الأوقات المنهي عن الصَّلاة فيها

اقرأ في هذا المقال


الأوقات المنهيّ عن الصّلاة فيها، هي التي وَرَدَ النَّهي عن التنفُّل بالصّلاة فيها، وهي مكروهة كراهة تحريم، وهي بعد صلاة الفجر، وبعد أداء صلاة العصر، وعند طلوع الشمس حتّى يتكامل طلوعها، وعند استوائها حتى تزول، وعند الاصفرار حتى يتكامل غروبها، وأيضاً التنفّلُ وقت خُطبة الجمعة، وعند إقامة الصّلاة.
ويُستثنى من النّهي: ما كان لسببٍ مثل: تحية المسجدِ، وقضاء الفوائتِ من الصّلاة، كما يُستثنى أيضاً: التنفّل في المسجد الحرام، فإنهُ يصحُّ في أيّ ساعة من ليلٍ أو نهارٍ.

والدّليل على ذلك : عن عقبة بن عامر الجهنيّ- رضي الله عنه- قال: (( ثلاثُ ساعاتٍ كان رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ينهانا أن نُصلي فيهنّ، وأن نقبرَ فيهنّ موتانا: حين تطلعُ الشّمس بازغةً حتّى ترتفعَ، وحين يقومُ قائمُ الظّهيرةِ حتى تميلُ، وحينَ تضيفُ للغروب حتى تغرب)).

نوع الصلاة المنهي عنها

والنّهي شرعاً هو: طلب الكفِّ عن فعلٍ، مقابل الأمر.
وقد وردَ النّهي عن الصّلاة في أوقاتٍ مخصوصة، وهذا النّهي للكراهة، وهو محمولٌ على كراهة التّحريم.
فالنّهي الثابت بغير القطعي، المصروف عن مقتضاهُ، باحتمال التأويل؛ يفيد كراهة التّحريم في مقابل الفرض.
وكراهة التحريم في رتبة الواجب وكراهة التنزيه في رتبة المندوب.

التّعبد في النهي

الأصلُ في الصّلاة كغيرها من العبادات أنّها مطلوبة شرعاً، لكن المقصود من مشروعيتها: ليس مقصوراً على فعلها،
بل المقصود هو تحقيقُ معنى التَّعبدِ، وفق مراد المعبود سبحانهُ وتعالى، وقد يكون فيهِ معنى ابتلاء،
كقوله تعالى((  فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي ))” البقره 249″. فكما أنَّ الله تعالى جعل الصّلاةَ كتاباً موقوتا، أراد من عِبادهِ أن يؤدُّوها في وقتِها، ونهاهم عن تركِ العبادة في أوقاتٍ مخصوصة، لِيتحققَ في العبادة معنى الامتثال.

تعيينُ أوقات النّهي

وقت النّهي يكون من بعد صلاة الفجر إلى أن ترتفع الشّمسُ مقدار رمحٍ؛ وعند وجود الشّمس وسط السماء حتى تزول، ومن بعد صلاة العصر إلى أن يستكمل غروبُ الشمس.
هناكَ دليل من السّنة : عن ابن عبّاس رضي الله عنه، قال: (( شَهد عندي رجالٌ مرضيّون، وأرضاهم عندي عُمرُ: أنّ النبي صلى الله عليه وسلم- نهى عن الصلاةِ بعد الصّبح حتّى تُشرق الشّمس، وبعد العصر حتى تغرب)).
أيضاً هناك دليل من السّنة: عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلّم:
(( لا تحروا بصلاتكم طلوع الشّمس ولا غُروبها)).

الأوقات المنهيّ عن الصلاة فيها تتضمّن: “الأوقات الخمسة ” وهي قسمانِ:

  • الأول متعلّق بزمن: وهي عند طلوع الشّمس حتى يتكامل طلوعها، وعند الاستواء، وعند الاصفرار حتى يتكامل غروبها.
  • الثاني المتعلّق بالفعل: وهو بعد فعل صلاة الفجر، وبعد فعل صلاة العصر.
    ويشمل النهي أيضاً: التنفُّل وقت خطبة الجمعة، والتنفّل وقت إقامة الصلاة.

حكمة النهي عن الصّلاة في هذه الأوقات

للنّهي عن الصّلاة في هذه الأوقات حِكَمٌ منها:

  • وقتُ الزّوال؛ لأنَّ وقت الزّوال تُسجر جهنم، ويُوقد عليها أشدّ الإيقاد.
    فقد جاء في حديث عمرو بن عبسة رضي الله عنه، أنّ النبي صلى الله عليه وسلم، قال:((….ثم صلّ؛ فإنّ الصّلاة مشهودةٌ محضورةٌ، حتى يستقلّ الظلُّ بالرُّمح، ثم أقصرعن الصّلاة، فإنّهُ حينئذٍ تُسجر جهنّمُ)).
  • أمّا الحِكمَة من النّهي عن الصّلاة حينَ طلوع الشّمس وغروبها هي:
    _ البعد عن مُشابهة المشركين؛ فإنّهم يسجدون للشمس عند طلوعها وعند غروبها،
    فعن عمرو بن عبسة رضي الله عنه، أنّ النبي صلَّى اللهُ عليهِ وسلّم قال:(( صلّ الصبحَ، ثمَّ اقصر عن الصّلاة حتى تطلع الشّمس حتى ترتفع؛ فإنها تطلعُ بين قرني شيطان، وحينئذٍ يسجدُ لها الكفارُ )).
    _ولِكون الشّمس حينَ شروقها وغروبها تطلعُ وتغربُ بين قرني شيطان. فعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال:
    قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: (( لا تحرّوا بصلاتكم طلوع الشمسِ ولا غروبها، فإنّها تطلعُ بقرني شيطان)).
  • أيضاً سدّاً للذريعة التي تُوصل إلى المنهيّ عنه:
    فالأصل أنّ المنهيَّ عنهُ هو الصّلاة وقت الطلوع ووقت الغروب، ولكنَّ الشارعُ نهى عن الصّلاة أيضاً بعد صلاتي الفجر والعصر؛ سدّاً لذريعة استمرار المصلّي بالصلاة إلى وقت النهي.
  • من الحِكم المنهي عنها: إجمامُ النّفس، وأخذ وقتٍ لِراحتها حتى تُقبِلُ بعد انقضاء فترة النهي بنشاطٍ أكثر ورغبة متزايدة.
  • من الحِكم أيضاً: أنّ الشيء الدائم تسأمُ منهُ النفوس، وتملُّ وتضجر؛ فإذا نُهي عن بعض الأوقات زال ذلكَ المللُ.

شارك المقالة: