.
ضرب الأمثلة وتقريب المعلومة إلى ذهن المتلقي:
و أسلوب عرض المسألة الفقهية أو الفكرة المُرادة على شكل ضرب الأمثلة فهي من أهم الوسائل النَّاجعة في تدريس علوم الفقه، ولا بدَّ في هذه الطَّريقة من مراعاة الفئة العمرية التي يتعامل معها المُعلم، فلو كانت الفئة صغيرة فإنَّه سيطرح أمثلة قريبةً من أعمارهم يستطيعون استيعابها، ويُفضَّل ألّا يعرض إلّا قولًا واحدًا في المسألة، وكلما ازداد عمر الفئة المتلقية يستطيع أن يشعّب الأمثلة وأقوال الفقهاء بالمقابل، ولا بدَّ من مراعاة طرح الأمثلة المُناسبة للعمر والعصر والدَّرس، فلا يكون حديث المُعلِّم عن الصلاة وأحكامها ومن ثم يضرب مثالًا عن الجهاد وأنواعه وأحكامه، وفي ذلك تبيينٌ وإيضاحٌ لأهم الأساليب المُتَّبعة في تدريس الفقه الإسلامي لمختلف الفئات العمرية، والله في ذلك جميعه هو أعلى وأعلم.