المهر: هو ما يدفعه الزَّوج لزوجته بعقد الزواج سواء كان معجلاً أو مؤجلاً. والمهر دليل إكرام الله تعالى للمرأة؛ حيث جعل هذا المهر حقّاً مفروضاً على الزوج وألزمه الدين الإسلامي بدفعه لها بالمعروف.
ينقسم المهر من حيث استحقاق المرأة له إلى عدة أقسام: المهر المُسمى ومهر المثل، مهر التفويض. وسنتعرف في هذا المقال على واحد منهما:
المهر المُسمَّى:
المهر المُسمّى، وهو الذي يُتَّفق عليه بين الزوجين أو وليهما، سواء ذُكر في العقد أو لم يذكر، وسواء كان الاتفاق عليه قبل العقد أو عنده أو بعده، فإنه إذا حصل الاتفاق بينهما على مقدار معين كالمهر، ثبت استحقاق المرأة له بكامله بعد الدخول، أما إذا طلقها قبل الدخول فإنها تستحقُّ نصف المهر المُتَّفق عليهِ، إلَّا أن تتنازل عنه الزوجة، أو يتنازل عنه وليّها، فيجب أن يراعي مصلحتها في أصل العفو ومقداره. ويجب على الزوج تسليم المهر، وهو مضمون عليه حتى يسلّمه، فلو تلف قبل تسليمه ولو من دون تَعدٍّ ولا تفريط كان ضامنا له. وإذا كان المهر حالاً غير مؤجل، فللزوجة لها الحق أن تمتنع عن أداء واجباتها الزوجية حتى تستلمه. لكنها لو رضيت بدخول الزوج بها قبل الاستلام لم يجزلها الامتناع بعد ذلك.
وإذ كان قسم من المهر معجلاً والباقي مؤجلاً، فلها الامتناع إذا لم تستلم القسم المعجل، فإذا أخذته فعليها القيام بواجبها الزوجي، وكذلك لو كان المهر كله مؤجلاً فإن عليها الاستجابة له كزوجة، حتى وإن لم تقبض المهر بعد؛ لأنها رضيت بالتأجيل، ولو أخره عن المدة المُحدَّدة. وتملك المرأة المهر المسمَّى بالعقد، فلها التصرّف فيه، لكن ملكيتها لكامل المهر لا تستقر إلَّا بالدخول، فلو طلقها قبل الدخول فيجب عليها إرجاع نصف المهر.
والمقصود بالدخول الشرعي الذي تستحق به المرأة كل المهرهو: الممارسة الجنسية بالجماع، كما هو رأي أغلب فقهاء المالكية والشافعية، ولا تكفي الخلوة بينهما، بينما يرى الحنفية والحنابلة أن مجرد الخلوة التي ليس فيها ما يمنع من الوطء فهي كافيةٍ للمرأة باستحقاقها للمهر.
وإذا مات أحد الزوجين قبل الدخول فهناك طوائف مختلفة من الروايات سببت اختلاف رأي الفقهاء إلى ثلاثة أمور وهي:
1- أن المرأة تستحقّ تمام المهر المسمَّى لو ماتت هي أو مات هو قبل الدخول حسب رأي بعض الفقهاء. و هو رأي مذاهب أهل السنة.
2- أنها تستحق نصف المهر، وهو رأي بعض الفقهاء أيضاً كالسيد السيستاني.
3- لو مات الزوج استحقت كل المهر ولو ماتت الزوجة استحقت نصف المهر.
مهر المثل:
في جميع المجتمعات تتكون مراسيم الزواج من أعراف وتقاليد، وربما تكون لبعض الشرائح الاجتماعية خصوصيات معينة في تقاليد مراسيم الزواج.
فعلى صعيد تقدير المهر تختلف المجتمعات، في تحديد مقدار المهر سواء بكثرةٍ أو بقلةٍ.
وبناءً على ذلك فإنَّ المرأة التي يتمّ زواجها دون مهرٍ معين، فإنَّ الشرع يتوجب عليه الرُّجوع إلى العرف الاجتماعي لتحديد صداقها، حسب المتداول لأمثالها مع الوقوف لحال المرأة وصفاتها، وكل ماله دخل في العرف والعادة في ارتفاع المهر ونقصانه، فهو حمايةً وحفظاً لحقها.
ومن موارد الرجوع إلى العرف في تحديد المهرعدة أمور وهي:
1. إذا كان هناك إبهام أو تردُّد في تعيين المهر عند العقد، فمثلاً ذكر أن المهر عشرة آلاف في بلد تتداول فيه أكثر من عملة، ولم يحددها هل هي عشرة آلاف ريال أو دولار. فإنّ لم يتفقا بعد ذلك على عملة محددة، فالعقد صحيح لكن تحديد المهر يبطل، ويكون لها مع الدخول مهر المثل.
وكذلك لو كان المهر مردداً بين شيئين كأن تقول:”زوجتك نفسي على صداقٍ قدره عشرة الآف ريال أو قطعة أرض”. فإن الترديد هنا يبطل التحديد، فإن لم يتفقا على أحدهما، يرجعان إلى مهر المثل.
2- إذا جرى العقد دون ذكر المهر، أو صرّحت بعدم المهر، ولم يتراضيا بعد ذلك على مهر معين، فإن لها مع الدخول مهر المثل.
3. من أخذ امرأة بالغصب وأكرهها على الزنا فعليه مهر المثل، وإن طاوعته لم يجب عليه شيء لأنها بغي، وكذلك لو أزال بكارة امرأة غصباً ولو بغير الوطء فعليه لها مهر المثل.
4- إذا كان الوطء لشبهة بأن اشتبه الأمر على المرأة، فاعتقدته زوجها، أو تزوجها ودخل بها بعقد باطل مع جهلها بذلك كما إذا كان أخاً لها من الرضاعة أو غير ذلك من أسباب التحريم، فإنها تستحق مهر المثل وكذلك لو حصل الوطء في حالة سكر أو نوم. ولو كان الاشتباه من طرف الرجل، وهي كانت عالمة بالحال، لا تستحق شيئاً.
5-إذا عيّن مهرها بشيءٍ لايملكه المسلم شرعاً كالخمر مثلاً، فيكون المهر باطل، والعقد صحيح،وعليه مهر المثل.
ولو مات أحد الزوجين قبل الدخول والمهر غير مسمّى لم تستحق شيئاً من المهر عند فقهاء الشيعة، بينما رجح عدد من فقهاء السنة أن لها مهر المثل.
مهر التفويض:
ويكون مهر التفويض كالتالي: إذا فوضت المرأة الرجل في تقدير المهر وقالت:”زوجتك نفسي على ماتحكم به، أو على المهر الذي تقدره. وقال الرجل: “قبلت” كان مايقدره الرجل قليلاً أو كثيراً فهو الذي تستحقه المرأة فقط.
ولا يصح للرجل ان يقدّر مبلغاً قليلاً يحكم العرف بأن التفويض منصرف عنه. كما لو عيّن المهر عشرة ريالات مثلاً أو مئة ريال، أو حتى أكثر من ذلك، لكن دون سقف المتوقع.
أما إذا كان التفويض لجانب المرأة بأن تقول:” زوجتك نفسي على ما أحكم به أو أقرّره من المهر”. فقال الرجل: “قبلت”. فإن لها أن تقرر ماشاءت، لكن الأحوط وجوباً ألَّا تزيد على مهر السنة، وهو خمسمئة درهماً.